شربل داغر

إلى اليمين المتطرف، دُرْ

29 كانون الثاني 2024

02 : 00

نجاحات ترامب في الانتخابات التأهيلية للسباق الرئاسي الاميركي لا تُنبئ بالضرورة بحاصل ترشيحه، ولا بقرارات القضاء التي تلاحقه حتى حدود منعه من الترشح...

إلا أن تباشير الشتاء تؤكد ربيعاً سياسيا لليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأميركية كما في غيرها من ديمقراطيات غربية.

هذا ما تلوح تباشيره في فرنسا، وقبلها في إيطاليا، فضلاً عن أكثر من حكومة في «الاتحاد الأوروبي».

هذا ما ارتسمت معالمه كذلك في اسرائيل، وقبلها في دول مثل روسيا والهند وغيرها.

هذا ما يشير إلى موجات «عميقة» في التشكلات السياسية، ما يتعدى الإطار الوطني أو المحلي أو الضيق. وهو ما يَبعث على السؤال : قِيل في نهايات الألفية الثانية عن «أفق» أكيد وثابت للديمقراطية الليبرالية بوصفها المآل السياسي والأيديولوجي للأنظمة الخارجة من الديكتاتورية، أو للمتعثرة منها.

لا يحتاج المتابع إلى تحليل مستقل أو دقيق للتوصل إلى ما بات بديهياً في الأحوال السياسية الراهنة : انتكاسات الديمقراطية أكيدة في بلدانها، فيما تتأكد نزعات التطرف هنا وهناك، كما يظهر في حرب غزة، أو قبلها في عدوان روسيا على أوكرانيا.

ومن يتفحص أكثر في خريطة العلاقات الاستراتيجية للدول، لا سيما «الناهضة» منها، يتحقق من أن الخطاب الديمقراطي لم يعد الخط الفاصل بينها وبين غيرها. والإقبال على الانتساب إلى «الناتو» تراجعَ عما كان عليه، فيما تبرز قوة «البريكس» الناشئة دلالة على أن الأيديولوجيا لم تعد الجاذب أو المانع فيها.

لا نحتاج إلى دلالات مزيدة للتأكد من أن قوة الولايات المتحدة الأميركية لا تزال الأولى (على الرغم من تقدم الصين المتسارع)، إلا أن قدرتها تراجعتْ عما كانت عليه في تشكيل «تحالفات دولية» كما في السابق.

هذا يعني مخاضاً صعباً لا تتكشف بعدُ احتمالاته الممكنة، ما يعني أن «القوة»، «القوة العارية» كما يقال، باتت هي المحرك الوحيد والاداة في الصراعات.

يكفي أن نرى إلى ما تقوم به إدارة بوتين في أوكرانيا وغيرها، لكي نتأكد من أن سياستها التوسعية لا تعبأ بالقوانين والمواثيق الدولية، وإنما تطلب وحسب تحقيق حلم أمبراطوري ليس إلا، أشبه بعودة الشيخ إلى صباه.

وهو ما يسري على مواقف دول وأحزاب تؤيد التطلع الروسي الذي يعود بأحوال الدول إلى عهود بعيدة، كان يُقال فيها إنه «قانون الغاب»...

ولهذا فإن ما توفره أيضا «المحكمة الجنائية الدولية» من منصة تجريم لما تقوم به الحكومة الإسرائيلية منذ أكثر من ثلاثة شهور، لا يغطي أبدا تراجعَ الحق الدولي والاتفاقيات والمعاهدات والاعتبارات الأخلاقية في السياسة والصراع.

MISS 3