التآكل على القمر لا يشبه ما هو عليه على كوكب الأرض. يفتقر سطح القمر إلى غلاف جوي أو صفائح تكتونية، فيحتفظ ببقايا الحُفَر ويتغطى بالغبار الذي يحمل على الأرجح أدلة تشير إلى تاريخ مغناطيسي للقمر.
إكتشف فريق من العلماء للتو بعض الصخور المغطاة بالغبار والعاكسة على نحو غريب في منطقة قمرية معروفة أصلاً بخصائصها الغريبة: إنها الدوامة القمرية «راينر غاما».
هذه الدوامة هي عبارة عن رقعة مسطحة لا تلقي بظلالها على محيطها بل تلمع بشكلٍ ساطع وتخترق ظلمة سهلٍ قمري شاسع اسمه «أوقيانوس بروسيلاروم».
يقال إن الدوامات القمرية التي تشبه «راينر غاما» تنتجها جيوب من الصخور الممغنطة التي تُشتّت جزيئات الرياح الشمسية أو ترتبط بها على الأقل.
لكن تشير نظريات أخرى إلى احتمال نشوء الدوامات بسبب التفاعلات بين الاختلالات المغناطيسية في القشرة القمرية وجزيئات الغبار الرقيقة والمشحونة كهربائياً تحت تأثير نيازك صغيرة. أو ربما تشتق تلك الدوامات والحقول المغناطيسية من مواد تقذفها المذنبات.
لفهم حقيقة هذه التفاعلات، راجع عالِم الكواكب أوتافيانو روش وفريقه من جامعة «مونستر» الألمانية حوالى مليون صورة لصخور مشققة تدور حول القمر بعدما التقطتها مركبة الاستطلاع القمرية التابعة لوكالة «ناسا»، فرصدوا صخرة تعكس الضوء بطريقة تختلف عن أي صخور أخرى مغطاة بالغبار، بالقرب من دوامة «راينر غاما» في حفرة «راينر كي».
تلك الخصائص الغريبة دفعت العلماء إلى البحث عن صخور ترابية أخرى من هذا النوع عبر استعمال الذكاء الاصطناعي لرصد الصخور التي تبدو غريبة من حيث الحجم والانعكاس. توصّل نظام الحلول الحسابية إلى 130 ألف احتمال ودقق الباحثون بنصفها.
كانت الصخور الأقل انعكاساً تقع بالقرب من البقعة المغناطيسية الغريبة في «راينر غاما»، لكن لم تحمل جميع الصخور في حفرة «راينر كي» قدرة انعكاسية غريبة.
ربما تشكلت الصخور إذاً انطلاقاً من تلك الحفرة، لكن يشتبه الباحثون بأن خصائصها الانعكاسية الغريبة ترتبط بطبقة رقيقة من الغبار المتراكم على بعض الصخور. يتمتع هذا الغبار على الأرجح بمواصفات فريدة من نوعها من حيث الكثافة، أو الحجم، أو البنية، مع أن تلك الخصائص لم تتّضح بعد.
ينوي الباحثون في المرحلة المقبلة استعمال نتائجهم لاستكشاف عمليات قد تفسّر طريقة تشكيل الدوامات القمرية، منها عملية رفع الغبار تحت تأثير القوى الكهروستاتيكية، أو تفاعل الرياح الشمسية مع بقع مغناطيسية على سطح القمر.
