Corona Awareness

لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية يمنع أسوأ أعراض "كوفيد - 19"؟

02 : 00

قد يسهم لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية في تجنب الالتهابات التي تسبب أخطر الأعراض عند الإصابة بفيروس "كوفيد - 19".

تزداد الأدلة التي تثبت أن لقاحات سابقة قد تحارب "كوفيد - 19" مع أنها لا تستهدف فيروس كورونا الجديد على وجه التحديد. تتعدد التجارب العيادية الحاصلة حول العالم لاختبار مدى فاعلية لقاح "عصية كالميت غيران" الذي يحمي من السل ضد "كوفيد - 19". يظن العلماء أن هذا اللقاح قد يحسّن الاستجابة المناعية ويخفّض مستويات الفيروس ويخفف الأعراض المرتبطة به.

يكشف تقرير جديد نشرته مجلة "إم بيو" الصادرة عن "الجمعية الأميركية لعلم الأحياء الدقيقة" أن لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية الذي يتلقاه الأولاد قد يحقق هدفاً مشابهاً.

يفترض الباحثون أن ذلك اللقاح يُخمِد الالتهاب الحاد الذي يرافق فيروس "كوفيد - 19" ويقلّص حالات الوفاة التي يسبّبها، ويقترحون إجراء تجربة عيادية تشمل العاملين في قطاع الرعاية الصحية.



تدريب جهاز المناعة

تُسمّى الأنواع التي تحارب التهابات غير مرتبطة بهدف اللقاح الأصلي "لقاحات حية مُخففة"، ما يعني أنها تحتوي على فيروسات أو جراثيم حقيقية يُضعِفها العلماء في المختبر.

تستنتج الدراسات أن هذه اللقاحات تحمي من التهابات أخرى عبر "تدريب" جهاز المناعة بطريقة غير محددة. يُعتبر هذا النوع من الاستجابات المناعية أول خط دفاعي ضد الالتهابات ويُسمّى "استجابة مناعية فطرية".

يوضح المشرف على التقرير الجديد، بول فيديل جونيور، مساعد عميد البحث العلمي في كلية طب الأسنان في جامعة ولاية لويزيانا في "نيو أورلينز": "يبدو أن اللقاحات الحية المُخففة تعطي منافع غير محددة وتحمي من مسببات المرض المستهدفة".

يظن فيديل والدكتورة مايري نوفير، أستاذة في علم الأحياء الدقيقة والمناعة في كلية الطب التابعة لجامعة "تولين" في "نيو أولينز"، أن الحماية التي تعطيها تلك اللقاحات ترتبط بالخلايا الكابتة المشتقة من النخاع العظمي.

أثبت العلماء أن هذه الخلايا تستطيع تخفيف الالتهابات وحالات الوفاة لدى نماذج من الفئران المصابة بالتهابات. واستنتج فيديل ونوفير عبر أبحاثهما أن اللقاح المصنوع من فطريات حية مُخففة قد يحمي من تعفن الدم بفضل الخلايا الكابتة المشتقة من النخاع العظمي.



الأدلة الكامنة وراء النظرية الجديدة

يفترض فيديل ونوفير أن لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية قد يحفّز الخلايا الكابتة المشتقة من النخاع العظمي لدى المصابين بفيروس "كوفيد - 19"، ما يساعدها على محاربة التهاب الرئة وتعفن الدم المرتبط بأخطر أشكال المرض.

لإثبات صحة هذه الفرضية، يذكر الباحثان معطيات جديدة عن 955 بحاراً على متن حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس روزفلت". كانت نتائج فحوصات كورونا التي خضعوا لها إيجابية لكن بقيت أعراضهم خفيفة.

ربما يتعلق السبب برأيهما بتلقي جميع عناصر البحرية الأميركية لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية. لكن يؤدي عمر البحارة ورشاقتهم دوراً مؤثراً أيضاً في مسار التعافي.

في ما يخص الرابط بين ذلك اللقاح وفرص التعافي من فيروس "كوفيد - 19"، تشتق أدلة أخرى من بيانات وبائية. تتراجع معدلات الوفاة بسبب الوباء لدى المقيمين في مناطق تتلقى اللقاح بشكل منتظم. على صعيد آخر، يكون الأولاد أقل عرضة لفيروس "كوفيد - 19" وقد ترتبط هذه النتيجة أيضاً باللقاح نفسه. من المعروف أن العمر عامل خطر للإصابة بأشكال حادة من الفيروس، لكن يذكر التقرير الجديد أن عدداً كبيراً من الأولاد تلقى حديثاً اللقاحات الحية المُخففة، ما ينعكس على مستوى حمايتهم.


نحو مرحلة التجارب العيادية


يحمل الراشدون على الأرجح أجساماً مضادة لفيروسات الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية إذا تلقوا اللقاح في طفولتهم، لكن من المستبعد أن يحافظوا على الخلايا الكابتة المشتقة من النخاع العظمي. بعبارة أخرى، سيحتاجون إلى لقاح "مُدعّم" لحصد منافع محتملة ضد فيروس "كوفيد - 19".

تصمد الخلايا الكابتة المشتقة من النخاع العظمي لوقت طويل، لكنها لا تدوم طوال الحياة. لذا يسمح لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية المُدعّم بزيادة الأجسام المضادة لتلك الفيروسات وتجديد الخلايا الكابتة. يأمل العلماء في أن تطول مدة صمود هذه الخلايا المشتقة من اللقاح بما يكفي لتجاوز الأوقات الصعبة في زمن الوباء.

إقترح الباحثون إجراء تجربة عيادية على لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية لدى عاملين معرّضين للخطر في مجال الرعاية الصحية والمسعفين في "نيو أورلينز". كما أنهم حصلوا على منحة للمقارنة بين لقاحات الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية من جهة وعصية كالميت غيران من جهة أخرى لدى نماذج من الرئيسيات المصابة بفيروس "كوفيد - 19".

يضيف فيديل: "فيما نجري التجارب العيادية، لا ضير من إعطاء لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية للاحتماء من هذه الفيروسات تزامناً مع تخفيف حدة "كوفيد - 19" في حال الإصابة به".

إذا ثبتت صحة هذه الفرضية، يظن العلماء أن استعمال هذا اللقاح قد يشكّل تدبيراً "قليل المخاطر وكثير المنافع" لإنقاذ حياة الناس خلال أزمة فيروس كورونا.


MISS 3