رواد مسلم

كييف تُطوّر مسيّراتها لضرب "اللوجستية الروسية"

9 شباط 2024

02 : 01

من آثار هجوم صاروخي استهدف إحدى قرى منطقة دونيتسك أمس (أ ف ب)

تقترب الحرب الأوكرانية من دخول عامها الثالث في وقتٍ تركّز فيه روسيا على الهجمات الصاروخية والمسيّرة لضرب أهداف تبعد مئات الكيلومترات من خط الجبهة، بعد مرحلة طويلة من جمود المعارك على خطوط التماس الأمامية مع إبقاء «حرب الإشغال» في عدّة مناطق والجهوزية الدائمة في مناطق أخرى. هذا الوقت الضائع على الجبهة تستفيد منه روسيا لتدعيم وجودها العسكري في الأقاليم الأوكرانية المحتلّة، في حين تقاوم أوكرانيا للحصول على مزيد من المساعدات لاستعادة أمل النجاح في الهجوم المضادّ الذي إنطلق في أوّل الصيف الماضي.

في المقابل، ينشطُ الجيش الأوكراني في مجال المسيّرات التي باتت تستهدف بشكل شبه يومي مدن العمق الروسي، كما المدن القريبة من الحدود مثل بيلغورود التي تعرّضت لهجوم واسع من المسيّرات الأوكرانية الإنتحارية يوم الثلثاء، بعد يومين من استهداف مسيّرة أوكرانية لمصنع أسلحة روسي يبعد 565 كلم عن حدود تواجد الجيش الأوكراني، وهذا المصنع ينتج نظام الدفاع الجوي «بانتزر أس»، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الذخائر كقنابل المدافع، صواريخ موجّهة، هواوين وغيرها.

لذلك، يبدو واضحاً هدف الجيش الأوكراني القاضي بإضعاف القدرات اللوجستية للجيش الروسي في مرحلة انتظار مصير المساعدات الأميركية التي تشهد معارضة قوية من الحزب الجمهوري، إذ إنّ طبيعة أهداف المسيّرات تدلّ على أهمّيتها لمتابعة الجيش الروسي الدفاع عن الأراضي التي احتلّها. وبالإضافة إلى مصنع الذخائر، استهدفت المسيّرات أخيراً مصادر الطاقة الروسية من مخازن الوقود والغاز في الداخل الروسي، كان آخرها استهداف محطة تصدير الغاز الرئيسية بالقرب من مدينة سان بطرسبرغ، ومصفاة نفط تُديرها شركة «لوك أويل» في منطقة فولغوغراد في جنوب غرب روسيا والتي تبعد 500 كلم عن مواقع الجيش الأوكراني.

تهديد المسيّرات المتواصل بات يُشكّل هاجساً رئيسياً للقيادة العسكرية، حيث أنّ الجيش الروسي يعتمد بشكل كبير على المصانع الدفاعية المحلّية لتزويد عناصره بالأسلحة والذخائر، خصوصاً تلك العناصر التي تُشارك بالعمليات الدفاعية على الأرض من مشاة ومدفعية ومدرّعات. وبالتالي، سيستفيد الجيش الأوكراني من ضعف الإمدادات الروسية لشنّ هجوم معاكس عند وصول المساعدات العسكرية وأهمها مقاتلات «أف 16» التي ستؤمّن حماية العناصر المُهاجمة من الصواريخ البعيدة المدى ومن خطر المقاتلات الروسية.

يعرف الجيش الروسي خطط الجيش الأوكراني التي تسعى إلى استنزاف مخزوناته وقدراته الإنتاجية، لذلك يعمد على تقوية قدرة الرادارات لرصد نسبة أعلى من المسيّرات الأوكرانية، حيث أعلن دميتري سافيتسكي، نائب المدير العام لشركة «ألماز أنتي» التي تنتج طرازات متعدّدة من الأنظمة الصاروخية والمعدّات القتالية خلال مقابلة مع وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية أنّ المؤسّسة تعمل على توسيع مجال الرادار لمراقبة الطائرات من دون طيار على مستويات مخفوضة فوق الأراضي الروسية.

تمتلك روسيا أنظمة دفاع جوي متطوّرة، أحدثها نظام «باك أم3 فايكنغ»، وهو نظام صاروخي أرض - جو متوسط المدى، الذي صمّمته وصنّعته شركة الدفاع الروسية «ألماز أنتي». ويمكن لبطارية صواريخ «باك أم3» تتبّع ما يصل إلى 36 هدفاً والاشتباك معها في وقت واحد، في حين أنّ صاروخها المتقدّم «أر 31 أم9» قادر على إسقاط كلّ الأجسام الطائرة الموجودة، بما في ذلك الأجسام العالية المناورة، حتى أثناء التشويش الإلكتروني النشط، كما يُمكنه أيضاً الاشتباك مع الأهداف البحرية والبرية، نظراً لقدرته على الإطلاق العمودي، وفقاً لبعض مواقع الصحف الروسية.

كما أنّ الجيش الروسي يمتلك أنظمة تشويش إلكتروني مخصّصة لاعتراض المسيّرات، ومعظمها مركّبة على آليات مدولبة، أهمّها «كراسوخا 2»، «كراسوخا 4»، «مورمانسك بي أن» و»موسكفا 1»، التي بإمكانها التشويش على الراديو والاتصالات والتشويش على إشارات الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية الرادارية لمختلف التردّدات والنطاقات، إلى جانب أدوار الدعم الإلكتروني والهجوم الإلكتروني، فعلى الرغم من تصنيع الجيش الأوكراني لمسيّرة جديدة بعيدة المدى أحدث من مسيّرات «يو جي» الإنتحارية، لم يكشف عنها، لكنّ الدفاعات الروسية تمكّنت من إسقاطها الأسبوع الماضي.

تعمل أوكرانيا باستمرار على تحديث أسطولها من المسيّرات البعيدة المدى، التي وفق مصادر عسكرية أوكرانية تمكّنت من تصنيع 10 آلاف مسيّرة متوسطة وقصيرة المدى وأكثر من 1000 مسيّرة بعيدة المدى في عام واحد، لكنّها غير قادرة على حمل رؤوس حربية تزن أكثر من حوالى 50 كيلوغراماً من المواد الشديدة الإنفجار، وهذا يعني أنّ معظم الأضرار التي لحقت بالمنشآت الروسية من السهل نسبيّاً تصليحها. كما أنّ المسيّرات الأوكرانية تواجه تحديات كبيرة في تجاوز الدفاعات الجوية الروسية التقليدية وأنظمة الحرب الإلكترونية، فلا بدّ من العمل على تجهيزها بأنظمة تجنّبها الدفاعات الروسية.

MISS 3