عيسى يحيى

نماذج عن "التضييق" على موظّفين سنّة ولا من يسأل

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي

لم تكن قضية إقالة الدكتورة هبة شندب من عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية الأولى، ولن تكون الأخيرة التي تعبّر عن حال غبن يعيشه بعض أبناء الطائفة السنّية على مرأى من السلطتين الدينية والسياسية اللتين تنأيان بأنفسهما عن الدخول في معارك تخصّ مواقع الطائفة... الأمر الذي يردّه البعض الى غياب ضابط الإيقاع السنّي والممثل السياسي الأقوى للطائفة.

ويقول بعض من يعرف شندب أنّه تمّ التعامل مع قضية إقالتها بطريقة غير سليمة، وسيقت أخبارٌ عن سبب الإقالة يتعلّق معظمها بعدم جدارتها الإدارية، في حين يشهد لها زملاؤها بكفاءتها، وهي التي فضّلت عدم الخوض في أسباب الخلاف مع رئاسة الجامعة والعميد المتقاعد، وجلّها يتعلق بملفات فساد وتعيينات لا تراعي الهيكلية الإدارية والكفاءة، ناهيك بمستودع الكلية الذي لم تتسلم جردته منذ تكليفها حتى إقالتها، وآثرت على نفسها ذلك في سبيل الحفاظ على سمعة الجامعة اللبنانية وعدم نشر غسيلها.

يضيف هؤلاء أنّ تعامل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع الملف لم يرتقِ الى مستوى المرجعية السنّية وهو الذي سمّاها للمنصب، وعلم بالخلاف بينها وبين رئيس الجامعة وبإقالتها التي اطّلع عليها منذ ثلاثة أشهر وتدخّل لمنعها، وكان يفترض أن يختار لها موقعاً آخر يراعي فيه فئة المنصب الذي كانت تتولّاه ويطوّق بقعة الأخبار التي تناولت الجامعة اللبنانية لحمايتها.

بالتوازي، يقول بعض المواكبين لملفّ المواقع السنيّة إنّ عدم إصدار بيان عن زيارة وفد من أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى للرئيس ميقاتي، بعدما فاتحه بالملف إلى جانب ملفات أخرى تعني الطائفة والتهميش الذي يلحق بها، وتصويره على أنه لقاء تعارفي، يستدعي التوقف عند الطريقة التي يتم التعامل بها مع الطائفة، ناهيك بتجنّب المجلس الإسلامي الشرعي الغوص في التفاصيل والإصرار على إصدار موقف واضح يعرض ما يلحق بالطائفة من غبن، وهي سياسة مهادنة لا تأتي إلّا على الطائفة.

وتابعت المصادر: إنّ تيار «المستقبل» الذي خاض معركة أمل شعبان في وزارة التربية ونأى بنفسه عن خوض معركة شندب أو غيرها، ولا سيّما في وزارة التربية تحديداً، يفسح المجال للنواب السنّة المحسوبين على القوى السياسية غير الحليفة، أن يعيّنوا أشخاصاً قريبين منهم، كما حصل في عمادة كلية الآداب وتعيين أحد المحسوبين على النائب جهاد الصمد المقرّب من الثنائي الشيعي. كذلك الأمر حيث كاد التعامل باستخفاف يطيح مدير التعليم الثانوي خالد الفايد، وهو المنصب المحسوب على الطائفة السّنية، فعيّن وزير التربية موظفاً من الطائفة الدرزية في موقع أمانة سرّ المعادلات في الكولوكيوم بعد إحالة ع. ش الى التقاعد، والمتعارف عليه أنّ الموقع من حصّة الطائفة السنّية، وبعد متابعة حثيثة تمّ تصحيح الوضع.

وتشير المصادر الى أنّ الأمر أيضاً ينسحب على ديوان المحاسبة الذي يتبع إدارياً لرئيس مجلس الوزراء، وسابقاً كان يتولّى رئاسته قاض سنّي، وهو يضمّ 25 قاضياً، وفي حسبة بسيطة تراعي التوزيع الطائفي والمناصفة، يفترض أن تكون حصة الطائفة السنّية 5 قضاة، وبفعل سياسة الإقصاء لا توجد إلا قاضية وحيدة وهي جمال محمود، ويتم التضييق عليها لإبعادها، وهي طلبت موعداً من رئيس الحكومة لإبلاغه بما يجري من مخالفات، لكنها لم تتمكن حتى الساعة من لقائه، فضلاً عن سياسة التضييق التي تمارس على رئيس المصلحة في الديوان عمر الدغيلي، حيث يقصى عن عدد من الملفات والرحلات والمؤتمرات، ومنها رحلة السعودية الأخيرة.

كل ذلك يحصل وسط انكفاء المرجعيات الدينية والسياسية عن المتابعة والحلّ والربط، فيما يقدّم البعض من نواب الطائفة الخدمات لدار الفتوى كلٌّ ضمن منطقته، لينال الرضى والبركة من المرجعية الدينية، متناسياً أبناء الطائفة على امتداد البلدات والقرى.