جو حمورة

"موت مشبوه" لنافالني: بوتين يُقصي خصماً جديداً؟

17 شباط 2024

02 : 00

هزّ خبر وفاة المعارض السياسي الروسي الأبرز أليكسي نافالني العالم، وأثار موجة من الاستنكار والتعجب في الولايات المتحدة الأميركية ومعظم الدول الأوروبية. ذهب نافالني «شهيداً» على يد النظام الروسي، بعدما تجرّأ على كشف فساد رئيس بلاده فلاديمير بوتين.

اشتهر نافالني بنضاله ضد الفساد، وكشف ممارسته الممنهجة في النظام الحاكم، بدءاً من بوتين نفسه وصولاً إلى كبار المسؤولين. نشر الرجل عشرات التقارير الاستقصائية التي تُظهر كيف يستغلّ كبار المسؤولين مناصبهم للثراء الشخصي، وكيف تُستخدم أموال الدولة لتمويل مشاريع فاسدة.

كما اكتسب شهرة مهمّة في الداخل الروسي وحتى في الخارج، بعدما أطلق سلسلة من الأهداف السياسية القائمة على إجراء إصلاحات جوهرية تهدف إلى إرساء ديموقراطية حقيقية في روسيا. كان نافالني يرى أن النظام الحالي يفتقر إلى الشفافية والمساءلة، وأن الانتخابات تُزوّر بشكل منهجي لضمان بقاء بوتين في السلطة. أما الأهم، فهو معارضته الشديدة للحرب الروسية على أوكرانيا، التي يعتبرها «جريمة ضد الإنسانية».

يخيّم شبح الخوف على أنصار نافالني الذين يخشون من حملة قمع جديدة من قبل النظام. فموت الرجل قد يُشعل فتيل احتجاجات واسعة النطاق، خصوصاً في ظلّ تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في روسيا، فيما غياب شخصية قوية مثل نافالني قد يُضعف المعارضة ويُصعّب عليها التوحّد حول مشروع واحد، وربّما كان هذا هو الهدف الحقيقي من وراء قتله.

يُمثل نافالني رمزاً للمقاومة ضدّ نظام بوتين الذي يصفه بـ»الاستبدادي»، فيما شكّلت أفكاره وطروحاته مصدر إلهام للعديد من الروس الذين يسعون إلى بناء روسيا ديموقراطية وحرّة. كما ألهم جيلاً جديداً من الروس للمشاركة في السياسة والاحتجاج ضدّ الظلم، وساهم في تأسيس حركة معارضة شبه جامعة شكّلت تحدّياً لبوتين ونظامه.

نُشر أمس خبر عن موته المفاجئ، ثم ما لبث أن انتشر على مجمل وسائل الإعلام، خصوصاً الغربية منها. دفع الرجل حياته ثمناً باهظاً لمواقفه، فيما أكدت والدته في حديث لصحيفة «نوفايا غازيت» أنها التقت بابنها في 12 شباط «وكان على قيد الحياة وبصحة جيدة». أما مصلحة السجون الروسية فأعلنت في بيان وُصف بالملتبس بأن «السجين شعر بتوعك بعد الفسحة اليومية وفقد وعيه على الفور، فيما لم يتمكّن الطاقم الطبي من إنعاشه».

في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن أن «روسيا هي المسؤولة» عن وفاته. ليس الموقف هذا عالي النبرة، ولكنّه أكثر وضوحاً من المواقف الأوروبّية التي اكتفت بوصف الجريمة بأنها «وحشية»، «محزنة» و»تمثل جريمة فظيعة»، بينما استنكرت الخارجية الروسية هذه المواقف. وتوقّع عدد من المحللين الأميركيين فرض واشنطن عقوبات جديدة على موسكو، على الرغم من أن هذا الأمر قد حصل بشكل كبير في السنوات الماضية، أو تجرّؤ بعض الدول الأوروبية على اتخاذ خطوات رمزية مثل طرد ديبلوماسيين روس.

قد يُشكل موت نافالني أزمة ديبلوماسية جديدة بين روسيا وأخصامها الغربيين، لكن الأكيد أنه سيؤدّي إلى فراغ كبير في صفوف المعارضة الروسية، ويُهدّد بفتح جروح قديمة أو ربّما اندلاع احتجاجات ومواجهات بوتين بغنى عنها.

MISS 3