30 سنة مرّت على انطلاق النسخة الأولى من «مهرجان البستان الدولي للموسيقى» على يد مؤسسته ميرنا البستاني، قبل أن تُسلم الشعلة إلى ابنتها لورا لحود لتكمل هذه المسيرة الفنية بالزخم نفسه. لا المستوى العالمي للحفلات تراجع ولا الأمسيات خفّ بريقها. ومن 21 شباط حتّى 17 آذار تزدحم روزنامة عشاق الموسيقى الكلاسيكية كطرقات بيت مري تماماً حيث فندق «البستان»، «رغم كل الصعوبات»- عنوان النسخة 30- للمشاركة في هذا الحدث العالمي الراقي. ولمعرفة أكثر عن تفاصيل المهرجان، حاورت «نداء الوطن» نائبة رئيسة المهرجان لورا لحود.
ليس سهلاً أن يستمر أي نشاط ثقافي كل هذه السنوات في بلد يتلبد بالمصاعب كلبنان. من أين تستمدين قوتك؟
أشعر بالمسؤولية الكبيرة، خصوصاً مع استمرار نجاح المهرجان الذي أسسته والدتي كهدية الى لبنان. لا يقتصر دوري على تعزيز مكانته فحسب، بل على تطويره وزيادة وهجه والمحافظة على الموسيقيين العالميين الذين يقصدوننا سنوياً وينتظرهم جمهورنا الواسع، كذلك الاتيان بفنانين جدد. في المقابل، يفسر عنوان هذه النسخة «30 سنة رغم كل الصعوبات»، واقع المهرجان. أمّا عن مصدر قوتي، فأجهله أحياناً كثيرة. أظنّ أنّنا كلبنانيين، عززنا مناعتنا ضد مشاكل هذا البلد الذي نحبه، فانعكست قوةً تجعلنا نستمر رغم كل شيء، كلّ في مجال عمله.
يقول البعض إنّ اليوم ليس وقت الاحتفال مع استمرار الحرب في غزّة وجنوب لبنان. ما تعليقك؟
أتفهم هذه التعليقات. ولكن في كل دول العالم وليس في لبنان حصراً، يتعطش الشعب للثقافة والفن على اثر الأزمات بمختلف أشكالها. في النهاية، هذه هي الحياة. لا يمكن أن نتوقف عن عيشها أو الاستسلام لها. والموسيقى تبث الفرح والهدوء وهي حاجة للجميع.
هل واجهتم صعوبة في دعوة الفنانين العالميين إلى لبنان في ظل الوضع الأمني الراهن؟
طبعاً... فمتى كان الوضع سليماً في لبنان؟ نواجه صعوبات مختلفة في كل سنة، بسبب تراكم الأزمات في وطننا. ولكن سمعة المهرجان الممتازة في الخارج، تساعدنا في هذا الاطار. كما يعلم الفنانون جيداً أنّ موقع المهرجان خارج العاصمة، وكفريق عمل نهتم بسلامتهم ونؤمن لهم كل ما يحتاجونه في فندق «البستان» حيث يستقرون منذ وصولهم حتّى مغادرتهم، ما يريحهم نوعاً ما. وبالتوازي مع الوضع الأمني والحرب الدائرة عندنا ومن حولنا، يشكل الوضع الاقتصادي حاجزاً آخر لنا، من ناحية تأمين دعم الجهات الراعية وتحديد أسعار البطاقات التي خُفضت نسبةً للسنوات السابقة، لتراعي وضع الجميع وتتراوح بين 10 و50 دولاراً. كما يمكن الحصول عليها من خلال مكتبة «انطوان» أو «اونلاين» أو من فندق «البستان».
يعتبر «البستان» من المهرجانات القليلة التي تنظم في فصل الشتاء. لماذا؟
عندما أسست والدتي المهرجان اختارت له هذا التوقيت بالذات، وأنا حافظت عليه. أمّا السبب فيعود الى ازدحام خريطة المهرجانات صيفاً عكس الشتاء الذي تبدو فيه النشاطات الثقافية خجولة بعض الشيء. بالاضافة، الى أنّ الفنانين الذي يحيون امسياتنا هم أقل انشغالاً في هذه الفترة من السنة، ما يسهل علينا مشقة دعوتهم.
15 حفلة ملونة بموسيقى الجاز والبلوز والنغمة الشرقية تميز برنامج النسخة 30. ماذا عن التفاصيل؟
يرافقنا فنانون أصبحوا بمثابة أصدقاء المهرجان اذ يشاركون معنا من عام الى آخر، وموسيقيون عالميون يزوروننا لأول مرّة، بالاضافة الى آخرين ناشئين، وفنانين لبنانيين، بالطبع.
الإفتتاح في 21 الجاري في فندق «البستان»، وجميع الأمسيات تنظم في الفندق عينه ما عدا اثنتين منها؛ واحدة في كنسية مار اسطفان- البترون وأخرى في كنيسة مار يوسف- مونو. وبشكل مختصر، سيكون محبو الأوبرا على موعد مع 3 حفلات؛ حيث يستهل الافتتاح بتحية للمؤلف الموسيقي الإيطالي جاكومو بوتشيني في مئوية وفاته. وتؤدي السوبرانو الإيطالية فالنتينا بوي مقطوعات أوبرالية لبوتشيني مثل La Boheme, Tosca, Madama Butterfly بمشاركة مواطِنها التينور ماركو بيرتي. وحفلة أخرى للسوبرانو الفرنسية جولي فوكس (14 آذار) وقداس Petite Messe Solennelle، (15 آذار) في كنسية مار يوسف- مونو.
أمّا لعشاق البيانو، فهناك عازفو بيانو بارزون في انتظارهم: الإيطالي جوزيبي اندالورو (23 شباط- فندق «البستان» و24 شباط- كنسية مار اسطفان- البترون) والأرجنتيني نيلسون غورنر (29 شباط) والروسي بوريس بيريزوفسكي (5 و6 آذار) والكسندر كانتوروف مع دانييل لوزاكوفيتش (10 آذار).
وفي مجال الجاز، تُقام حفلة لفرقة البريطاني جوليان جوزف الثلاثية (8 آذار). ويقدم المهرجان أغنيات فرنسية معروفة (3 آذار) مع عازف الأكورديون الفرنسي فليسيان برو، وهناك حفلتان مع عازفة الترومبيت الفرنسية لوسيان رونودان فاري.
وفي البرنامج حفلة للمؤلف الموسيقي خالد مزنّر (27 شباط)، يرافقه فيها العازف على آلة الباندونيون الإيطالي ماريو ستيفانو بيتروداركي وسواه. وتتخلل مقطوعة عنوانها «الفصل الخامس» عن التحديات التي تواجه البيئة، «الفصول الأربعة» للموسيقي الأرجنتيني استور بانتاليون بياتزولا.
ومن المحطات أيضاً، حفلة غنائية شرقية عنوانها «طلع البدر علينا» (12 آذار) لفرقة الموسيقى العربية لبرنامج «زكي ناصيف في الجامعة الأميركية في بيروت»، تتضمن إنشاداً صوفياً وترانيم دينية وأغنيات شعبية مصرية لسيد درويش.
وتختتم الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية بقيادة المدير الفني للمهرجان جانلوكا مارتشانو ليالي المهرجان بحفلة عنوانها «متحدون من أجل السلام» تتضمن كونشيرتو لآلة التشيللو مع العازف فيكتور جوليان لا فيريير.
في المقابل، تنظم نشاطات على هامش المهرجان يمكن للجميع المشاركة فيها كحفلتين في الشارع في عين المريسة، محاضرات عن الموسيقى، ورش عمل وغيرها. ولمن يهمه الأمر يمكن أن يزور موقعنا لمعرفة المزيد من التفاصيل (https://albustanfestival.com/).
كيف تصفين نسبة الاقبال هذه السنة؟
جيّدة جدّاً. الجمهور بانتظار المهرجان، حتّى أنّ تذاكر بعض الحفلات نفدت بالكامل. وهذا يبرهن مرّة أخرى كم أنّ الناس متعطشة للفن والموسيقى والابداع... نحن في انتظاركم جميعاً.
البرنامج