ليس مقدراً للبنان أن يكتسحه الظلام؛ أو أن ينهار كلياً أمام الأزمات المتتالية؛ أو أن ينكسر تحت وقع الغارات والقنابل والانفجارات مستسلماً لمصير أسود. ولبنان المنتفض دوماً كطائر الفينيق يدين بكيانه النابض هذا لأبنائه الرافضين بأن يسلك درب الاحتضار البطيء، فيواجهون المشقات والكوارث بالتفاؤل الدائم رغم كل الموت والدمار.
ميرنا البستاني من تلك الفئة تماماً فهي رفضت مراراً وتكراراً ايقاف المهرجانات السنوية رغم كل المشقات والأهوال. وهكذا أصرّت هذه السنة ايضاً على اقامة فعالياته رغم كل الآراء السلبية والداعية الى تأجيله؛ مواجهةً التشاؤم بعنونتها مهرجان السنة بـ»رغم كل الصعوبات» واستقدامها أعلاماً أوبرالية إيطالية رغم التحذيرات المتتالية بتجنب السفر الى لبنان. وألقت ابنتها كلمة شكرت فيها والدتها على تقديم «المهرجانات» هدية للبنان ومواطنيه. وتحتفي مهرجانات البستان هذه السنة بالذكرى المئوية الاولى لوفاة المؤلف الموسيقي الإيطالي جاكومو بوتشيني.
وكما في كل عام توافدت أبرز الوجوه الثقافية والسياسية والفنية الى فندق البستان للتمتع بأمسية موسيقية راقية.
وبدأ اللقاء بأداء كل من السوبرانو الإيطالية فالنتينا بوي والتينور ماركو بيرتي النشيد الوطني اللبناني بأسلوب أوبرالي بمرافقة فرانسيسكو بارباغيلاتا على البيانو وانضم إليهما الجمهور بحماسة فائقة.
وتوالت مقطوعات بوتشيني الأوبرالية على غرار La Boheme, Tosca, Madama Butterfly ونسي الجمهور لساعة من الزمن ما ينتظره من أهوال وفظائع بعد توقف الموسيقى وعودة الجميع الى الواقع الفج.
