على الرغم من الضغوط الديبلوماسية والمطالبات الدولية بوقف إطلاق النار في حرب غزة التي دخلت يومها الـ137 أمس، استخدمت الولايات المتحدة حقّ النقض في مجلس الأمن الدولي ضدّ مشروع قرار لوقف إطلاق نار فوري في غزة، لتطرح نصّاً بديلاً ينصّ على «وقف موَقّت لإطلاق النار في غزة في أقرب وقت» على أساس «صيغة» تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن.
مشروع القرار الجزائري الذي كان يدعو إلى «وقف إنساني فوري لإطلاق النار على جميع الأطراف احترامه»، نال 13 صوتاً مؤيّداً مع امتناع المملكة المتحدة ومعارضة الولايات المتحدة التي استخدمت حقّ النقض (الفيتو) للمرّة الثالثة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».
وفي ردود الفعل، اعتبر السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور أن «الرسالة الموجّهة... إلى إسرائيل باستخدام حقّ النقض، هي أنها تستطيع الاستمرار في الإفلات من العقاب»، مندّداً بـ»فيتو غير مسؤول وخطر» يحمي مجدّداً إسرائيل، فيما ندّدت «حماس» بـ»الفيتو» الأميركي، واصفةً إيّاه بأنه «ضوء أخضر» لإسرائيل لارتكاب «مزيد من المجازر».
كما رأى السفير الجزائري عمار بن جامع الذي عمل على صوغ مشروع القرار على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع، أن «أخطاء اليوم ستدفع منطقتنا وعالمنا ثمنها غداً»، فيما يرفض النصّ الجزائري «التهجير القسري للمدنيّين الفلسطينيّين». وبعيداً من المفاجآت، ندّدت روسيا والصين بـ»الفيتو» الأميركي، في حين أعرب أعضاء آخرون في المجلس على غرار فرنسا ومالطا وسلوفينيا وسيراليون عن أسفهم لموقف واشنطن.
في السياق، أسفت المملكة العربية السعودية لنقض مشروع القرار الجزائري في مجلس الأمن الدولي. وأكدت الخارجية السعودية في بيان أن «هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إصلاح مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليَّين، بصدقية وبلا ازدواجية في المعايير»، محذّرةً من «تفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة ومحيطه، وتصاعد العمليات العسكرية التي تُهدّد الأمن والسلم الدوليَّين».
تزامناً، سيسعى منسّق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك خلال زيارته للشرق الأوسط هذا الأسبوع، إلى مناقشة مساعي التوصل إلى اتفاق في شأن الرهائن والضغط من أجل الحصول على ضمانات من إسرائيل في شأن الهجوم على رفح، بحسب المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي الذي اعتبر أنّه «في ظلّ الظروف الحالية... ما زلنا نعتقد أن تنفيذ عملية في رفح سيكون كارثة».
في الموازاة، وصل رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» إسماعيل هنية إلى القاهرة أمس لإجراء «محادثات مع المسؤولين المصريين»، في حين كشفت قطر أن أدوية مُرسلة إلى غزة في إطار اتفاق تولّت الدوحة وباريس المفاوضات فيه، بدأت تصل إلى الرهائن الإسرائيليين.
وباتت تقارير المنظمات الإنسانية حول الوضع في غزة ترسم مشهداً أكثر قتامة، إذ تحدّثت وكالات الأمم المتحدة عن أنّ الغذاء والمياه النظيفة أصبحا «نادرَين جدّاً» في القطاع، مشيرةً إلى أنّ جميع الأطفال الصغار تقريباً يُعانون أمراضاً مُعدية، في وقت أعلن فيه برنامج الأغذية العالمي أمس تعليقاً جديداً لتوزيع المساعدات في شمال القطاع بعد يومين من استئنافها، مُقرّاً بأنّ وقف الشحنات يعني أن الوضع «سوف يتدهور أكثر ويواجه المزيد من الناس خطر الموت من الجوع».
ووسط ارتفاع المخاوف من العملية الإسرائيلية المرتقبة على رفح، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة أطباء بلا حدود في الولايات المتحدة أفريل بنوا للصحافيين إنّ «عواقب شنّ هجوم شامل على رفح لا يُمكن تصوّرها حقّاً»، محذّرةً من أن «شنّ هجوم عسكري هناك سيُحوّل المدينة إلى مقبرة»، في حين كشف محافظ شمال سيناء محمد عبد الفضيل شوشة أن نحو 10 آلاف شخص عبروا معبر رفح من القطاع إلى الجانب المصري منذ بدء العمليات العسكرية.
في غضون ذلك، اعتبرت بريتوريا أمام محكمة العدل الدولية أن إسرائيل تُمارس شكلاً «أكثر تطرّفاً» من الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية مِمَّا واجهته جنوب أفريقيا قبل 1994. وقال سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا: «نحن كمواطنين جنوب أفريقيين نحسّ ونرى ونسمع ونشعر في أعماقنا بالسياسات والممارسات التمييزية اللاإنسانية للنظام الإسرائيلي باعتبارها شكلاً أكثر تطرّفاً من أشكال الفصل العنصري الذي تمّ إضفاء الطابع المؤسّسي عليه ضدّ السود في بلدي».
إقليميّاً، أشارت القيادة المركزية الأميركية إلى أن أضراراً طفيفة لحقت بسفينة أميركية تحمل شحنة حبوب في خليج عدن جرّاء استهدافها بصاروخَين باليستيَّين أُطلقا من مناطق سيطرة المتمرّدين الحوثيين في اليمن. كما أعلنت تعرّض سفينة بضائع أميركية ترفع علم جزر مارشال لأضرار طفيفة بعد تعرّضها لهجوم بطائرة مسيّرة، لكنّها واصلت رحلتها إلى إيطاليا.
وأكدت القيادة الأميركية تدمير منصّة إطلاق صواريخ وطائرة مسيّرة في مناطق سيطرة الحوثيين، مشيرةً أيضاً إلى إسقاط صاروخ باليستي آخر مضادّ للسفن بعد إطلاقه و10 مسيّرات. كما أعلنت وزارة الجيوش الفرنسية أن فرقاطتَين للجيش الفرنسي دمّرتا مسيّرتَين في البحر الأحمر ليل الإثنين - الثلثاء.