ستيفاني غصيبه

لبنان في "بينالي البندقية"...

"أوروبا الفينيقية" في "رقصة من حكايتها"

23 شباط 2024

02 : 01

من لوحات المعرض

عُقد أمس مؤتمرٌ صحافي في المتحف الوطني في بيروت للإعلان عن مشاركة لبنان في «المعرض العالمي الستين للفن المعاصر- بينالي البندقية» (من 20 نيسان حتى 24 تشرين الثاني)، للسنة الثانية على التوالي بحضور وزير السياحة وليد نصار، عضو اللجنة الوطنية لليونسكو روني ألفا ممثلاً وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، إلى جانب عدد من الشخصيات الثقافية والفنية والإعلاميّة. وخلاله، فنّدت المفوّضة العامّة والقيّمة الفنيّة للمشروع ندى غندور تفاصيل الجناح الذي يحمل عنوان «رقصة من حكايتها»، والمنظم برعاية وزارة الثقافة و»الجمعيّة اللبنانيّة للفنون البصريّة».


يقدّم الجناح اللبناني في «بينالي البندقية»، تجهيزاً فنّياً متعدّد الوسائط للفنانة منيرة الصُّلح تقدّم فيه نسخة جديدة لأسطورة الأميرة «أوروبا الفينيقية» أكثر إنصافاً للمرأة وحقوقها. وفي كلمته، اعتبر ألفا أنّه «قلّما نرى وسائط فنية متعدّدة في خدمة الفكرة، وهذا ما جمعته الصلح في «بينالي البندقية»، الذي تحوّل من معرض يحاكي تاريخ صور والفينيقيين إلى رحلة نضال تحرّري يتحدّى المجتمع الذكوري بغوايته ويستقل معه قارب فينيقيا ليتمّ تحرير المرأة والمدينة والوطن، وسط سينوغرافيا تحمل الزائر الى الشاطئ اللازوردي في صور وتشعره أنه على قاب قوسين أو أدنى من اكتشاف الموركس».



ندى غندور


من جهتها، أشارت غندور إلى أنّ «المنطقة تشهد اليوم مأساة، ولكننا نؤمن بأن هذا الجناح سيكون بمثابة شهادة على روح الفنّ اللبناني الرّاسخة والمتفائلة والنّابضة بالحياة. ونحن نأملُ لهذه المشاركة بأن تعزّز مكانة لبنان على الساحة الفنية العالمية، وبأن تُعيد التأكيد على أهميّته كمركز حيّ للإبداع والابتكار الفني».


41 عملاً يتألّف التجهيز الفني المتعدّد الوسائط في الجناح اللبناني من واحد وأربعين عملاً من رسومات ولوحات ومنحوتات وتطريز ومقاطع فيديو. وتشغل 5 ألواح زيتيّة و18 رسماً و14 قناعاً مزخرفاً- تدور كلّها حول أسطورة «أوروبا»- فضاء الجناح الذي تبلغ مساحته 180 متراً مربعاً داخل «الأرسنالي». وعلى القماش كما على الورق والشاشة، تجمع هذه العملية الإبداعية بين السَّرد المجازي والنَّهج الوثائقي والاستملاك والتحويل، من خلال تمثيلات تتّسمُ بالواقعية والشّعريّة والمُعاصَرة. وتولّى المهندس المعماري كريم بكداش تصميم السينوغرافيا، من دون أي تأهيل أو تقسيم للمساحة الأساسيّة، ما يسمح للجمهور بالانغماس الكامل داخل المعرض.


كذلك، يتمحور تجهيز «رقصة من حكايتها» حول قارب غير مكتمل يرمز إلى رحلة المساواة بين الجنسين. وفي وسط المعرض، نرى القارب في منتصف الطريق بين الأعمال التصويرية والرسومية التي تدعو إلى التشكيك في المعايير الجنسانية وإلى النضال من أجل المساواة من جهة، ومن جهةٍ أخرى الأقنعة التي تجسّدُ القوى المحافظة في المجتمع.


تحديث الأسطورة


ومن خلال إعادة تأمّل أسطورة اختطاف «أوروبا»، يفتح الجناح ممرّاتٍ بين هذه القصّة وواقعنا المُعاش، حيث تعيدُ منيرة الصلح النّظر في التطلعات والتحديات التي تواجهها النساء في يومنا الحالي. وفي حديث لـ»نداء الوطن»، أوضحت الصلح أنّها «اختارت هذه الأسطورة للتعبير عن المصير المفروض على النساء وعن طواعيّتهنَّ»، مضيفةً: «شعرت أنّ هذه الأسطورة تهمّشت قليلاً، أو أقلّه لم تأخذ الأهمّيّة التي تستحقّها. وجدتها بغاية الأهمّيّة في يومنا هذا، وأحببت تغيير هذا التاريخ لتصبح المرأة هي التي تقرّر مصيرها».


ففي الرواية القديمة، يظهر الإله «زوس» على شاطئ مدينة صور، ويتّخذ شكل ثورٍ أبيض لإغواء الأميرة الفينيقية الجميلة. فيخدعها، ويحملها على ظهره نحو شواطئ جزيرة «كريت» حيث يتّحدُ معها. أمّا الفنانة فتقترح في لوحاتها قراءة بديلة، بل معكوسة، يتزعزع فيها توازن القوى بين الإله المسيطر والأميرة الخاضعة، إذ تظهر الأميرة «أوروپا» وهي تتلاعب بـ»زوس». هي التي تحمله وتمشي به على الماء، وهي التي تجعله يدور في الهواء بقدميها كالكرة.



منيرة الصلح


بالنسبة للصلح «تعبّرُ القصة القديمة التي نَظَمها وفَرَضَها رجال، عن الرّغبة في السيطرة على المرأة وإخضاعها. وعلى مرّ القرون، وخاصة في الرَّسم الغربي، تتطوّر تصويرات الأسطورة من فعل الاختطاف إلى حالةٍ من الموافقة والرّضى. فلطالما كانت وجهة النّظر الذكوريّة هي السائدة». أمّا هنا، فتختار الفنانة إنشاء علاقة مساواة بين الجنسين وإعادة قراءة للأسطورة من خلال استبصار ووجهة نظر امرأة حرّة مستقلة اليوم. ولتتمكّن من تقديم هذه النظرة المختلفة، تؤكّد أنّها «جمعت مشاهدات من كلّ الأماكن الأثريّة والتحف الفينيقيّة التي تدور حول هذه الأسطورة»، وهي التي ألهمتها. وتتابع: «ذهبت حتّى إلى متحف «كريت» حيث اختطفت «أوروبا» لأشعر بالقصّة من منظار حقيقي وأجسّدها بأفضل طريقة»، متمنيةً أن «تعاد هذه اللوحات إلى لبنان بعد انتهاء المعرض في البندقيّة ليتمكّن اللبنانيون من رؤيتها، خصوصاً أنّنا شعرنا أثناء التحضير بحماسة الناس واهتمامهم بالفنّ الذي نقدّمه».

MISS 3