جاد حداد

The Masked Scammer... المحتال الذي خدع أهم أثرياء أوروبا

24 شباط 2024

02 : 01

جمع الفرنسي جيلبير شيكلي أكثر من مئة مليون يورو بين العامين 2005 و2017، وأصبح في مرحلة معيّنة من أنجح المحتالين في العالم، وتحوّل إلى عبء حقيقي على أعضاء النخبة الأوروبية. أُلقِي القبض عليه بعد عملية شائكة في العام 2017 وهو يقبع الآن في السجن.

أصبحت قصته محور وثائقي جديد على شبكة «نتفلكس» بعنوان The Masked Scammer (المحتال المقنّع).

وُلِد شيكلي في باريس، وهو في الخمسينات من عمره راهناً، وقد بدأ يحتال على الناس في صغره ويستعد لانتحال شخصيات الأغنياء وأصحاب النفوذ والاستفادة منهم.

يقول شقيقه تييري شيكلي: «بفضل قوة الكلام، كان يخرج بجيوب فارغة ويعود بجيوب ممتلئة. هذا الوضع أثار جنون والدي، لكنه لم يستطع حل المشكلة يوماً».

في سن الرشد، بدأ يُحقق النجاح حين راح ينتحل شخصيات رؤساء تنفيذيين فرنسيين، فيتّصل بمدراء متوسطي الرتبة لمطالبتهم بتحويل المال إلى حسابات مزيفة. هو استغل مخاوف الناس وزعم في معظم الأوقات أنه يسعى إلى القبض على عميل مصرفي ثري كان يحوّل الأموال لتمويل الإرهاب العالمي.

خلال الأشهر التي تلت تفجيرات لندن، في تموز 2005، وفي ظل استمرار الصدمة الناجمة عن هجوم 11 أيلول، وقع الكثيرون في الفخ من دون طرح أي أسئلة أحياناً. يقول بيار (اسم مستعار لواحد من ضحاياه): «كان صوته هادئاً، ومتماسكاً، وودياً جداً».

وعلى عكس عمليات الاحتيال التي يسهل رصدها، أخذ شيكلي عناء تجميع ملفات عن كل شخص يخدعه. لتسريع الأبحاث عن الضحايا، استعان شيكلي بمحتالين آخرين لجمع أي معلومات يمكن استغلالها ضد الضحايا وإجبارهم على تحويل الأموال من دون طرح أي أسئلة (كانت قيمة المبالغ تصل أحياناً إلى 20 مليون يورو). كانت شيرلي فاكان واحدة من شركائه، لكن سرعان ما راقبتها شرطة باريس وتجسست على هاتفها وداهمت منزلها.

حاول شيكلي الاتصال بها في تلك الفترة، فانتهى به الأمر بالتكلم مع الرائد إيريك مورو من سلك الشرطة. تكرر هذا النوع من التواصل بينهما.

في البداية، حاول شيكلي أن يقدّم رشوة إلى مورو. وعندما فشلت هذه الحيلة، أخبر مورو بأنه سيضطر للمجيء إلى إسرائيل لإيجاده (كان شيكلي يحمل جنسيتَين ويسهل عليه أن يختفي هناك). هذا ما فعله في نهاية المطاف، لكنه لم يتمكن من تجاوز حياته القديمة وتابع إخبار مورو بآخر المستجدات.

ثم سمحت التفاصيل التي كشفها خلال مكالماته الهاتفية مع مورو للشرطة بتعقب مبلغ 1.2 مليون يورو من المكسيك إلى إسرائيل في العام 2007. كانت الحزمة المنقولة مزوّدة بميكروفون استعملته السلطات على أمل أن يسمح لها بمراقبة مقر إقامة شيكلي على المدى البعيد.

لم يضطر المحققون لانتظار وقت طويل قبل القبض عليه. يقول شقيقه إن شيكلي بدأ يشكّ بما يحصل حين حاول عميل حكومي تنكّر بزيّ رجل التوصيل أن يسلّمه تلك الحزمة، ما منح الشرطة التي كانت تنتظر في محيط المنزل سبباً كافياً لمداهمة المكان.

أمضى شيكلي 10 أشهر في السجن بعد تسليمه إلى فرنسا، ثم أقنع منتجاً سينمائياً بدفع كفالته مقابل منحه حقوق سرد قصة حياته. بدأ العمل على إنتاج الكوميديا الفرنسية المستوحاة من قصة شيكلي،Thank You For Calling (شكراً على اتصالك)، في العام 2015.

حين خرج شيكلي من السجن، عاد إلى إسرائيل وبقي بعيداً عن الأضواء حتى العام 2015، فقرر حينها أن يستفيد من شبح الإرهاب مجدداً. هذا ما دفعه إلى التخطيط لعملية الاحتيال الأكثر جرأة على الإطلاق: انتحال شخصية وزير الدفاع الفرنسي السابق جان إيف لودريان.

وجد شيكلي شريكاً لصنع قناع بوجه وزير الدفاع من السيليكون. هكذا بدأت المكالمات عبر الفيديو، وظهرت قصة المواطنين الفرنسيين العالقين في مالي، وشروط الحفاظ على أعلى درجات الخصوصية، وطلبات تحويل أموال خاصة في أسرع وقت. هو تواصل مع كل شخص صادفه، بما في ذلك الآغا خان، مرشد روحي وأمير ثري معروف عالمياً. في النهاية، احتال شيكلي على ذلك الرجل المتديّن وسلبه أكثر من 20 مليون يورو.

استمرت عمليات الاحتيال الكبرى حتى الأشهر الأولى من العام 2017، حين عمدت المديرة المالية الذكية لغرفة التجارة والصناعة الفرنسية، صوفي غرونييه، إلى التدقيق بالصفقة أكثر من بقية ضحايا شيكلي. سرعان ما شعرت بوجود خطبٍ ما بسبب سلسلة من الأخطاء في التهجئة والتنسيق. وافقها رجال الشرطة الرأي، وتنصتوا على المكالمات اللاحقة، واكتشفوا رقم حساب شيكلي المصرفي، واتضحت تفاصيل القضية في النهاية.

حين أدرك شيكلي أن أمره انكشف، هرب من إسرائيل إلى أوكرانيا واعتُقِل في كييف لأن السلطات المحلية كانت تراقبه. وجد المحققون صور قناع لودريان في واحد من الهواتف الثلاثة التي كان شيكلي يحملها. كذلك، جمعت الشرطة أدلة تشير إلى تخطيطه لانتحال شخصية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأمير موناكو ألبير الثاني.

سُلّم شيكلي مجدداً إلى فرنسا وحُكِم عليه بالسجن لمدة 11 سنة، وهو لا يزال مسجوناً حتى الآن. في رسالة وداع، اعتذر شيكلي من ضحاياه لكنه لم يتخلَّ عن غطرسته فقال: «أنا جيلبير شيكلي، وسأبقى جيلبير شيكلي، وسأرحل وأنا جيلبير شيكلي. الأمر بهذه البساطة».

MISS 3