جاد حداد

Players... مكائد وألاعيب في سبيل الحب

4 آذار 2024

02 : 00



يروي فيلم Players (اللاعبون) قصة مجموعة من الأصدقاء العازبين المقيمين في مدينة نيويورك. يمضي هؤلاء أوقات فراغهم وهم يحضّرون «مسرحيات» شائكة للتعرّف على مرشحين محتملين يمكن إقامة علاقة معهم. هم يطلقون أسماءً مختلفة على تلك المسرحيات، ويحضّرونها معاً، ويتبادلون الأدوار لجمع المعلومات عن الضحية التي تجهل ما ينتظرها. تكون تلك الألاعيب مبالغاً فيها أحياناً، لكنها تنجح في معظم الحالات. تبدو هذه التجارب أكثر متعة من طرق التعارف التقليدية. تُعتبر «ماك» (جينا رودريغيز) ملكة الألاعيب. هي كاتبة رياضية في صحيفة غير واقعية بأي شكل، وتنظر إلى جميع المسائل من وجهة نظر رياضية. تجمعها صداقات قوية بعدد من الأشخاص، أبرزهم «آدم» (ديمون وايانز جونيور)، و»سام» (أوغسطس برو)، و»ليتل» (جويل كورتني)، شقيق «سام» الأصغر. يلتقي هؤلاء الأصدقاء في الحانات لساعات وينفذون «المسرحيات» التي تدربوا عليها، لكن تصبح هذه المقاربة مملة بعد مرحلة معيّنة. تظن «ماك» أن الوقت حان كي تعيش علاقة جدّية وناضجة. هي تعرف الشخص الذي تريده: إنه صحفي مشهور يغطي أحداث الحروب اسمه «نيك» (توم إيليس)، لكنها مارست الجنس معه سابقاً للأسف. هي تواجه معضلة حقيقية: كيف يمكن الانتقال من ليلة عابرة إلى علاقة جدّية؟ تُحضّر «ماك» وأصدقاؤها أكثر الألاعيب تعقيداً لاستمالة ذلك الرجل وجرّه إلى علاقة رومانسية حقيقية، مع أن صديقها «آدم» الأكثر نضجاً منها يحمل شكوكاً كثيرة حول ما تفعله، فيقول لها: «لا يمكن بناء أي علاقة على مسرحية مزيفة»!

تتعلق المشكلة الحقيقية بقدرة المشاهدين على التوصل إلى استنتاج مبكر حول الشخص الذي يناسب «ماك»: ذلك الشخص ليس «نيك» بل «آدم». نتيجةً لذلك، سننتظر أن تدرك «ماك» هذه الحقيقة في بقية أجزاء الفيلم. «نيك» رجل جيّد: قد يكون أنانياً بعض الشيء، لكنه ينشغل بإنهاء الكتاب الذي يحضّره، لذا لا مفر من أن يتشتت انتباهه من وقتٍ لآخر. لا تبدو المؤشرات التحذيرية التي تحول دون استمرار هذه العلاقة مفرطة، ومع ذلك يصعب أن نُحدد المواصفات التي تعجب «ماك» في شخصيته أو حقيقة ما تبحث عنه في الرجل. كان والداها يعيشان حباً قوياً قبل وفاتهما، وهي تريد أن تعيش هذه التجربة بنفسها. لكن هل ستحصل على هذه الفرصة فعلاً؟ وهل يمكنها أن تعيش ما اختبره والداها مع «نيك»؟ يبقى خيارها مثيراً للجدل.

رغم المكائد الباهتة التي ترتكز عليها الحبكة، ينجح الممثلون في تجسيد معنى الصداقة بأسلوب مقنع. تتمتع رودريغيز بحضور مميز ومرح، وهي تقدّم شخصية «ماك» بطريقة منطقية. «ماك» شخصية قوية لكن شائبة، وهي تشعر بانعدام الأمان رغم استقلاليتها الظاهرية. غالباً ما يحمل الناس على أرض الواقع هذا النوع من الصفات المتناقضة، لكن لا تجسّدها أعمال الكوميديا الرومانسية بهذه الواقعية في معظم الأوقات. إنه تغيير إيجابي. على صعيد آخر، تقدّم ليزا كوشي دور «آشلي»، مساعِدة إدارية في الصحيفة تنجرّ في مرحلة معيّنة للمشاركة في ألاعيب الأصدقاء وسرعان ما تصبح من أكثر الشخصيات حماساً لخوض هذه التجربة. تتمتع كوشي بمواصفات قد تجعلها من أفضل الممثلات الكوميديات. يكفي أن نشاهد ردود أفعالها في خلفية المشاهد، حتى لو لم تكن شخصيتها محور التركيز. تحمل جميع مشاهدها طابعاً مضحكاً وعفوياً. أخيراً، تقدّم إيغو نوديم أداءً جيداً بدور «كلير»، المرأة التي تبدأ بمواعدة «آدم» في مرحلة معيّنة، فتُسبّب المشاكل لمجموعة الأصدقاء المخادعين.

تبدو بعض عناصر الفيلم محيّرة. قصد هؤلاء الأصدقاء المدرسة الثانوية معاً، لكنهم أصبحوا الآن في أواخر العشرينات أو بداية الثلاثينات من عمرهم، وهم يعملون في الصحيفة نفسها في نيويورك. كيف يمكن أن يحصل ذلك؟ تبدو أجواء العمل في الصحيفة قديمة ومستهلكة لدرجة أن تتخذ منحىً كئيباً، لا سيما عند النظر إلى الأوضاع الكارثية التي يعيشها عالم الإعلام اليوم. تبدو مساحة المكتب أشبه بمقر لشركة إنترنت ناشئة من العام 1998، فهي أقرب إلى مستودع ضخم ذي نوافذ طويلة. تغطي «ماك» أخبار «الرياضة المحلية» في الصحيفة. لكن تعني هذه التغطية فعلياً أنها تتلقى المال بكل بساطة لتغطية مباريات كرة الطاولة. على أرض الواقع يسود خوف شديد من تسريح الموظفين، لكن يبدو الجميع في هذه القصة واثقاً بنفسه ومستقراً في عمله لدرجة أن نشعر بأننا نشاهد فيلماً من فئة الخيال العلمي.

في الوقت الراهن، أصبحت أعمال الكوميديا الرومانسية قليلة ومتباعدة، وتفتقر الأفلام التي تصدر في هذه الفترة إلى السحر والجاذبية، ومن المعروف أن الكوميديا الرومانسية لا يمكن أن تنجح من دون أجواء ساحرة. ما زال الناس بحاجة إلى مشاهدة قصص الحب، حتى أنهم أصبحوا أكثر توقاً إليها في الظروف الراهنة. ما هو السبب الذي يجعلنا نتردد في سرد هذا النوع من القصص إذاً؟ لا ينجح هذا الفيلم في تقديم الجانب الرومانسي بالشكل المناسب، ويطرح هذا الوضع مشكلة لأن الحبكة الرئيسية رومانسية بطبيعتها. في المقابل، يصبح الفيلم ممتعاً حين يُركّز على الألاعيب التي تُحضّرها مجموعة الأصدقاء كونه يسلّط الضوء على حماسة «آشلي»، والمناوشات الدائمة بين «سام» و»ليتل»، والجوانب المضحكة من شخصية «آدم». لكن لا تكفي هذه العناصر لتقديم عمل متماسك، فيبدو الفيلم في النهاية مبتذلاً بدرجة معينة.

MISS 3