بات الأمر عادياً في البيئة المُهيمَن عليها من قبل الثنائي الشيعي، أن يرفع مواطن الصوت ضد نوابه ومسؤوليه، من «سماحة السيّد» ونزول، وبات الأمر أكثر من عادي أن تجد المعترض بعد أقل من 48 ساعة يقف ذليلاً ويتلو بيان ندامة على ما صدر عنه وما كان يمكن أن يصدر في لحظة غضب أو ساعة تخلٍّ، معلناً الولاء الكامل غير المنقوص منه مقدار ذرة طحين، تجاه سلطة الأمر الواقع المطلقة الممثلة باثنين لا ثالث لهما على وجه البسيطة.
إنتقاد إبن «البيئة» لربط الساحات ممنوع عليه. إنتقاد شعار الطريق إلى القدس أو الطريق إلى حمص ممنوع. إنتقاد جرّ لبنان المستنزف إلى حرب استنزاف ممنوع. إنتقاد حرب المشاغلة ونتائجها الكارثية ممنوع. إنتقاد الحرب الإستباقية والصبر الإستراتيجي ممنوع. إنتقاد الإنتصارات الوهمية ممنوع. إنتقاد التماثل العنفي ممنوع. إنتقاد تعطيل الدولة اللبنانية ممنوع. إنتقاد الوضع الإجتماعي ممنوع. إنتقاد الأناشيد المستوردة ممنوع. انتقاد فرض الرأي على الرأي ممنوع. تحميل ارتفاع محصلة الضحايا (الشهداء) ولو تلميحاً لمحور الممانعة ممنوع. إنتقاد سلوك أمين مخزن السلاح وأسلوبه الإستعلائي ممنوع. إنتقاد سلاح المقاومة الإسلامية في أفغانستان ممنوع. إنتقاد الرؤوس اليابسة والإيديولوجيات الغيبية ممنوع. إنتقاد عبقرية يحيى السنوار العسكرية ممنوع. المرفوض من الخبير الإستراتيجي العميد الياس حنا الواسع الإطلاع أيكون مقبولا من إبن عيتا الشعب المحروق سلّافه؟
ممنوع على إبن «البيئة» أن يبتسم بسخرية، خصوصاً إذا كان يسارياً ملحداً أو معجباً باليمين الإنعزالي لا سمح الله. يجب أن تكون ابتسامته سمحاء وبمقاييس محددة. ممنوع أن يجهر بسعادته لفوز ابنة الجنوب ياسمينا زيتون بمركز وصيفة ملكة جمال العالم. ممنوع أن يكتب كمواطن حر على وسائل التواصل الإجتماعي تحت طائلة التخوين والعمالة. ممنوع أن يشكر الدول الكبرى على مساعدتها للبنان. ممنوع أن يخرج عن الأدبيات الممجوجة. ممنوع أن يستعمل عقله أكثر من المسموح. ممنوع أن يرفع دعوى على جاره. ممنوع أن تغلط بحق «الإستيذ» ولا نص غلطة ولا تبادر إلى الإعتذار علناً وإلاّ فالسحسوح آتٍ بطريقة ما. مهما تأخرالسحسوح...جايي على رقبتك. ممنوع سؤال القاعد خلف المقود: إستاذ «مرتا» وين واصل؟ الإستيذ مرتا واصل لمحل ما بدّو. ممنوع أن يلعب طاولة زهر في وقت الخطب العصماء. ممنوع أن يصور خطيبته بموبايل ذكي قبل فك الحظر. ممنوع الحكي بالصف. ممنوع شتم هوكشتاين في بيئة «الحركة». مسموح شتم هوكشتاين في بيئة «الحزب». بهذا فقط تتمايز «الحركة» عن «الحزب» في بيئة الممانعة المترامية الأطراف.
