أنت وطفلك

هل تتبدّل شخصيتكِ بعد إنجاب الأولاد؟

02 : 00

يكون إنجاب الأطفال مرادفاً لتحمّل مسؤوليات جديدة ويُفترض أن يزيد نضج الأبوين خلال هذه التجربة، نظرياً على الأقل. لكن عملياً، تميل شخصيات الأبوين إلى التغير على مستويات عدة. تُلِمح إحدى الدراسات الآن إلى أن الأم الجديدة تصبح أكثر مرحاً وانفتاحاً. أما الأب الجديد، فيبدو أقل حماسة لكن أكثر مسؤولية.

حللت إيفا أسيلمان وجول سبيكت من جامعة "هومبولت" بيانات اجتماعية واقتصادية عن 19875 شخصاً في ألمانيا بعد خضوعهم لتقييمات سنوية منذ العام 1984. خضع المتطوعون لاختبارات للشخصية أربع مرات بين العامين 2002 و2017، وأنجب 6891 شخصاً منهم الأولاد خلال هذه الفترة.

كانت التقييمات مُصمّمة لقياس جوانب من نموذج الشخصية المبني على "الخصائص الخمس الأساسية": الانفتاح، المسؤولية، الحماسة، المرح، الاستقرار العاطفي.

كشف عدد من الدراسات سابقاً أن الناس في عمر العشرينات والثلاثينات يصبحون أكثر مرحاً ومسؤولية واستقراراً من الناحية العاطفية. لكن تقول مانون فان شيبينجين من جامعة "تيلبيرغ" في هولندا إن السبب لم يتضح بعد. قد تبدو الأم الجديدة أكثر مرحاً إذاً، بينما يصبح الأب الجديد أقل حماسة.

توضح فان شيبينجين: "ربما تتعلق هذه الظاهرة بالعوامل الوراثية، ما يعني أن التحول يحصل حين ينضج الدماغ. لكننا نعرف أن البيئة تؤدي دوراً مؤثراً أيضاً". افترض البعض أن التغير قد ينجم عن تجربة الأبوة أو الأمومة التي يختبرها الناس عموماً في هذا العمر. تضيف أسيلمان: "قد نفترض أن ولادة الطفل ترتبط بزيادة حس المسؤولية أو المرح أو الاستقرار العاطفي، لكننا لم نتوصل إلى هذا الاستنتاج".

بل تبيّن أن الأهالي المستقبليين يكونون أقل انفتاحاً وأكثر حماسة من الآخرين خلال السنة التي تسبق ولادة الطفل الأول، ما يعني أنهم أقل استعداداً لخوض تجارب جديدة ومحفوفة بالمخاطر، لكنهم اجتماعيون وأكثر ثقة بأنفسهم.

هاتان الصفتان قد تتغيران بعد ولادة الطفل. يصبح الناس أقل انفتاحاً في هذه المرحلة ويدوم هذا الأثر على ما يبدو طوال ثلاث سنوات على الأقل. قد تزيد الحماسة بدرجة صغيرة بعد ولادة الطفل، لكنها تتراجع في السنوات اللاحقة.

يبدو أن تجربة الإنجاب تؤثر على الرجال والنساء بطرقٍ مختلفة إذاً. فيما تصبح المرأة أكثر مرحاً خلال السنوات الثلاث التي تلي ولادة الطفل، يكتسب الرجل حس المسؤولية ويصبح أكثر قدرة على ضبط نفسه.

قد تشتق هذه التحولات من أنماط عيش تقليدية، إذ تمضي المرأة وقتاً إضافياً مع الطفل ويشعر الرجل بضغوط متزايدة لإعالة عائلته مادياً.

لكن لم يسجل الرجال ولا النساء أي زيادة في مستوى الاستقرار العاطفي الذي يُعتبر مؤشراً أساسياً على النضج. تتماشى هذه النتيجة مع أبحاث أخرى مفادها أن الأم الجديدة تسجّل تراجعاً في حس المسؤولية أو ضبط النفس بعد ولادة الطفل.

في مطلق الأحوال، يجب ألا يبالغ الأهالي الجدد في قلقهم لأن شخصياتهم المتقلّبة لن تدوم طويلاً. تثبت أبحاث كثيرة أن شخصية الناس تتبدل على مر حياتهم، وقد تقتصر التغيرات التي تحصل بعد إنجاب الأطفال على بضع سنوات. تبقى هذه التقلبات محدودة أصلاً. في النهاية، لن تصبح شخصاً مختلفاً بالكامل!


MISS 3