شربل داغر

"ثورة" من دون رصاصة واحدة

27 تموز 2020

02 : 00

على الرغم من آفات كورونا المتمادية، وتهاوي العملة الوطنية الفظيع، لا يزال شبان وشابات لبنانيون يتظاهرون بشكل سلمي، من دون انقطاع، طلباً "للثورة"، من دون ان يصدر عنهم رصاصة واحدة. فيما تجد غيرهم، مجندي العنف بالمفرق، يَخرجون لتأديب هؤلاء، فينزلون على دراجاتهم الصغيرة، وفوق ظهر كل واحد منهم بقجة لتوزيع العنف السريع، بأدوات خشبية في الغالب خرجت من منشرة واحدة، وبقياسات هندسية مدروسة.

ينتسب قسم بالغ من المنتفضين الى جيل جامعي، أو إلى من التحق بوظيفة خاصة قبل سنوات قليلة... هؤلاء لا يشبهون ما كان عليه شابات وشبان في مطالع السبعينات، عشية اندلاع الحرب اللبنانية،

إذ إن هؤلاء لم يترددوا في حمل السلاح الفردي العلني، وفي القيام بدورات تدريب عسكري في عطلاتهم الجامعية.

جيل آخر، مختلف الثقافة السياسية، يجعل من الانتخابات المبكرة أعلى تطلعاته السياسية.

جيل عاقل، سلمي، غير مؤدلج في غالبه، تثقفَ في الجامعة، لا في الخلية الحزبية، لكنه عاين عن قرب أحوال السياسة والاستعصاءات التي فيها.

جيلٌ غير حزبي، بل وليد "المجتمع المدني"، عدا عن ان نخباً فيه هي التي اطلقت منذ سنوات جمعيات ومنتديات اتخذت مواقف مبدئية وميدانية من مسائل السلاح والعنف والدولة المدنية والفساد والديموقراطية وغيرها الكثير.

جيل ليبرالي النزعة، بعيد عما انتجته "خلطة" الثقافة اليسارية - الإسلامية - القومية - الوطنية، التي انتهى "حزب الله" الى إدارتها وتوجيهها.

جيلٌ يتعثر في قيادة ما أُطلقَ عليه تسمية "الثورة"، لكنه يتشدد ويثابر في نزع الشرعية عن القوى الحاكمة.

هو جيلُ أملٍ ووعدٍ للسياسة مؤكد، يجعل من القوى الاخرى كالحة الحضور بمعنى من المعاني. فهل تقوى الأزمة المستفحلة على افتكاك قوى اجتماعية وطائفية مزيدة من تبعية الولاء لزعمائها ومجموعاتها؟

سؤال برسم الأيام والحَراك، إذ إن قوى الولاء سلمت أمور قيادتها لواحد أو مجموعة ضيقة، فيما تحتاج قوى المنتفضين إلى أكثر من مشروع "جبهة" لكي ينتقل تأثيرها من نخب مثقفة إلى فئات أخرى متضررة من هذا النظام بشكل بالغ.


MISS 3