جاد حداد

Bandidos...كوميديا عشوائية عن السرقة

23 آذار 2024

01 : 59

بدأت شبكة «نتفلكس» تعرض المسلسل المكسيكي الجديد Bandidos (قطاع الطرق) الذي يتمحور حول مجموعة من اللصوص غير الكفوئين. هم يريدون تنفيذ عملية سرقة قد تصبح من أفضل التجارب في حياتهم. العمل من كتابة بابلو تيبار ومن إخراج أدريان غونبيرغ.

يتألّف المسلسل من سبع حلقات، وتتراوح مدة كل حلقة منها بين 35 و50 دقيقة. سنتعرّف إلى شخصيات عدة، أبرزها «ميغيل»، و»ويلسون»، و»ليلي»، و»لوكاس»، و»سيتلالي». هم يشكّلون فريقاً من اللصوص، والمزوّرين، والمقرصنين، فيجتمعون بعدما يعثر «ميغيل» على خريطة قد تقودهم إلى كنز من عصر حضارة المايا القديمة كان قد سرقه الغزاة الإسبان، وفيه تمثال فهد صغير ومصنوع من الذهب النقيّ. يحلم «ميغيل» وفريقه بالاتّكال على غنائم تلك السرقة لعيش حياة مترفة، لكن يريد خصم «ميغيل» وشقيقه بالتبنّي «أرييل» إيجاد الكنز نفسه لعرضه في المتحف الذي فتحه حديثاً.

يحرص هذا الفريق على وضع خطة دقيقة للحصول على الكنز. تكثر الخيانات والعوائق في هذه القصة، وينضمّ أعضاء جدد إلى العملية حين تبدأ الرحلة باتجاه المكان الذي يُفترض أن يشمل الكنز المنشود. يكون والد «ميغيل»، «خوان»، عالِم آثار وسارق وهو الذي عرّف ابنه على عالم الكنوز والتاريخ المرتبط به في صغره. هل سينجح هؤلاء في إيجاد الذهب أم سيلحق بهم شخص آخر يريد سرقة مجهودهم؟

تتعلق أكبر مشكلة في المسلسل بعدم تماسك القصة والسيناريو. تبدأ الأحداث بطريقة عشوائية، ثم يصبّ التركيز على الخطة المحورية من دون تفسير حقيقة ما يحصل. كذلك، لا تبدو مواصفات أبطال القصة واضحة بما يكفي، ما يجعل المشاهدين خارج أجواء العمل، فيتساءلون طوال الوقت عن معنى الأحداث التي يشاهدونها على الشاشة. لن نعرف خلفية واضحة عن حياة «ميغيل» وعمّه «ويلسون» والعلاقة التي تجمعهما كي نفهم الحبكة الأساسية. يجب أن نشاهد حلقة كاملة قبل أن ندرك نوايا كل شخصية.

يبدو سيناريو بابلو تيبار متخبّطاً، وتغيب المزايا التي تسمح للمسلسل بالتعويض عن ثغراته في مرحلة معيّنة. يخسر صانعو العمل الحبكة بحلول الحلقة الرابعة، فتتلاحق التحوّلات والأحداث بطريقة عشوائية. وعلى غرار جميع الأعمال اللاتينية الأخرى، تظهر حقائق مفاجئة وصادمة في مرحلة من القصة. تتعدّد المفاجآت في هذا المسلسل، لكنها تخسر مفعولها سريعاً.

على صعيد آخر، يتّسم المسلسل بجوانب فكاهية ناجحة في السيناريو والقصة ككل، لكنه يخسر زخمه في النصف الثاني من الحلقات، فيتخذ منحىً أكثر جدّية مع أن النتيجة النهائية تبقى متوسطة في أفضل الأحوال. سرعان ما تصبح القصة فوضوية بلا مبرر، وينسى صانعو العمل الهدف النهائي لكل شخصية. كان من الأفضل أن يحصل الممثلون على حوارات أكثر عمقاً أو صفات أكثر تعقيداً لتفسير رغبتهم الفائقة في كسب المال عبر بيع الكنز. حتى أن المسلسل يكاد يُمجّد عمل السرقة، وهي رسالة غير محبّذة. يُفترض أن يواجه اللصوص عواقب أفعالهم، لكن تخلو هذه القصة من العقاب.

بعد الحلقات الثلاث الأولى، قد نتعلّق بالشخصيات والأحداث، لكن يأتي النصف الثاني من الحلقات لينسف هذا الأثر بسهولة. في هذه المرحلة، تتّخذ الأحداث منحىً فوضوياً، فتكتفي الشخصيات بالتنقل من مكان إلى آخر من دون تفسير تفاصيل ما يحصل. يتأثر المسلسل سلباً بلجوء صانعي العمل إلى أسهل الحلول، ما يؤدي إلى تراجع اهتمام الجمهور بالقصة وانحسار الأجواء الحماسية عموماً. غالباً ما تكون قصص السرقة متوقّعة، لكنّ الأحداث المشوّقة هي التي تضمن نجاحها حتى النهاية. لكن يبدو أن صانعي هذا المسلسل استسلموا في مرحلة معيّنة وما عادوا يهتمون باستمرار العمل. تموت بعض الشخصيات ثم تعود للظهور في البلدة نفسها وتسترجع وضعها السابق لكن بأسماء مختلفة. لا يمكن تصديق هذا الجانب من القصة. كذلك، تتعدّد المواقف التي تتطلب درجة من التغاضي، وكانت الأحداث لتمرّ بلا مشكلة لو أنها عُرِضت بطريقة مقنعة. يفشل المسلسل في هذا المجال.

يتعثر الإخراج بكل وضوح بسبب ضعف السيناريو. بالكاد يحاول المخرج أدريان غونبيرغ رفع مستوى العمل، فيذكّرنا دوماً بأن القصة بسيطة وترفيهية. لكن يحمل المسلسل رسالة مثيرة للاهتمام: تجد الشخصيات صعوبة في تقاسم تجاربها عن الفقر وانعدام الأمان، ما يسلّط الضوء على وضع الناس في المكسيك، لكن لا يستكشف صانعو العمل هذا الجانب بما يكفي.

أخيراً، يُعتبر أداء الممثلين متوسّطاً. يسطع نجم ممثلَين فقط على مرّ المسلسل: ألفونسو دوسال بدور «ميغيل»، ومايبل كادينا بدور «أينيس». يجسّد ألفونسو دور «ميغيل» كرجلٍ يتصرّف بطريقة حمقاء لكنه شديد الذكاء في الوقت نفسه. إنها الشخصية الوحيدة التي تحافظ على جودتها حتى النهاية، ويقدّم ألفونسو في هذا الدور أداءً صادقاً ومقنعاً وفكاهياً أحياناً. كذلك، تقدّم كادينا أداءً مدهشاً بدور «أينيس»، الشرطية البسيطة والمنطقية التي ترفض التورّط في الفساد لكن تجبرها الظروف على القيام بما لا تريده. يسهل أن نصدّق غضب مايبل وخيبتها من الناس في حياتها ومكان عملها، وهي تجيد التعامل مع التعقيدات الكامنة في شخصيتها. كان المسلسل ليصبح ممتعاً لو لم ينسَ صانعو العمل تصنيفه والأجواء التي تناسبه. باختصار، يبقى المسلسل فوضوياً ونهايته غير واضحة.

MISS 3