جاد حداد

Iron Reign... في عمق عالم المافيا الإسبانية

25 آذار 2024

02 : 00

تتألف الدراما الإسبانية الجديدة Iron Reign (العهد الحديدي) من ثماني حلقات، وتتراوح مدة كل حلقة منها بين 40 دقيقة وأكثر من ساعة. تتمحور هذه القصة حول عائلة «مانشادو» التي تدير زعماء المافيا في مدينة برشلونة. بدأ الأخوان «خواكين» و»رومان مانشادو» العمل في تجارة المخدرات في مرحلة من الماضي، وتساعدهما عائلتهما الآن على إدارة هذه الإمبراطورية الواسعة. يسعى «خواكين» إلى اكتساب السلطة عبر السيطرة على ميناء برشلونة لأنه أكبر محطة لتجارة المخدرات في أوروبا، ويتلقى عدد كبير من ضباط الشرطة المال منه.

يتلقى «خواكين» المساعدة من ابنته «روسيو مانشادو» وزوجها «نيستور» لتحسين العمل عبر جلب المزيد من العملاء. تبدو أعمال العائلة مشبوهة، وهي تزداد مأسوية حين يتعرض «خواكين» للهجوم في الميناء على يد معتدٍ مجهول. ثم يدخل زعيم المافيا في غيبوبة، فتسعى بقية أفراد العائلة إلى السيطرة على الأعمال وتتخبط بسبب غياب زعيم يديرها. يبذل الجميع قصارى جهدهم لاكتشاف المسؤول عن محاولة قتل «خواكين»، ثم تبدأ ملحمة عائلة «مانشادو» الحقيقية.

بداية القصة قوية، إذ يعرض صانعو العمل تفاصيل عن عائلة «خواكين» والأشخاص الذين يعملون معه. يُعرَض مونتاج طويل لتفسير طريقة عمل «خواكين» ونوع موظفيه وما يفعله لتوسيع نطاق عمله. قد تكون هذه التفاصيل الدقيقة في السيناريو أكبر نقطة قوة للعمل لأنها تسمح للمشاهدين بفهم العلاقات التي تجمع بين مختلف الشخصيات. تبدو هذه الشخصيات في معظمها معقدة وقوية، وهي لا تتردد للحظة في تبادل المساعدة عند الحاجة. في الوقت نفسه، يشمل المسلسل لقطات من الماضي عن «خواكين» و»رومان» حين يصلان إلى برشلونة بحثاً عن عمل، ثم يحرزان التقدّم إلى أن يصبحا أقوى رجلَين في هذه المدينة الإسبانية. تتعلق المشكلة الوحيدة في لقطات الماضي بسطحيتها وأداء الممثلين الباهت.

قد تكون العلاقة بين الأشقاء من أبرز نقاط القوة في هذه القصة. من المعروف أن هذه العلاقة قد تبني عائلة متماسكة أو تهدمها، ويجسّد صانعو العمل هذه الفكرة بدقة فائقة. يحمل «ريكاردو»، و»روسيو»، و»خواكين»، و»رومان»، و»لوسيا»، و»أرييل»، مواصفات مختلفة، وتتّسم قصصهم بدرجة من الواقعية التي تستمر على مر الحلقات الثماني. لكن تتعلق مشكلة كبيرة في هذا المسلسل بطريقة إظهار المشاهد التي يُفترض أن تدور أحداثها خلال الثمانينات وبداية الألفية الثالثة لسرد قصة حياة «خواكين» و»رومان». في مرحلة معينة، يصبح جزء من المسلسل أشبه بدراما جريمة من حقبة غابرة، لكن يبدو أن فريق الإنتاج لم يخصص الوقت الكافي لتفسير قصة «خواكين» و»رومان» في تلك الفترة بالشكل المناسب.

صُوّرت معظم مشاهد المسلسل في مواقع حقيقية، لكن كان يمكن تخصيص جزء من الميزانية لعرض لقطات الماضي بطريقة تتماشى مع الحقبة التي تجسّدها. ينعكس غياب هذا العامل سلباً على القصة ككل، فيخسر المسلسل جانبه المقنع في لحظات كثيرة. يحمل العمل توقيع المخرج لويس كيليز، ويقدّم هذا الأخير أداءً ممتازاً في معظم الحلقات. لكنّ السيناريو الباهت هو الذي يُجرّد القصة من حماسها بعد مرحلة معيّنة. تتعدد الحبكات الفرعية التي يطرحها صانعو العمل مع تقدّم الأحداث، لكن لا يحصل معظمها على نهاية مناسبة. قد تبدأ القصة بطريقة قوية، لكنها تعود وتتباطأ في وسط الأحداث ولا تتجاوز هذا الملل حتى النهاية.

يشبه المسلسل في جوانب كثيرة أفلام The Godfather (العرّاب) للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، حيث تتداخل العلاقات العائلية مع الأعمال. يسهل أن يلاحظ محبو الأفلام الكلاسيكية هذا الجانب. تُغيّر هذه العلاقات العائلية مصير الكثيرين وتجبر كل شخصية على حمل السلاح في وجه الآخرين.

في النهاية، يتكل المسلسل على ممثليه، ويشمل شخصيات عدة، ولكلّ منها دور معيّن في مخططات العمل الكبرى. يستحق المسؤول عن اختيار الطاقم التمثيلي الإشادة لأنه جمع مجموعة من الممثلين البارعين في عمل واحد من هذا النوع، أبرزهم إدوارد فيرنانديز بدور «خواكين»، وتشينو دارين بدور «فيكتور خولفي»، وجايمي لورينتي بدور «نيستور»، وناتاليا دي مولينا بدور «روسيو»، وسيرجي لوبيز بدور «رومان»، وأنريك أوكير بدور «ريكاردو مانشادو». وحتى الشخصيات الثانوية الأخرى تقدّم أداءً جيداً يجعل المسلسل ممتعاً حتى مرحلة معيّنة. جميعهم ممثلون بارعون، إذ يتّسم أداؤهم عموماً بجوانب عاطفية واضحة، ما يجعل العمل يستحق المشاهدة في معظم الحلقات.

لكن كان المسلسل ليتخذ منحىً مدهشاً لو لم يبذل صانعو العمل جهوداً مفرطة لتقليد أفلام عصابات أخرى وتحويلها إلى قصة معاصرة عن عائلات المافيا. هذه المحاولات أعطت المسلسل طابعاً سطحياً وأضعفت مستواه في نهاية المطاف.

MISS 3