صاروخ "كروز" ينتهك المجال الجوي لـ"الناتو"

"روسيا الثكلى" تُحيّد "داعش" وتثأر من أوكرانيا!

02 : 00

خلال اقتياد اثنين من المشتبه فيهم إلى مقرّ لجنة التحقيق الروسية أمس (أ ف ب)

لَبِسَت «روسيا الثكلى» بالأمس «الوشاح الأسود» وعاشت يوم حداد وطني حزيناً بعد مجزرة «كروكوس سيتي هول» المروّعة التي خضّت البلاد، حيث «حيّد» نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن سابق تصوّر وتصميم تنظيم «الدولة الإسلامية - ولاية خراسان» من الاتهام، رغم تبنّي التنظيم الإرهابي بشكل واضح وصريح الاعتداء الدموي، وفضّل التلميح إلى الجارة المُعتدى عليها أصلاً أوكرانيا ومعاقبتها والثأر منها بضربات صاروخية ومسيّرة تستمرّ في إدخال المدن الأوكرانية منذ بدء الغزو المشؤوم في 24 شباط 2022، في حال حداد يومي.

وفيما تكثر علامات الاستفهام الكبيرة حول الرواية الرسمية الروسية غير المتماسكة، انقسم الشارع الروسي «ما وراء الكواليس» في شأن المعطيات التي يدّعيها الكرملين واتهامه أوكرانيا، ولو تلميحاً حتّى اللحظة، بالضلوع في الهجوم الإرهابي الذي نفت كييف مراراً خلال الأيام الأخيرة أي صلة لها به.

ومع اصطفاف طابور طويل من المواطنين الذين حملوا الزهور والشموع لتكريم ضحايا الاعتداء أمام «كروكوس سيتي هول»، أعلن المحقّقون ارتفاع حصيلة القتلى إلى 137 شخصاً، بينهم 3 أطفال، في وقت يتواصل فيه البحث عن ضحايا بين أنقاض المبنى الذي يضمّ صالة للحفلات الموسيقية.

ولم يُدلِ بوتين بأي تصريح جديد أمس، بعدما كان قد تحدّث السبت، إلّا أنّه أضاء شمعة داخل كنيسة صغيرة في مقرّ إقامته بالقرب من موسكو. بالتزامن، عثر المحقّقون على حوالى 500 رصاصة وبندقيّتَين من طراز «كلاشنيكوف»، قالوا إنّها تعود إلى «المُهاجمين».

كذلك، نشرت لجنة التحقيق مقطع فيديو يُظهر عناصر ملثمين يرتدون زيّاً عسكريّاً وهم ينقلون المشتبه فيهم الأربعة إلى مقرّ اللجنة، بعدما قُبض عليهم في اليوم السابق. وعُصبت أعيُنهم وأُجبروا على المشي وهم منحنون وأيديهم مقيّدة خلف ظهورهم. وسيطلب المحقّقون «قريباً» من المحكمة وضع المشتبه فيهم في الحبس الاحتياطي.

ولم يُكشف مصير السبعة الآخرين الذين أُعلن القبض عليهم السبت، كما لم يُحدّد دورهم المُفترض في الهجوم. ولم تُشر لجنة التحقيق إلى التبنّي الذي أصدره تنظيم «الدولة الإسلامية» في اليوم السابق. كما أنّها لم تذكر أوكرانيا أمس، بعدما كان بوتين وأجهزته الخاصة قد أشاروا إلى صلة لها بالهجوم.

في الأثناء، دعا مسؤولون رفيعون في موسكو إلى إعادة تفعيل عقوبة الإعدام، في أعقاب هذا الهجوم الأكثر حصداً للأرواح الذي تشهده روسيا منذ حوالى 20 عاماً، كما أنّه الأكثر فتكاً الذي يتبنّاه تنظيم «الدولة الإسلامية» في أوروبا.

توازياً، أكدت المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون أنّ التنظيم «هو المسؤول الوحيد عن هذا الهجوم»، مشدّدةً على أن «أوكرانيا غير ضالعة على الإطلاق»، فيما شكّك وزير المال البريطاني جيريمي هانت في رواية بوتين، قائلاً إنه «ليس لديه ثقة كبيرة» بما قالته الحكومة الروسية.

واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نظيره الروسي بالسعي إلى «إلقاء اللوم» على بلاده، بينما كان لافتاً وصف الرئيس الروسي قبل أيام من الاعتداء، التحذيرات الأميركية في شأن هجوم يجري الإعداد له في روسيا، بأنها «استفزازية».

ونشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي عادةً ما يستخدمها تنظيم «الدولة الإسلاميّة»، مقطع فيديو مدّته دقيقة و31 ثانية صوّره مُنفّذو الهجوم، ويُظهر عدداً من الجهاديين الذين بدت وجوههم غير واضحة وأصواتهم مُشوّشة، وهم يحملون بنادق هجوميّة وسكاكين، داخل بهو قاعة الحفلات الموسيقية «كروكوس سيتي هول» في كراسنوغورسك في شمال غرب العاصمة الروسية. وبينما كان المُهاجمون يُطلقون رشقات ناريّة بلا رحمة، شوهِد عدد من الجثث المضرجة بالدماء أرضاً، وأمكن رؤية حريق يندلع في الخلفية.

وبعدما ذكرت وسائل إعلام روسية أن بعض المشتبه فيهم من طاجيكستان، أكد رئيس طاجيكستان إمام علي رحمون لبوتين أن «الإرهابيين ليس لديهم جنسية»، في حين أعلن الكرملين أن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين البلدَين سيتعزّز.

وعمّت حال من الهلع والفوضى في بعض المدن الروسية أمس، إذ أفادت وسائل إعلام روسية عن القبض على مسافرة داخل مطار شيرميتيفو في موسكو أبلغت عن وجود قنبلة في حقيبتها. كما أُخلي مركز تجاري في سان بطرسبرغ بعد بلاغ عن وجود قنبلة، واعتُقل شخص على خلفية البلاغ.

من جهة أخرى، ذكرت الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 22 صاروخاً من طراز «فامبير» أطلقتها أوكرانيا على منطقة بيلغورود الروسية الحدودية، في وقت أكدت أوكرانيا أنّها أصابت سفينتَي الإنزال الروسيّتَين «يامال» و»أزوف» جرّاء قصف ليلي على مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في العام 2014، وذلك بعد ليلة ثالثة من القصف الروسي المكثّف على البنى التحتية الأوكرانية.

وأعلن سلاح الجو الأوكراني إسقاط 18 صاروخاً و25 مسيّرة متفجّرة من أصل 28 أُطلقت خلال ليل السبت - الأحد. وأُفيد عن أضرار طالت البنى التحتية للطاقة والموانئ في كييف، وكذلك في مناطق لفيف وكريفي ريغ والدانوب، بينما أعلن الجيش البولندي أن صاروخ «كروز» أطلقته روسيا خلال الليل على مدن في غرب أوكرانيا «انتهك» المجال الجوي للبلاد، العضو في حلف «الناتو»، لمدّة 40 ثانية، لافتاً إلى أن الصاروخ «حلّق في الأجواء البولندية فوق قرية أوسيردو» الواقعة على بُعد حوالى 100 كيلومتر من لفيف.

MISS 3