رواد مسلم

سلاح المدفعية "حجر الزاوية" للحرب في أوكرانيا

29 آذار 2024

02 : 00

الإحتفاظ بالخط الدفاعي الأوكراني الحالي يتطلّب 75 ألف قذيفة مدفعية في الشهر الواحد (أ ف ب)

تشنّ أوكرانيا وروسيا منذ أشهر هجمات جويّة ومدفعية وصاروخية متبادلة بشكل تصاعدي، بحيث أطلقت روسيا حوالى 190 صاروخاً و700 قنبلة موجّهة خلال الأسبوع الماضي فقط. هذا النوع من الهجمات يسبّب حوالى 80 في المئة من مجمل الخسائر، كما يستنزف المخزونات لدى الطرفين، علماً أنّ أوكرانيا عرضة للنقص الحادّ في حال استمرّت وتيرة الهجمات المدفعية والصاروخية بلا إمدادات سريعة من الحلفاء، على عكس روسيا التي تمتلك مصانع دفاعية تعمل في شكل متواصل على تلبية الحاجات اللوجستية الميدانية.

أرسلت الولايات المتحدة حتى الآن أكثر من 3 ملايين قذيفة مدفعية من العيارات المختلفة. وستوفّر حزمة المساعدات العسكرية الجديدة المُعلن عنها في 12 آذار والتي تبلغ قيمتها 300 مليون دولار، إمدادات قصيرة الأجل للذخيرة لكييف، وهذا لا يكفي الجيش الأوكراني للحفاظ على الخطوط الدفاعية. إنّ عجز البيت الأبيض عن الحصول على موافقة مجلس النواب لإقرار المساعدة الضخمة بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا، لن يؤثّر سلباً على الجيش الأوكراني فحسب، إنّما على المصانع الأميركية التي تنتج 30 ألف ذخيرة شهرياً حالياً، وبمجرّد إقرار المساعدة ستنعكس إيجاباً على المصانع المحلّية لإنتاج 100 ألف ذخيرة، ما يُقوّي الاقتصاد الأميركي ويعزّز احتياطات البلاد من المخزونات.

تعتبر كوريا الجنوبية من الدول الرائدة في صناعة ذخائر المدفعية. وعملت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن العام الماضي مع إدارة يون سوك يول في سيول على إرسال أكثر من 300 ألف ذخيرة مدفعية من عيار 155 ملم إلى أوكرانيا. وكوريا الجنوبية مستعدّة دائماً لتزويد كييف بالذخائر المدفعية، لكن ليس على شكل «هبة» أو بلا اتفاقات يُمكن أن تفيدها، هذا ما يُمكن أن يدفع الإدارة الأميركية إلى التفاوض مع سيول لإعادة نقل الذخائر لتسليح كييف في مواجهة المخزونات المتضائلة والقصور الذاتي في الكونغرس.

أشارت التقارير الصحافية في نيسان 2023 إلى أنّ كوريا الجنوبية وافقت على إقراض 500 قذيفة مدفعية عيار 155 ملم إلى الولايات المتحدة من مصانع كوريا الجنوبية «بونجسان» و»هانوها فضاء»، مع وضوح ضمنيّ أنّ من ضمن هذه الكمية تلك التي ستوجّه إلى أوكرانيا ودول أخرى حليفة لأميركا، من دون أن تشارك كوريا الجنوبية مباشرة في أي نزاع.

يُدير الجيش الأوكراني الآن مجموعة متنوّعة من المدافع بعيارات مختلفة، بحيث يملك حوالى 100 مدفع «هاوتزر» من عيار 105 ملم، بما في ذلك المقدّمة من الولايات المتحدة «أم 101»، ومن المملكة المتحدة بالتعاون مع الولايات المتحدة من طراز «أم 118» و»أم 119»، ومدافع «أوتو ميلارا» الإيطالي من عيار 105 ملم، وعدد من مدافع «هاوتزر» مع ذخائرها المقدّمة من نيوزيلندا وإيطاليا ولاتفيا، فضلاً عن العديد من مدافع 155 ملم. كما يملك راجمات الصواريخ «أر أم 70 فامباير» بأعداد كبيرة والتي تستخدم لأهداف نقطية محدّدة.

تعتبر مدافع «هاوتزر» مفضّلة لدى الولايات المتحدة لأسباب تتعلّق بكلفة تصنيع ذخائرها من عيار 105 ملم، وسهولة تموضع المدفع في ساحة المعركة، فضلاً عن فعاليته المميّزة بإصابة الأهداف وتدميرها بشكل متوازٍ جدّاً مقارنة بمدافع عيار 155 ملم. فقذيفة 105 ملم يبلغ وزنها حوالى 12 كلغ مقابل حوالى 42 كلغ لذخائر 155 ملم، وفعاليتها قريبة جدّاً من ذخائر 155 ملم، فضلاً عن كلفتها التي تخوّل المصانع بإنتاج أعداد أكبر من ذخائر 105 ملم بذات كلفة ذخائر 155 ملم.

هذا يؤكد ضرورة تحويل مجمل المساعدات في المستقبل إلى مدافع وذخائر «هاوتزر» التي تنتجها دول عدّة، أوّلها كوريا الجنوبية التي حوّلت «الهاوتزر» المحلّي الصنع «ثاندر كي 9» عيار 155 ملم إلى «هاوتزر» 105 ملم.

كان وما زال سلاح المدفعية «حجر الزاوية» في ساحة المعركة الميدانية والجوية بفضل توجيه المقاتلات وكاميرات المسيّرات لذخائر المدفعية الموجّهة لتكون أكثر دقّة وأكثر فعالية من الصواريخ التي تحملها المقاتلات. وفي المرحلة التالية من الحرب في أوكرانيا، سيكون الإمداد المستمرّ بذخائر المدفعية أمراً حاسماً للجيش الأوكراني لهزيمة الهجمات الروسية واستعادة زخم الهجوم المضادّ.

من شأن تدفّق القذائف الكورية الجنوبية من عيار 105 ملم أن يُعزّز القوة النارية الأوكرانية ويسدّ الفجوة حتى تُستأنف المساعدات الأميركية. يقول المسؤولون الأوكرانيون إنّ الاحتفاظ بالخط الدفاعي الحالي يتطلّب 75 ألف قذيفة مدفعية في الشهر الواحد، بينما تُطلق روسيا عند قيامها بالعمليات الهجومية الكبيرة ضعف الذخائر الأوكرانية شهريّاً، ويمكنها الحفاظ على هذه الوتيرة مع الإنتاج الشهري الذي يبلغ حوالى 250 ألف قذيفة، فضلاً عن إمدادات حليفتها كوريا الشمالية.

MISS 3