غادة حلاوي

"الخُماسية" تستكمل جولتها منتصف الشهر: الحوار في انتظار غزة

لا ضير في تحرّك «الخُماسية» ريثما تنتقل إلى مرحلة ثانية من عملها

لا أحد يضمن ألّا تستمر حرب غزة ستة أشهر أخرى. بعد العدوان الإسرائيلي على قنصلية إيران في سوريا ضعفت احتمالات التوصل إلى هدنة. عملية رفح مؤكدة وستترتب عليها تبعات أمنية تؤثر في مناخ المنطقة عموماً. وكل نوافذ الإنفراج مقفلة، وهناك فترة طويلة من الإنتظار يعيشها لبنان مع استحقاقه الرئاسي المرتبط بتطورات حرب غزة. فصل مسار غزة عن لبنان غير وارد، كما أنّه لا جهة يمكن أن تنجح في معالجة الخلاف السياسي.

تؤكد مصادر سياسية أنّ تعقيدات غزة تطوق الاستحقاق الرئاسي في لبنان. ذلك أنّ الحل السياسي يرتبط بالحل الأمني في الجنوب، وأي صيغة للحل خارج ربط الجبهتين مشكوك في نجاحها. وتشكيك في قدرة «الخماسية» على الإختراق، كما في امكانية تحرك الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي تندرج في سياق مهمته مساعدة «الخماسية» في ايجاد المناخات اللازمة لإنتخاب رئيس.

‎يقول المصدر السياسي إنّ النقطة الوحيدة التي اتفقت عليها دول «الخماسية» هي استنفاد كل السبل لمساعدة لبنان على الخروج من الأزمة من دون أن يتوافر لديها أي معطى إضافي. ويلاحظ من موقعه أنّ «الخماسية» لا تروّج لأي مرشح، لأنّ ذلك يفترض توافقاً تفتقده بين مكوناتها. إعلان السفراء أن لا «فيتو» لدولهم على أي مرشح رئاسي لا يلغي تفضيل بعض الدول مرشحاً على آخر.

‎منتصف الشهر الجاري يعود سفراء «الخماسية» لاستئناف جولتهم على السياسيين. خمسة مواعيد تنتظرهم أبرزها مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل و»حزب الله». وبذلك تمهّد لحوار نيابي يُستتبع بجلسة انتخاب رئاسية تريدها مفتوحة، ويريدها رئيس المجلس جلسات منفصلة يُختتم كل منها بمحضر.

‎لا يزال الخلاف قائماً حول شكل الحوار وليس المبدأ بذاته. هل يكون حواراً في مجلس النواب أو حواراً وطنياً شاملاً؟ وهذا ما يتم العمل عليه وبلورته حيث تفصح المصادر عن تدوير زوايا بين ما يطرحه الرئيس نبيه بري والذي قوبل باعتراض بعض الفرقاء، ومنهم رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، وبين الحوار الذي تقترحه «الخماسية» أو تكتل «الاعتدال الوطني».

‎تكمل المصادر السياسية فتقول: «الحوار تلزمه آلية لتحديد هوية المدعوين وبرنامج النقاش كي يخرج بنتيجة، ولا يمكن أن يعقد على قاعدة تداعي النواب للحوار». تعود المصادر إلى عملية انتخاب اللجان والحوار الذي شهده مكتب نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب: «نظّمنا تشاوراً شبيهاً في حضور ممثلين عن «حزب الله» وحركة «أمل» و»القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» والإشتراكي والكتائب».

كل الفرقاء والكتل المعنية كانوا موجودين وخلص التشاور إلى الاتفاق على صيغة تشكلت اللجان على أساسها، «وبالتالي من الطبيعي أن نتشاور حتى نستطيع أن نخرج بحل، وإلا فمن الصعب الاتفاق على حل يؤمن انتخاب رئيس للجمهورية، وربما نصل إلى حوار بناء، وإلا صار الإنتخاب بعيد المنال، وقد يصعب على مجلس النواب الحالي انتخاب رئيس للجمهورية، وهذه حقيقة يدركها الكثير من النواب، وقد سبق ونبّه رئيس مجلس النواب إلى هذا الواقع يوم قال قبل نحو عام تقريباً «أخشى أنّ هذا المجلس النيابي لن ينتخب رئيس جمهورية ويصبح عنوان معركتنا عندما نترشح للإنتخابات إنتخبونا حتى ننتخب رئيس جمهورية».

‎الفكرة ليست مستبعدة، خاصة أنّ مجلس النواب الحالي يكمل عامه الثاني في أيار المقبل أي بعد شهر. ومقارنة بالأزمة الحالية، وفي ضوء الحديث عن أنّ حرب غزة قد تستغرق أشهراً أخرى، يتعزز خلالها احتمال إرجاء الاستحقاق الانتخابي إلى ما بعد الانتخابات النيابية طالما أنّه لا اتفاق على مرشح، وطالما أنّ المجلس النيابي الحالي يتألف من جبهتين يصعب على أي منهما تأمين غالبية الثلثين أي 86 صوتاً للفوز في الدورة الأولى.

‎أسبوعان يفصلان عن عودة الحركة السياسية إلى ملف الرئاسة. وإلى حينه تنشط الاتصالات خلف الكواليس بحيث ليس مستبعداً أن تشهد فترة ما بعد عيد الفطر حركة زيارات جديدة للجنة الخماسية وغيرها في محاولة لتقطيع الوقت والخروج بتوافق على مرشح ثالث استعداداً للمرحلة المقبلة، لما بعد انتهاء حرب غزة وعودة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الذي يدخل انتخاب الرئيس في سياق ورقة العمل التي تقدم بها وعنوانها الاستقرار السياسي كشرط للإستقرار الأمني والعكس. وإلى أن يحين موعد ذلك، فلا ضير في تحرك «الخماسية» ريثما تنتقل إلى مرحلة ثانية من عملها وعينها على التفاهمات التي تتم في الخارج.