ستيفاني غصيبه

من 2020 إلى 2024... هل يُعيد المسلسل نفسه؟

5 نيسان 2024

02 : 00

حتّى لو لم تشاهد مسلسل «2020»، ستنغمس حكماً مع أبطال الجزء الجديد منه: «2024»، كتابة بلال شحادات، إخراج فيليب أسمر، وبطولة نادين نسيب نجيم ومحمد الأحمد.

ليس اكيداً أنّ القصّة الأساسيّة كانت لتكون ناقصة لولا الجزء الجديد، وربّما هذا ما دفع المنتج صادق الصباح إلى إلغاء فكرة موسم ثان كلّيّاً، لكنّنا موعودون بحلقات لا تقلّ تشويقاً عن سابقاتها.

بعد ثلاث سنوات من بث الجزء الأوّل، تعود إلى شاشاتنا النقيب سما (نادين نسيب نجيم) التي تختلف الأسماء والصفات المنسوبة إليها حسب المهمّة أو المصيبة التي تُفرض عليها. ففي «2020»، بعدما قُتل شقيقها على أيدي تجار المخدرات، تحوّلت من نقيب في شعبة المعلومات إلى امرأة متواضعة اسمها حياة العبد الله. وبهذه الهويّة، اخترقت حارة آل الديب وتغلغلت بين المجرمين والمتورّطين في تهريب المخدرات. أمّا في الجزء الجديد، فنزعت عن نفسها صفة نقيب حيث استقالت من الشعبة، واختارت الهروب مع ابنتها ميرا (تالين بو رجيلة التي تلمع موهبتها أكثر فأكثر) إلى قرية نائية مع تغيير اسميهما إلى ملك ونور.


لكن بعد مداهمة نفّذتها الشعبة على قصر ناظم الديب، رئيس العصابة الملاحق منذ الجزء الأوّل، وإدخاله إلى المستشفى، يقرّر ابنه لؤي (محمد الأحمد) الذي لم يُذكر أبداً في الجزء الأوّل، العودة إلى قصر أبيه لمساعدته وليُخرجه من المستشفى وسط الحراسة المشدّدة وينتقم في آن من «الغول» (محمد علي أحمد)، وهو رئيس عصابة أخرى. يلاحق سما وابنتها ويخطفهما، جابراً إيّاهما على مساعدته. فتبدأ الحكاية بمهمّة مبكّلة لإخراج ناظم الديب من المستشفى، وتنتهي بسفرة مع لؤي إلى تركيا... وهذه ليست إلّا البداية.



سما وميرا



غياب الشرير

يقول الفيلسوف الألماني جورج فريدريش هيغل إنّ «المآسي الحقيقية في العالم ليست صراعات بين الحق والباطل، بل تعارض بين حقين». واللافت في «2024»، أنّه يصعب علينا تحديد الخيّرين من الشريرين، فلا سما تجسّد الخير كما اعتدنا عليه ولا لؤي الشر المطلق. حتّى كارمن لبّس التي عادت بدور «رسميّة»، تتقن على حدّ سواء الحقد والانتقام من سما، والحنيّة للاعتناء بقطّها «أبو كوكو» وميرا في غياب أمّها.

فمن دون أن نلاحظ، نبرّر لسما جرائم ومخطّطات تعارض القانون الذي ندعمه بالمبدأ. فلمَ لا نبرّر للؤي؟ في أكثر من مشهد، يبرز الجانب الحنون والبريء من هذه الشخصيّة. لا يحبّ القتل، يعارض نوع التجارة والأساليب التي استخدمها أبوه، وكان مصمّماً على أن يصطحبه معه بعيداً عن عمل المخدّرات والمافيات لو لم يمت.

ولؤي كما سما، يأخذان خيارات متعارضة: لؤي يأمر بقتل ميرا، لكنّه يمنع رجاله من إطلاق النار عشوائيّاً؛ يكون صلباً وقاسياً مع رجاله لكنّه يتلبّك ويفقد تماسك أعصابه أمام «الغول»، خصوصاً عندما يسيء لأبيه في الحديث. أمّا سما، فتأخذ حذرها من كلّ النواحي، إلّا عندما كانت تزور قبر أبيها؛ تمالكت نفسها واحتمت بسيّارة الإسعاف بعد مقتل ابنتها المفترض، لكنّها انهارت أرضاً بعدما أصابت رصاصاتها زميلها السابق في الشعبة أيمن (وسام صليبا)؛ فنت السنوات الأخيرة من حياتها لمكافحة إجرام العصابات، وتعمل اليوم لصالح أكثر شبكة أساءت لها ولزملائها في الشعبة.

إذاً سما ولؤي حقّان: لم يختارا الظروف التي يجدان نفسيهما بها، وفي الوقت نفسه يعودان إلى هذا الطريق عند كلّ مفترق.


قتلت أيمن بهذه البساطة؟

كيف لا نتوقّف أمام الحلقة الخامسة وما تضمّنته من إبداع في الكتابة والإخراج والتمثيل. رغم أنّ بعض الأحداث يصعب تصديقها منطقياً– لكنّ السياق الدرامي يفرض نفسه كما في غالبيّة أعمال الحركة الأخرى– إلّا أنّ النمط السريع للأحداث والمفاجآت المتتالية تبقينا من دون نفس، ليأتي مقتل أيمن بمثابة المفاجأة الأكبر التي حملت مشاعرنا إلى أوجّها.

قتلت سما أيمن ببساطة، لدرجة أنّنا شككنا في أن يكون مات حقّاً، لولا وضعنا إصبعنا في الجرح بواسطة كاميرا فيليب أسمر. وربّما حتّى لم نرِد أن نصدّق قبل أن رأينا العلبة آتية باتّجاه شعبة المعلومات وهو مقوقع في داخلها وغارق في دمائه.

ألّا تنتهي القصص كما نتوقّع، أن يموت بطل من الأبطال، هذه جرأة لم يعتَد عليها الجمهور اللبناني والعربي.

كذلك، يظهر في هذه الحلقة أخيراً ضعف سما، هذه المرأة التي لا يصعب عليها أمر. هي التي تخاطر وتخوض أصعب المغامرات وتجازف في حياتها ولا تخاف من العنف بل حتّى تستخدمه أحياناً، تبدو ضعيفة ومكسورة بعد موت أيمن؛ تبدو إنسانة.



أيمن مصاباً برصاصة سما



لؤي بعد صافي؟

قد يكون أكبر فشل للمسلسل أن يجدّد قصّة حبّ سما مع رجل من رجال المافيا ذاتها. ففي الموسم الأوّل، «2020»، تقع النقيب سما التي انتحلت شخصيّة حياة عبدالله الوهميّة، في حبّ صافي الديب (قصي خولي)، ابن أخ رئيس العصابة الملاحقة ناظم الديب، والذي توفي في نهاية الجزء الأوّل، أو أقلّه هذا ما اكتشفناه مع بداية الجزء الثاني.

ولو أنّ إطار الأحداث والتفاصيل تختلف، إلّا أنّ سيناريو يكرّس قصّة حبّ بين لؤي وسما لا يكون جزءاً ثانياً لـ «2020»، بل نسخة ثانية منه.

حتّى الآن، كلّ التفاصيل والتلميحات تشير وتصوّب نحو هذا الاتّجاه، لكنّ عنصر المفاجأة (أو ما يعرف بالـplot twist في الإنكليزية) ليس ما ينقص هذا العمل.




MISS 3