رمال جوني

لا اعتبار لـ"كورونا" في النبطية والأزمات تتصاعد

3 آب 2020

02 : 00

قطع الناس الشكّ باليقين، "كورونا" لا تنتشر في العيد، قاطعوا شراء الملابس لعجزهم عن دفع ثمنها الذي تضاعف مرات عدّة، وقاطعوا شواء اللحوم وتناول معمول العيد في اعتباره من الكماليات ولا ضرورة له نظراً للظروف المادية. لكنّهم لم يقاطعوا الأعراس، ولا الحفلات العائلية، ولا حتى ارتياد الأنهر والمقاهي والبراري، خالطوا نفسهم بنفسهم من دون أي اعتبار لـ"كورونا" الذي ينهش الجسم الصحّي ويفتك بالمجتمع. لم يُبالوا بسرعة تفشّي الوباء، خصوصاً مع فقدان بوصلة تحديد مصادر العدوى، تصرّفوا في العيد وكأنّ لا وباء، لا عدوى، لا كوفيد، ولا ذلّ. غضّوا الطرف عن وقوفهم لساعات في طابور الباحثين عن ليتر بنزين أمام محطّات النبطية المُقفلة بمعظمها، والتي تشهد تقنيناً قاسياً لأسبابٍ في نفس يعقوب التجار. همّهم هو البحث عن الفرح الموقّت، لا يمكن لومهم ، فالأزمات التي تعصف بحياتهم بات كثيرة، من إرتفاع فاتورة الإشتراك الشهري للمولّد أضعافاً، الى ارتفاع السلع المدعومة والمفقودة أصلاً، الى ارتفاع اسعار الدجاج واللحوم والأسماك.

باتت سيناريوهات الإفلاس أكثر تداولاً في سوق الغلاء والجشع والتلاعب في كل شيء، السوق السوداء سيطر على كل شيء بحكم أنّ الرقابة إن حضرت، فلبضع دقائق. يسأل المواطنون أين نواب المنطقة من الأزمة وذلّ الناس، وأين الأحزاب؟ بحسب المعطيات، فإنّ القضية تراوح مكانها، لم تسلك طريق المعالجة، بالرغم من تأكيد الجميع ومن داخل منشآت الزهراني أنّ المحروقات تخرج بكميات وافرة، فأين تتبخّر؟ ولماذا تتوفر المحروقات في السوق السوداء وتختفي من المحطّات؟ بحسب متابعين، فإن القضية تحتاح الى فتح تحقيق، خصوصاً وأنّ انقطاع المازوت أدّى الى رفع أسعار اشتراكات المولّدات بشكل مُضاعف، وتشير المصادر الى أنّ الإعتراض ممنوع لأنّها ستكلّفه قطع الاشتراك، كوسيلة ضغط تُمارس ضدّ الشعب المغلوب على أمره، على مرآى من أحزاب المنطقة التي تتفرّج، ويعتبرها المواطن متواطئة مع التجّار، تماماً كما حصل مع علي الذي سجّل سلسلة اعتراضات على آلية عمل الإشتراك في بلدته فقطع عنه، على قاعدة قمع التعبير، ما سيدفع بالناس الى الرضوخ للواقع.

لا تُلام الناس على سوء تصرّفاتها فهي تحتاج الى دعم ضائع في دهاليز الدولة المُفلسة، والى طبابة باتت تحتكم الى الظرف الطارئ. لا أحد يلوم أمّ كمال، السيدة العاملة في الملحمة التي إضطرت لالغاء عمليتها النسائية، فقط لأنّها لا تملك ثمن فحص "كورونا"، لم تجد السيّدة الأربعينية والوالدة لأربعة أطفال سوى رفع صوتها، رفضاً للذلّ ومُصادرة حقوقها، كما شرحت. تقول السيدة أنها لجأت الى المستشفى الحكومي لإجراء العملية بحسب الموعد الذي حدّدته لها وزارة الصحة، "فطلبوا منّي إجراء فحص الـ PCR للضرورة، تحسباً لأيّ مُضاعفات مفاجئة أثناء العملية، ووافقت على الخصوع له داخل المستشفى، غير أنّهم طلبوا أن أجريه في مستشفى خاص وعلى نفقتي الخاصة، فرفضت لأنّه يفترض أنه يكون مجانيا ومتوفراً داخل المستشفى، أضِف الى أنّ تكلفته ١٥٠ الف ليرة، وهذا ما لا قدرة لي على دفعه". وتسأل: "لماذا الفحص غير متوفّر في المستشفى، وكلنا يعلم أنه مُجهّز لـ"كورونا" والوزارة توفّره مجّاناً؟ ما اطلبه حقّي لا أكثر".

تتقاضى السيدة أمّ كمال٧٠٠ الف لقاء عملها في تنظيف الملحمة، تدفع ٤٠٠ الف ليرة لبنانية بدل إيجار منزلها، وما تبقّى منه تدبّر به أمورها. تستغيث بعدما طفح الكيل، تقول: "كان يفترض أن أخضع للعملية في ٤ الشهر الحالي، ورتّبت الأوراق المطلوبة، غير أن فحص "كورونا" حال بيني وبين التخلّص من آلامي". وتؤكد أن الوزارة تابعت ملفّها ووعدت بمُحاسبة المقصّرين. لا تُخفي أن مستشار وزير الصحة حمد حسن اتّصل بها وأبلغها متابعة الملف ومعالجته، وانّ عمليتها تحدّدت في الأسبوع المقبل، وتؤكّد أنه سيُصار الى فتح تحقيق في الأمر.            

MISS 3