وثائقي "اعترافات الحرب اللبنانية "... عرض خاص للصحافة في سينما رويال

17 : 32

أقيم عند الساعة السابعة من مساء السبت 13 نيسان، في سينما رويال برج حمود، عرض مخصص للصحافة للفيلم الوثائقي "اعترافات الحرب اللبنانية" الذي كان من المقرر أساساً أن يعرض بالتعاون مع مؤسسة "سينما لبنان" في 13 تشرين الأول الفائت، ولكن الموعد أرجئ بسبب أحداث 7 تشرين الأول في فلسطين، والمفارقة أن هذه الأحداث ضاعفت دلالات هذا الشريط التسجيلي وجعلته أكثر صلة بالواقع الراهن.


وكان 13 تشرين الأول 2023 الموعد الذي ألغي لاحقاً لعرض هذا الفيلم الوثائقي الطويل تزامناً مع الذكرى الرابعة والثلاثين لآخر فصول النزاع الذي مزّق بلد الأرز بين العامين 1975 و1990.


ولا يروي هذا الشريط مجريات الحرب، "بل يتناول تكلفتها العاطفية والنفسية ويركّز على أهمية المسامحة والتوبة"، من خلال شهادات لعدد ممن شاركوا فيها.


ويتَضَمّنَ الفيلم بين مشاهده الأرشيفية مداخلات لعدد من الذين خاضوا الحرب ميدانياً، من مختلف الأطراف، أو كان أفراد من عائلاتهم من الفاعلين فيها أو من ضحاياها، وهم كوليت طنوس وزياد صعب وإيلي أبي طايع وأسعد الشفتري ونسيم أسعد وبدري أبو دياب وراتب الجيباوي ورشا الأمين ونبيل منذر وربيع المغربي وعلي أبو دهن ووداد حلواني.


واعتبر هؤلاء في بيان مشترك أن مساهمتهم في الفيلم كانت بمثابة طريقتهم "لإخبار ما حدث" طوال "الرحلة الشخصية" لكلّ منهم خلال الحرب.


وأوضح أصحاب الشهادات في الشريط بأنهم سعوا من خلاله إلى "التوعية بفظاعة الحروب عموماً". وقالوا: "قد قاتلنا جميعاً وشاركنا في الحرب إيماناً منّا بأننا نحارب في سبيل قضية، ولنجعل لبنان بلدأ أفضل، كلّ على طريقته وانطلاقاً مما يحلم به ومن نظرته الخاصة لوطنه، لكنّ جلّ ما فعلناه في الواقع كان تدمير بلدنا كلياً".


واضافوا: "لقد كان الإدلاء بشهاداتنا عن دور كلّ منّا في الحرب الأهلية اللبنانية عاملاً مساعداً لنا على الشفاء إلى حدّ، وعلى طلب المغفرة، ونأمل في أن نساهم بذلك في ثَني الجيل الجديد عن الوقوع في الحرب مجدداً، أيّاً كانت أهمية القضية التي قد تدفعهم إلى ذلك، أو ما يعتقدون أنه يستحق القتال أو القتل من أجله. فالحرب ليست الحل، ولن تؤدي إلا إلى الموت والدمار".


ولاحظوا أن "أحداً لم يتحدث فعلياً عن الحرب في لبنان عندما انتهت، ولم تحصل مصالحة حقيقية". وتابعوا قائلين: "في هذا الفيلم، نحاول أن نتحلى بقدر كافٍ من الشجاعة للإقرار بأننا أخطأنا، ولنعتذر عن خطئنا. ومع أن هذين الاعتراف والاعتذار لن يعيدا يا للأسف الحياة إلى من ماتوا، ولن يعيدا بناء الوطن، فهما يَصلُحان على الأقل قاعدةً لحوار صادق، ولعرض مختلف وجهات النظر، علّ ذلك يساهم في توفير نقطة التقاء لبناء لبنان الذي نحلم به، من خلال قبول الاختلافات في ما بيننا واحترامها".


جبور وغاري وماكيلوب


وقالت المُنتجة المشاركة دنيز جبور الآتية من عالم إنتاج الإعلانات الإذاعية والتلفزيونية ومسلسلات الويب الدرامية العربية ومن أبرزها "شنكبوت" و"فساتين" الفائزان بجوائز: "لقد أثّرت الحرب الأهلية اللبنانية فيّ بشدة، إذ ولدت في العام 1974، فقضيت طفولتي ومراهقتي في خضمّ الصراع في ما كان يسمى آنذاك بيروت الغربية و شهدت فظاعة الحرب وقسوتها، لكنني شاهدت أيضاً جمال وقوة الشعب اللبناني الذي كان يسعى للعيش والبحث عن السعادة تحت القنابل".


اضافت: "أنا أؤمن بقوة الحوار والتواصل، وهذا الفيلم يتيح للمشاركين فيه التحدث وإخبار تجاربهم الشخصية وشرح الأسباب التي دفعتهم إلى خوض هذه الحرب العبثية. أعتقد أن التحدّث عنها علاج شافٍ، وأن رواية التاريخ وما حدث للأجيال المقبلة، سيترك في هذه الأجيال أثراً، عسى ألا تقع في الأخطاء نفسها مرة أخرى".


وروى شريكها في الإنتاج، الأميركي جيروم غاري: "في العام 2011، كنت أتولى إخراج فيلم وثائقي طويل رافقتُ فيه مجموعة من الشباب الأميركيين في رحلتهم إلى الشرق الأوسط في أعقاب الربيع العربي، وصوّرنا لمدة أسبوع في لبنان. كان المشاركون في الفيلم مهتمين خصوصاً بالحرب الأهلية اللبنانية، لذلك أجرينا مقابلات مع عدد من الأشخاص الذين كانوا على استعداد للتحدث عنها. قال أحد الشباب إن أحداً لا يتحدث عن الحرب الأهلية، لكنّ التغلّب على الأمور وتجاوزها يستلزمان التحدث عنها".


وأضاف غاري الذي سبق أن رُشحَت أعماله السينمائية والتلفزيونية لجوائز "أوسكار" و"إيمي" وعمل في الشرق الأوسط منذ العام 2004: "كانت هذه الملاحظة بمثابة الحافز لإنجاز هذا الفيلم . وجدتُ أن دعم مخرجين لبنانيين في تصوير فيلم وثائقي عن الآثار المدمرة لهذه الحرب الأهلية، وبالتالي الآثار المدمرة لجميع الحروب، سيكون فكرة جيدة. لدى لبنان أمثولات يعلّمنا إياها جميعا".

أما المنتج المنفّذ ديفيد ماكيلوب ألذي سبق أن تولى إدارة البرامج في The History Channel و Nat Geo و A&E، فوصف الفيلم بأنه "صرخة من لبنان إلى البشرية وتحذير مُدَوٍّ مما تخلّفه الحروب الأهلية من دمار لا طائل منه". وشدّد على أنّ "جراح هذه الحروب لا تندمل أبداً، بل يستمر نزفها عبر الأجيال". وأكّد أنّ "انعدام الثقة والتكاذب والانقسامات التي أشعلت فتيل الحرب الأهلية اللبنانية ، لا تزال تصيب لبنان والعالم اليوم".


ولاحظ مخرج الفيلم شون طومسون أن "لا منتصرين في الحروب الأهلية، بل يصبح الجيران أعداء، وتتحوّل المدن أنقاضاً، وتصير أحلام الآباء المحطمة عبئًا على كاهل أبنائهم".


أضاف طومسون الذي تولّى أيضا مهمة التوليف: "سجّلنا أكثر من 200 ساعة مقابلات، لم تكن مع الضحايا، بل مع مِن خاضوا الحرب الذين أقرّوا بما فعلوه خلالها".


وأضاف "في البداية اعتمدنا تقسيماً انطلاقاً من انتماء كل منهم، ولكن سرعان ما أدركنا أن هذا التوزيع غير مناسب، إذ أن هؤلاء المقاتلين الذين كانوا سابقاً أعداء، يجمعهم اليوم الشعور بالذنب والحقيقة الجارحة والندم والمعاناة والتعاطف، وهم لنا جميعاً مثال للحكمة".


ولاحظ أن "المقابلات لم تُفضِ إلى اي تفسير قاطع لما حدث، بل تضاربت الروايات، فاستسلمنا لأصوات المشاركين، وأثمرت شهاداتهم تاريخًا عاطفيًا ونفسيًا ذا وَقع بالغ القوة".


أضاف أن "المادة الناتجة عن هذه الشهادات هي التي فرضت طبيعة الفيلم ومدّته"، مشيراً إلى أن "نسخاً أطول بكثير أُعِدَّت لكنّ الشحنة العاطفية فيها كانت عالية". وتابع قائلاً: "لم نحاول سرد قصة من فعل ماذا ولمن، فلا اتفاق على سردية واحدة، لكنّ الفيلم بمثابة توثيق للرحلة العاطفية لمجموعة من المقاتلين، ركّزنا فيه على العواقب الوخيمة عاطفياً ونفسياً وجسدياً للحرب".







MISS 3