تل أبيب تُقرّر كسر "معادلة طهران"... والغرب لتشديد عقوباته على إيران

02 : 00

هاغاري ونائبته يقفان إلى جانب بقايا صاروخ إيراني في قاعدة جولس العسكرية أمس (أ ف ب)

تُجمِع مواقف القادة الإسرائيليين، السياسيين والعسكريين، فضلاً عن تقارير وسائل الإعلام العبرية وتسريبات مصادرها السياسية والأمنية، على أن تل أبيب قرّرت كسر المعادلة التي حاولت طهران إرساءها عبر ردّها على تدمير قنصليّتها في دمشق واغتيال قادة ومستشارين في «الحرس الثوري» بشنّ هجوم واسع على الدولة العبرية لفرض نوع من «الردع» بعدما نفد «صبرها الاستراتيجي»، فيما تُحاول أميركا وأوروبا تهدئة حليفتهم إسرائيل والحؤول دون اتخاذها قراراً عسكريّاً قد يُشعل المنطقة برمّتها.

وبانتظار ما ستُقرّره «حكومة الحرب» في ما يتعلّق بالردّ الإسرائيلي على الهجوم الإيراني، وحجمه ومكانه وتوقيته، حسم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الإيرانيين «لن يتمكّنوا من تطبيق معادلة ردع مختلفة ضدّنا»، فيما قال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري لصحافيين في قاعدة جولس العسكرية بينما كان يعرض بقايا صاروخ إيراني اعتُرض خلال الهجوم: «لا يُمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا النوع من العدوان، إيران لن تنجو من العقاب!».

في المقابل، توعّدت طهران بالردّ على أي عمل إسرائيلي يستهدف مصالحها، إذ قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال اتصال مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ليل الإثنين: «نُعلن بكلّ حزم أن أصغر عمل ضدّ مصالح طهران سيُقابل بردّ هائل وواسع النطاق ومؤلم ضدّ جميع مرتكبيه».

لكنّ إيران تُبدي في الوقت عينه رغبتها في التهدئة، بحيث ذكرت وكالة «شينخوا» أمس أنّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أكدّ لنظيره الصيني وانغ يي خلال مكالمة هاتفية أنّ بلاده لديها «الرغبة في ممارسة ضبط النفس» وليست لديها أيّ نية لتصعيد أكبر للتوترات. بيد أن عبداللهيان حذّر وانغ، وفقاً للوكالة، من أنّ أيّ هجوم جديد ضدّ مصالح إيران أو أمنها سيؤدّي إلى ردّ فعل «حاسم وفوري وكبير»، مشيرةً إلى أنّ هذا التحذير موجّه خصوصاً إلى واشنطن.

ووسط هذا المشهد السوداوي الذي وضع الشرق الأوسط على «فوهة بركان» قد يقذف حممه عند أي خطوة عسكرية جديدة بين الدولة العبرية والجمهورية الإسلامية، تزداد المخاوف الإقليمية والدولية من سيناريوات خطرة لها تداعيات مدمّرة، إذ أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي عن قلقه من احتمال استهداف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية، كاشفاً أن هذه المنشآت أُغلقت الأحد وستبقى مُغلقة «لاعتبارات أمنية»، كما أبلغت طهران مفتّشي الوكالة الذرية.

وتتراوح السيناريوات للردّ الإسرائيلي بين الهجمات السيبرانية المركّزة واستهداف مصالح إيران وأذرعها في المنطقة، والاستمرار في اغتيال مسؤولين وقادة في «فيلق القدس»، وبين توجيه ضربة أو مجموعة ضربات ضدّ مواقع عسكرية أو مصانع داخل الجمهورية الإسلامية، وصولاً إلى شنّ هجوم واسع يصل إلى حدّ استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وفق ما تتداوله وسائل إعلام إسرائيلية وغربية. إلّا أن محلّلين يستبعدون شنّ تل أبيب هجوماً واسعاً داخل إيران، لكنّهم يتخوّفون من أن يُفجّر أي هجوم إسرائيلي داخل الأراضي الإيرانية، مهما كان حجمه، حرباً إقليمية شاملة.

في الأثناء، تسعى الدول الغربية إلى تشديد عقوباتها على إيران وتوسيعها ردّاً على هجومها على إسرائيل. فقد توعّدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بأن واشنطن ستفرض عقوبات إضافية على طهران، متوقّعةً أن تتّخذ بلادها مزيداً من التدابير في هذا الشأن «في الأيام المقبلة». كما كشف مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن الاتحاد يعتزم توسيع دائرة عقوباته التي سبق أن فرضها على طهران في ما يتّصل بالمسيّرات الإيرانية. ويُمكن أيضاً أن يشمل نظام العقوبات أذرع طهران في الشرق الأوسط، مثل «حزب الله» والمتمرّدين الحوثيين، بحسب بوريل.

وفي اليوم الـ193 للحرب في غزة، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لجنود جُدد في الجيش أن بلاده «تضرب حماس بلا رحمة»، وفق ما أفاد بيان صادر عن مكتبه. وقال نتنياهو للجنود: «إنّكم تنضمّون إلى (الجيش الإسرائيلي) في مواقع قتالية مهمّة في سبيل صدّ عدو قاس»، مؤكداً «نحن نضربهم بلا رحمة وسنهزمهم»، في وقت عادت فيه الدبّابات الإسرائيلية أمس إلى مناطق في شمال القطاع كانت قد غادرتها قبل أسابيع، فيما شنّت مقاتلات غارات جوية على مدينة رفح، ما أدّى إلى سقوط قتلى ومصابين.

وعلى خطّ الضفة الغربية، أعرب مكتب حقوق الإنسان الأممي عن قلقه البالغ إزاء تصاعد العنف في المنطقة، وطالب قوات الأمن الإسرائيلية بأن «توقف فوراً مشاركتها النشطة ودعمها لهجمات المستوطنين» على الفلسطينيين هناك. وندّد بتعرُّض الفلسطينيين في الضفة «لسلسلة هجمات يُنفّذها مئات المستوطنين الإسرائيليين، غالباً ما يكونون مرافقين أو مدعومين من قوات أمن إسرائيلية».

MISS 3