لا تترك صيدا مناسبة إلا وتؤكد فيها تمسّكها بمؤسسات الدولة وبتطبيق القانون، رغم تراجع دورها وتفكك العديد منها، البعض يعتقد أنها تسير عكس السير، فيما قناعة قواها السياسية والشعبية أن النهوض بالمدينة لا يمكن أن يكون إلا من خلال إزالة المخالفات والفوضى، وخاصة في وقت يلوح فيه شبح الحرب ويلفّ التصعيد العسكري الإسرائيلي القرى الحدودية. في خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة وتردّي الأوضاع المعيشية وارتفاع الغلاء والبطالة، حاولت بلدية صيدا المواءمة بين غض الطرف عن تسهيل أرزاق المواطنين وبين الحفاظ على تطبيق القوانين، لا سيّما خلال شهر رمضان وفترة عيد الفطر، ولكنها اليوم وبدعم من القوى السياسية، حسمت خيارها ببدء حملة شاملة لإزالة كل الفوضى والمخالفات من شوارع المدينة واحيائها.
وتقول أوساط صيداوية لـ»نداء الوطن» إنّ البلدية «لم يعد بإمكانها السكوت عن الفوضى والمخالفات التي تنتشر في مختلف شوارع المدينة وعلى العديد من طرقاتها ولا سيّما قرب السياحية والأثرية وعلى الكورنيش البحري، مع الاستعداد لموسم الصيف في حال هدأت الأوضاع الأمنية جنوباً، وهي تستكمل خطتها التي بدأت بها منذ فترة لتنظيم أوضاعها، ومنها قمع المخالفات ولوحات الإعلانات واللافتات وسواها». وتؤكد الأوساط «أن صيدا ليست مفصولة عن قرى جوارها ولا عن باقي المدن اللبنانية، وبالتالي فإنها تسعى إلى إعادة ترتيب ملفاتها وأوضاعها وأولوياتها على ضوء الحديث المتزايد عن تأجيل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، ما يتطلب محاكاة كل المشاكل والقضايا، ولا سيما بعد نجاحها في معالجة مشكلة جمع ونقل النفايات، وهي تضع نصب أعينها معمل المعالجة لتعود إلى سيرتها الأولى نظيفة بيئياً».
في الشقّ التنظيمي، عقد في القصر البلدي اجتماع بلدي – أمني، بحضور رئيس البلدية حازم بديع، وقائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد ماجد الأيوبي، وقائد سرية درك صيدا العميد باسم يحيي، وآمر مفرزة الاستقصاء في الجنوب المقدّم شربل حبيب، وآمر مفرزة سير صيدا الرائد محمد اليمن، وقائد شرطة البلدية المفوض بدر القوام، وخلص إلى الاتفاق على بدء تنفيذ الخطة فوراً. وعلمت «نداء الوطن» أن الاجتماع أعطى الضوء الأخضر لشرطة البلدية وبمؤازرة من قوى الأمن الداخلي للبدء بحملة واسعة والأهم متواصلة، لإزالة المخالفات ضمن نطاق المدينة بإشراف محافظ الجنوب منصور ضو، بناء على تمنيات أهالي صيدا.
وفي الشق الميداني، حدّدت البلدية أن الحملة ستشمل المخالفات والتعدّيات في كافة أحياء وشوارع صيدا من دون استثناء، وخاصة عربات الخضار والبسطات وتجمّع العربات وتحديداً في ساحة الشهداء، الخط البحري مقابل فلافل أبو رامي والسوق التجاري.
وفي ظاهرة غريبة ومزعجة، قرّرت البلدية منع حجز أماكن باستخدام العوائق أو الكراسي أو الإطارات المطاطية على الطرقات وأمام الصيدليات والمؤسسات، إلا بعد الاستحصال على رخصة من البلدية، لأنها في نهاية المطاف أملاك عامة وليست خاصة وتسبّب مشاكل وخلافات كثيرة.
وباشرت البلدية منع ما تبقّى من بسطات بيع السمك المثلّج نهائياً على طول الكورنيش البحري، كونها لا تتلاءم مع المعايير الصحية والبيئية، ومتابعة ملاحقة ممتهني التسوّل المنتشرين على المستديرات وتقاطع الطرقات والإشارات الضوئية بمؤازرة أمنية وقضائية، ومنع تواجد الخيم والطاولات والكراسي وماكينات الإكسبرس على الكورنيش البحري والشاطئ، امتداداً من الملعب البلدي إلى مطعم الاستراحة كمرحلة أولى.
ولامست البلدية المشكلة الأكثر صعوبة وتعقيداً والمتعلقة بالدراجات النارية، وقرّرت بالتعاون مع القوى الأمنية، إقامة حواجز ودوريات مشتركة بين شرطة البلدية وقوى الأمن الداخلي، حيث سيتم حجز كل دراجة لا يلتزم سائقها بشروط كثيرة ومنها: أن يكون عمره فوق 18 سنة، يلتزم بمعايير السلامة العامة من ارتداء الخوذة أثناء القيادة وأن يكون لبنانياً أو فلسطينياً أو من جنسية أخرى حاصل على أوراق رسمية صالحة وإقامة وإجازة عمل، عدم تغيير عادم الصوت في الدراجة، عدم القيام بحركات بهلوانية تعرض السائق والآخرين للخطر، عدم قيادة الدراجات النارية على الأرصفة والكورنيش، وعدم السماح بأكثر من راكبين على كل دراجة عدم قيادة الدراجات بعكس اتجاه السير.