جاد حداد

Heart of the Hunter... الأولوية لمشاهد الحركة

20 نيسان 2024

02 : 00

يقدّم فيلم Heart of the Hunter (قلب الصياد) على شبكة «نتفلكس» خليطاً قوياً من مشاهد الحركة، والتشويق، والمؤثرات البصرية التي تخطف الأنفاس. لكن يعطي الفيلم الأولوية للسرعة والقوة على حساب التفاصيل الدقيقة، فيزيد رغبة المشاهدين في خوض تجربة أكثر تميّزاً.

تتمحور القصة حول «زوكو كومالو» (ثاندو دلومو)، عامِل متواضع وهادئ له ماضٍ غامض. لكنّ الصدفة التي تجمعه مع راكب دراجة على شفير الموت اسمه «جوني» (سيابونجا ثوالا) تُحطّم حياته اليومية العادية فجأةً. يعطيه «جوني» جهازاً غامضاً من نوع «يو إس بي» فيه أدلة قد تُسقِط مرشّحاً سياسياً قوياً يحمل أجندة غامضة. سرعان ما يصبح «زوكو» مستهدفاً، إذ تبدأ وكالة حكومية وحشية («وكالة الاستخبارات الرئاسية») بملاحقته طوال الوقت. تتولى العميلة القوية والمتسلطة «متيما» (تيري فيتو) قيادة تلك الوكالة.

سرعان ما تتحول رحلة «زوكو» إلى نضال يائس للبقاء على قيد الحياة. هو يستعمل مهارات طوّرها في ماضيه الغامض (يُلمِح إليه صانعو العمل لكنهم لا يستكشفونه بالكامل) لتجنب القبض عليه وفضح المؤامرة الشائكة. يبرع الفيلم في تقديم مشاهد الحركة. تبدو تصاميم القتال حادة ووحشية، وهي تسلّط الضوء على بنية دلومو القوية. كذلك، تبدو كل مواجهة أشبه برقصة عنيفة ودقيقة، فتبقي المشاهدين على أعصابهم. يستعمل «زوكو» بيئته لمصلحته، فيحوّل الطرقات المغبرة والأسواق المزدحمة إلى ساحات معارك مرتجلة.

في غضون ذلك، تتطور قصة موازية في مدن جنوب أفريقيا الصاخبة. ينشغل صحفي تشوّهت سمعته واسمه «مايك بريسلر» (ديون كوتزي) والمتدربة العنيدة لديه «أليسون» (جيسيكا هينز) باستكشاف فضيحة وشيكة على صلة بالعميلة «متيما» و»وكالة الاستخبارات الرئاسية». يأتي تحقيقهما ليرفع مستوى التشويق والغموض، لكن يتعثر الفيلم أحياناً في مساعيه للتوفيق بين محاولات «زوكو» الجنونية للهرب وإصرار الصحفيَين على اكتشاف الحقيقة. يسهل التعلّق بهذين الخطَّين السرديَين، لكن كانت تقوية هذه الخيوط لترفع مستوى الفيلم بشكل عام. نظراً إلى تشابك ماضي «بريسلر» مع «متيما»، تزيد مبررات مساعيه الشخصية للانتقام، ما يوحي بوجود قصة أعمق لكن لا يستكشفها صانعو العمل بدرجة كافية.

قد تكون مواقع التصوير من أقوى نقاط الفيلم. يُركّز العمل على جمال جنوب أفريقيا المتنوع عبر استعمال مؤثرات بصرية مدهشة، فتظهر الصحارى المشمسة في الأفق، والأدغال المورقة التي تعجّ بمظاهر الحياة، ومساحات المدن الصاخبة التي تنبض بأعلى درجات الطاقة. سرعان ما تصبح هذه الخلفية الحيوية أكثر من مجرّد مناظر عابرة، فهي تعزز مصداقية القصة وغناها الثقافي. في المقابل، يتجنب صانعو العمل تقديم أفريقيا بالطرق النموذجية، ويفضّلون أن يُلمِحوا إلى النسيج الاجتماعي والاقتصادي المعقد في البلد.

لكن لا يخلو الفيلم من الشوائب. تبدو الحبكة المعقدة مبالغاً فيها أحياناً، إذ يرتفع عدد الشخصيات والجماعات التي نتعرّف عليها خلال وقتٍ قصير، لذا قد يجد المشاهدون صعوبة في فهم شبكة التحالفات والدوافع الكامنة، لا سيما في الأجزاء الأولى من القصة. كذلك، يعطي الفيلم الأولوية لمشاهد الحركة بدل استكشاف عمق الشخصيات. يتّسم «زوكو» بقوة الإرادة والذكاء بكل وضوح، لكن لا تتطور دوافعه ورحلته العاطفية بالشكل المناسب. في الوقت نفسه، كان من الأفضل أن يتعمق صانعو العمل في صراع «بريسلر» الداخلي وعلاقته مع «أليسون».

لكن رغم التركيز على مشاهد الحركة، يقدّم الفيلم مواضيع التجدّد والنضال ضد الفساد السياسي بأسلوب سلس. يُلمِح ماضي «زوكو» إلى مرحلة قاتمة من حياته، وسرعان ما تتحول رحلته إلى محاولة للتكفير عن أخطاء الماضي. كذلك، تعكس حملة «بريسلر» الصحفية ضد «وكالة الاستخبارات الرئاسية» كفاحاً يائساً لكشف الحقيقة ومحاسبة المرتكبين عبر مواجهة القوى النافذة. لا تتطور هذه المسائل بالدرجة الكافية لكنها تزيد عمق القصة، فيصبح العمل أكثر من مجرّد فيلم حركة بسيط.

في مطلق الأحوال، يجمع الفيلم بين التشويق والحركة ولا يكفّ عن عرض مشاهد تثير التوتر. هو يتميّز بتصاميم قتالية استثنائية، ويُركّز على مناظر طبيعية خلابة في جنوب أفريقيا. مع ذلك، لا يستفيد الفيلم من كامل قدراته بسبب حبكته المتخبطة وشخصياته السطحية بدرجة معيّنة.

يبقى هذا الفيلم خياراً مناسباً لكل من يبحث عن عمل مليء بالمطاردات ومميز من حيث المؤثرات البصرية. لكن إذا كنت تفضّل قصة أكثر تعقيداً، وشخصيات أكثر عمقاً، ومواضيع أكثر تطوراً، قد لا يناسبك هذا الفيلم على جميع المستويات.

MISS 3