مايا الخوري

الرقص فنّ راقٍ ولغة تتخطّى الحدود

8 آب 2020

02 : 00

واجه منذ البدايات تحديات كثيرة في مجتمع شرقي لم يؤمن بموهبته، لكنه ثابر وحوّل أحلامه إلى طموح فحقيقة، فأصبح اسمه لامعًا شرقًا وغربًا في مجال تصميم الرقص والإبداع. نديم شرفان مصممّ لوحات فرقة "ميّاس" ومؤسسها، شارك أخيراً في إحتفال "كرمالك يا وطن" لتكريم الجيش بعيده الـ75، بلوحة فنية راقية. عن مسيرته الإبداعية ومشاريعه تحدث إلى "نداء الوطن":

يتحدث نديم شرفان عن اللوحة التي قدّمها في مهرجان "كرمالك يا وطن" فيقول:"صممّت لوحة من القلب لتكريم الجيش اللبناني محاولاً إيصال ما يمثّله بالنسبة إلى الشعب اللبناني وما يرمز إليه، مستوحياً من تدريباته الميدانية. صحيح أننا تمرّنا في فترة زمنية قياسية وبظروف صعبة، لكننا كثّفنا جهودنا لنكون جاهزين للإحتفال".

وعمّا تتميّز هذه اللوحة عن سابقاتها؟ يجاوب:" من الطبيعي أن يلحظ الجمهور لمسة من "ميّاس" كوني مصمّم لوحاتها ومؤسسها، إنما وضعت الفرقة وأسلوبها هذه المرة جانبًا، متعاوناً مع راقصين لبنانيين محترفين، إناثاً وذكوراً، إنضمّوا إلى بعض أعضاء فرقتي الأساسية، وذلك لأنني لم أشأ تعريض فتيات "ميّاس" اليافعات للمخاطرة في هذه الظروف الصحية الصعبة. واظبنا على إنهاء التدريبات تحت ضغط كبير متخذين الحيطة والحذر، ملتزمين التدابير الوقائية كالتباعد الإجتماعي وتعقيم اليدين وعدم المخالطة خارج إطار التمارين، واستخدام الكمامة. لقد مررنا بتحدٍ كبير."





في العودة إلى بداياته، لا يخفي شرفان الذي اكتشف موهبته منذ نعومة أظفاره، التحديات العائلية والمجتمعية لتقبّل رغبته في احتراف الرقص وامتهانه، فقال:" حرصت منذ البداية على تنمية موهبتي وتطويرها شخصياً، وذلك لعدم توافر صفوفٍ لتعلّم الرقص حينها في لبنان، ولم أكن قادراً على السفر أيضا. لذا تحدّيت وثابرت بهدف إمتهان موهبتي، منظمّاً صفوفاً للرقص حتى نجحت في إنشاء جيل إخترت منه 50 فتاة لتأسيس فرقة "ميّاس" شاركت في برنامج Arabs got talent” " وها قد مرّ عامان على تأسيسها".

وعن إنعكاس فوزه في هذا البرنامج والمشاركة بعدها في النسخة البريطانية، قال:" كل حلقة طوّرتنا أكثر وشكّلت باباً نحو العالمية. صحيح أنني ممتنّ وشاكر لما حصدناه من هذه التجربة الجميلة، إنما تضاعفت مسؤوليتنا من حلقة إلى أخرى".





رافق طموح كبير المشاركة في بريطانيا، حيث تبعتها مشاريع كثيرة رفعت اسم لبنان في الخارج، إنما الأوضاع التي إستجدّت حالت دون استكمالها. فقال:" قضينا 6 أشهر خارج لبنان، قدّمنا في خلالها مشاريع كثيرة من دون توّقف. شاركنا في مهرجانات عيد الميلاد في ألمانيا وحفلات في لندن، كما شاركنا في العيد 75 للطيران الكويتي، وإفتتاح مباريات الكرة الطائرة الآسيوية العام 2019. وبعد النجاح الكبير الذي حققناه خارج لبنان، عدنا تزامناً مع الحجر المنزلي وإقفال المطار، ما حال دون سفرنا إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في برنامج عالمي".

وردًّا عن سؤال عمّا إذا كان يفسح في المجال أمام اكتشاف مواهب جديدة، قال:" ما إن تتحسّن الأوضاع في البلاد، سننظّم تجارب أداء مفتوحة أمام الجميع سواء للإنضمام إلى الفرقة أو المشاركة في التمارين المكثفة".

هل تخضع الفرقة لتمارين خاصة؟ جاوب:" تخضع لتمارين مكثفة ومتعبة، لأن أي لوحة هي نتاج جهد فريق عمل متكامل، فلا تُسلّط الأضواء على شخص دون آخر في الفرقة. يندمج الفريق مع بعضه البعض كأنه جسد واحد ما يتطلب دقّة وتمارين، وصبر الفتيات على الوقوف لساعات تحت الضغط للتكرار".

ما يعني أن خطأ واحداً يدمّر المشهدية؟ " صحيح، إن الأمر دقيق جدًا، وثمة مخاطرة كبيرة، عادة يلحظ مصمم الرقص الخطأ، الذي قد لا يكون واضحًا لدى الجمهور، إلا في لوحات مماثلة حيث أن تقارب الراقصات والدقّة في المشهدية فاضح جدًا".

وعبّر شرفان عن شعوره بالرضى الجميل عندما تتحوّل رؤيته إلى حقيقة، وتُنفّذ الصورة التي رسمها في مخيّلته أمامه، "كأن جسدنا آلة تعزف الموسيقى وتترجمها".





شرفان مصمّم اللوحة وأزيائها ويختار الأغنيات بنفسه، فهل يختزل القرارات؟ "يرشدني فريق عمل حريصٍ على تنفيذ كل لوحة، فلا أختزل القرارات الصارمة المتعلقة بـ"ميّاس" لأنه أحيانًا وتحت تأثير الضغط قد لا أتمكن من متابعة التفاصيل كلها، لذا تشكّل مديرة أعمال الفرقة "إيلينا العنوسي" العين الثالثة الساهرة".

وأضاف:" يجب الإصغاء إلى آراء مختلفة وألا يكون الرأي أحادياً، واستطلاع أشخاص من مختلف الفئات المجتمعية والعمرية، لأن لكل منهم رؤيته الخاصة التي يمكن الإستفادة منها. خصوصا أن الفن يتطلب دراسة دائمة بهدف الإستمرار والتطوّر".

لمَ تقتصر فرقة "ميّاس" على الإناث دون الذكور، جاوب:" أحببت توجيه رسالة إلى المجتمعين العربي واللبناني، حيث لا تستطيع المرأة الإعلان عن مهنتها كراقصة محترفة من دون التعرّض للتنمّر. نحن نرقص للتعبير عن الفرح والحزن والغضب من دون أذية أحد، وهذا بعيد كل البعد عن نظرية الناس المتعارف عليها تجاه هذه الموهبة. إن الرقص فنّ راقٍ تعبّر عنه المرأة بطريقة لائقة جدًا ومن يتفوّق على اللبنانيات في هذا الإطار!

إلى ذلك تعني كلمة "ميّاس" غزلاً بقدّ المرأة الممشوق كما هي مشتقّة من كلمة "الماس"، فتعبّر عمّا تمثّله الفرقة، وعن غموض المرأة العربية.