جاد حداد

The Maze Runner... مراهقون في متاهة شائكة

25 نيسان 2024

02 : 00

في عالم مستقبلي بائس، يجرؤ مراهق شجاع على تكوين آراء مستقلة، وزعزعة الاستقرار، وإطلاق ثورة كبرى.

إنها حبكة مألوفة، وهي ركيزة فيلم The Maze Runner (متسابق المتاهة) للمخرج ويس بول. القصة مقتبسة من رواية حققت أعلى المبيعات للكاتب جيمس داشنر. يستند الفيلم إلى بنية مشابهة، ويطرح بعض الأفكار المتوقعة، ويقدّم شخصيات مألوفة.

يختار المراهقون المقيمون في هذا المجتمع المثالي على نحو مريب قادتهم وقواعدهم الخاصة، ويظنون أنهم بلغوا شكلاً من النظام السلمي. لكن يتغيّر كل شيء مع وصول «توماس» (لا يعرف في البداية أن اسمه «توماس»!). يجسّد ديلان أوبراين دور هذا الشاب المرتبك. هو يجد نفسه في بداية القصة داخل مصعد شحن كبير ومتصدّع ومليء بالإمدادات.

حين يصل إلى الأعلى، يخرج من المصعد ويجد نفسه في مساحة عشبية مترامية الأطراف تُعرَف باسم «الفسحة». إنها مساحة محاطة بأسوار عالية من جميع الاتجاهات. يتعاون عشرات الشبان الوسيمين من مختلف الانتماءات العرقية تحت الشمس لبناء الخِيَم، والاعتناء بالحدائق، والطبخ، وأداء مهام متنوعة أخرى.

على غرار كل من سبقه إلى هذا المكان، لا يتذكر «توماس» هويته الحقيقية ولا يعرف كيف وصل إلى هناك. هو يُعتبر مبتدئاً إلى أن يثبت قيمته أمام الشخصيات المؤثرة التي يقابلها. كان «ألبي» الجذاب (أمل أمين) أول الواصلين إلى هناك، وهو الزعيم الحقيقي. يتكل هذا الأخير على يده اليمنى، «نوت» الشرير (تومان برودي سانغستر). سنتعرّف أيضاً على المتنمر القوي «غالي» (ويل بولتر)، والفتى الممتلئ وسريع البديهة «تشاك» (بلايك كوبر).

يكون «مينهو» (كي هونغ لي) رئيس العدائين، أي الفتيان الذين يجرؤون على دخول فتحة في الجدران العملاقة واستكشاف المتاهة الكامنة وراءها. إنها مساحة شاسعة وغادرة، لكن يمكن التنقل فيها نهاراً على الأقل. هي تنغلق خلال الليل، وتُغيّر مساراتها، وتلتهم كل من يبقى عالقاً فيها. لم يسبق أن نجا أحد بعد تمضية ليلة مماثلة، ولا يعيش أي شخص على الطرف الآخر من المتاهة. من الطبيعي أن يزيد فضول «توماس» عند سماع هذه المعلومات.

لكنّ أكثر ما يثير الفضول في هذا الفيلم هو أسلوبه في سرد قصة قد نعتبرها مألوفة للوهلة الأولى، مع أنها تتميز بأجواء متجددة وتفاصيل مختلفة. يتمتع المخرج ويس بول بخبرة سابقة في مجال المؤثرات البصرية، لكنه لا يبالغ في استعمال صور لامعة ومحوسبة في أول فيلم طويل من إخراجه. يتعلق جزء كبير من سحر هذا الفيلم بجوانبه الجمالية العفوية التي تجمع بين الابتكارات الصناعية والطبيعية، وهو يتميز أيضاً بتخصيص الوقت الكافي لإنشاء البيئة التي تناسب أجواء العمل.

حين يدخل «توماس» أخيراً إلى المتاهة، تتلاحق لحظات مريعة بمعنى الكلمة، وهي تترافق مع مخاطر متواصلة قد تصل إلى حد الموت. (إنها مشاهد عنيفة جداً مع أن الفيلم مصنّف لمن هم في عمر الثالثة عشرة وما فوق، لكن يُفترض أن يكون القارئ الصغير الذي تستهدفه الكتب الأصلية مستعداً لهذا النوع من المشاهد). لا تكفّ الوحوش المقيمة في ذلك المكان عن الظهور، وهي كائنات مفترسة وفائقة السرعة. لن نكشف طبيعة تلك الوحوش، لكنها تبدو مميزة ومخيفة في آن.

بعد تلك الأحداث المحتدمة، سنصل إلى نهاية متعثرة للأسف. إنها نهاية مخيّبة للآمال، رغم التطورات الممتعة والمثيرة التي سبقتها. يترافق الفصل الثالث من القصة مع بعض الغموض، حين تدخل أول فتاة على الإطلاق إلى المصعد: إنها فتاة سمراء وقوية الإرادة اسمها «تيريزا» (كايا سكوديلاريو)، ويبدو أنها تعرف «توماس».

لكنّ السرّ الكبير وراء ما يصيب هؤلاء المراهقين، وهوية من يحتجزهم في ذلك المكان، والهدف من هذه العملية كلها، يبدو مبالغاً فيه حتى بالنسبة إلى قصص الخيال العلمي. تكثر الأحداث المتلاحقة في اللحظات الأخيرة من الفيلم لدرجة أن نشعر بأن القصة لها نهايات متعددة. يحمل جزء من تلك الأحداث الأخيرة طابعاً غير مقصود من المرح والفكاهة، مع أن صانعي العمل أرادوا على الأرجح أن ينشروا أجواءً من الصدمة والخوف. في غضون ذلك، يهدر الفيلم قدرات الممثلة القوية والمعروفة بتنوع أدوارها، باتريسيا كلاركسون، فهي لا تظهر إلا في لحظات معدودة بدور العقل المدبّر الشرير في تلك المتاهة الشائكة. يُفترض أن يتوسّع دورها في أي جزء جديد من الفيلم.

MISS 3