"علينا الاتّحاد".. المرتضى: العدوان الصهيونيّ لا يُميّز بين مسلم ومسيحي

12 : 15

شدد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى على ان "التصدي للعدوان الإسرائيلي الذي يتسترُ بأسطورة الأرض الموعودة والحقّ الإلهي من أجل اغتصاب فلسطين وبعضِ الجولان وجزءٍ من جنوب لبنان، من غير أن يُميّز في همجيته بين مسلم ومسيحي، ولا بين سني وشيعي. إنَّ التصدّي لهذا العدوان ينبغي له أن يتجلّى اتّحاداً في المقاومة بين أبنائها، على مثال الدّم النابع من سهل عكار، الذي جرى في عروق الأرض ليسقيَ شتلات التبغ في الجنوب، وبيّارات البرتقال في يافا، ومساكب الورود المحروقةِ في غزّة. هكذا بالاتحاد يكون النصر والتحرير".


كلام المرتضى جاء خلال مشاركته في مهرجان يوم طرابلس الذي أقامته بلدية طرابلس- لجنة الآثار والتراث والسياحة ونادي آثار طرابلس ضمن فعالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية لعام 2024، بحضور النّائبَين أشرف ريفي وايهاب مطر، إبراهيم حمزة ممثلاً النّائب فيصل كرامي ومحمد ناجي ممثلاً النائب طه ناجي، الشيخ عبد الرزاق اسلامبولي ممثلاً مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق إمام والقاضي الشيخ غالب الايوبي، رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، ورئيس جمعية مكارم الاخلاق الاسلاميّة عبد الحميد كريمة ورئيس إتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال النقيب شادي السيد.


بدايةً، تلاوة من القرآن الكريم للشيخ يوسف الديك الذي شدّد في كلمةٍ مقتضبة على أنّ "طرابلس تبقى أمانة في أعناقنا وكلّنا مسؤول حتّى يعود للمدينة بريقها".


وكانت كلمة لوزير الثقافة قال فيها: "لعلّ من بعضِ قدَرِ طرابلس، أن تكون دائماً على موعد تحرير ما، يحفِرُ آثارَه عميقةً في فضائها وناسِها وأيامِها. ذلك أنّها مدينةٌ تداولتها صروف الزمان أمجاداً وانكسارات، فبقيت على قيد الوجود المقاومِ منذ آلاف السنين، تسيِّجُ الحياةَ بإرادةٍ لا تنهزم أمام النكباتِ التي ينزلُ بها عليها التاريخُ قاصيه ودانيه، أو الأقوامُ، أقربُهم والأبعدون. فإذا لها بعد ذلك أن تصير سجلّاً من آثار، تُدوِّنُ عليه الحضاراتُ تَعَاقُبَ أدوارِها، بأبجديةٍ عربيةٍ مبينة، تقرأها الشوارعُ والبيوت والقلاع، والموجُ والجزرُ، والعطرُ والبشر. تحرير طرابلس من الصليبين يومٌ من أيامِها المجيدة، وذكرى تحفِّزُنا على اكتناه حقائق كثيرة منها: أوّلًا: أنّ ذلك الصراع الأبرز ما بين صراعات القرون الوسطى كان بين محتلٍّ أجنبي اتخذ له الدين ستاراً، وأهل الأرضِ الذين انتفضوا لحقِّهم. وإذا كان قد غلب على طرفيه انتماء دينيٌّ هنا وهناك، فلا شكَّ في أنَّ ما أنزلَه الصليبيون بالمسيحيين الشرقيين من اعتداءاتٍ جسيمة، يساوي أو يكاد ما لحق بالمسلمين، ونتيجة ذلك كان تضافرٌ بين أهل هذه البلاد جميعاً لدحر الاحتلال وتحرير الأوطان. الأمر نفسُه يحدثُ اليوم مع العدوان الإسرائيلي الذي يتسترُ بأسطورة الأرض الموعودة والحقّ الإلهي من أجل اغتصاب فلسطين وبعضِ الجولان وجزءٍ من جنوب لبنان، من غير أن يُميّز في همجيته بين مسلم ومسيحي، ولا بين سني وشيعي. إنَّ التصدي لهذا العدوان ينبغي له أن يتجلى اتّحاداً في المقاومة بين أبنائها، على مثال الدم النابع من سهل عكار، الذي جرى في عروق الأرض ليسقيَ شتلات التّبغ في الجنوب، وبيّارات البرتقال في يافا، ومساكب الورود المحروقةِ في غزّة. هكذا بالاتحاد يكون النصر والتحرير".


أضاف: "ثانياً على أهل طرابلس، وجميع اللبنانيين أن يضربوا للفيحاء موعداً جديداً لتحريرها من الصورة النمطية التي أُلْصِقَت بها زوراً في العقود الأخيرة من عمرِها. فالمدينةُ التي أُطلِقَت عليها صفاتٌ وألقابٌ شتى، ارتبطَت كلُّها بالعلم واتساع الأُفق والانتماء الصحيح إلى القيم والعيش الواحد والعروبة، لا يليقُ بها أن توصفَ بصندوق بريد أو بمدينة فقر وتخلف. ويقيناً انّ تحريرها من هذه الصورة يعادل بل يفوق أيَّ تحريرٍ آخرَ عرفَتْه على مرّ العصور. ثالثاً، إنَّ الثقةَ بالمقدّرات التي تختزنُها طرابلس، على مستوى الإمكانيات البشرية والتراثية والحضارية، تؤهلها لأن تكون عاصمة الثقافة العالمية، لا العربية فقط، إذا أُحسِنَ استخدامُ هذه المقدّرات. ولقد قيَّضَ الله لهذه المدينة أبناءً بررة، ما برحوا يُنقّبون عن أوابد ماضيها، ويُخطّطون في يومهم لمستقبلِها، وفي مقدمة هؤلاء سماحة إمامنا الشيخ محمد إمام والمجلس البلدي رئيساً وأعضاء ومؤرّخ طرابلس الدكتور عمر تدمري، وسائر المرجعيات الروحية والثقافية والصروح التعليمية والجمعيات والنقابات الناشطة في المدينة . ولقد اختبرت ذلك لمسَ اليدِ في خلال إقامتي هنا، وهذا ما يُبشّرُ بعهدٍ جديدٍ من التّنمية والازدهار ستشهدُهُ طرابلس إن شاء الله".


وتابع: "رابعاً، لا يسعُني في الختام إلاّ أن أنوِّهَ بأمرٍ هو صلب اهتمام أهل الفيحاء، ولو كان يحدث في المقلب الآخر من الأرض. إنّه التبدّل الكبير الحاصل في الرأي العام الطلابي في جامعات أوروبا وأميركا، حيث نشهد يوماً بعد يوم تنامياً في رفض السرديّة اليهوديّة لمسار قضيتنا الأولى، فلسطين. بالأمس فُصلت من جامعة كولومبيا الطالبة اللبنانية تمارا رسامني، فنالت أكبر شهادةٍ في الانتماء إلى الحق. لكنَّ ما جرى بحقّها يكشفُ عن مقدار الرفض الذي بات يسود العالم للمنطق اليهودي المؤيَّدِ بالدعم الغربي، ويحملنا على الاعتقاد أكثر فأكثر بصوابية موقفنا في الدفاع عن حقوقِنا، وإنّ غد القدس العربيّة لأنظارنا قريب".


وختم: "الشكر والتقدير للأخ العزيز الدكتور خالد تدمري ولنادي آثار طرابلس ولرئيسه الأستاذ بكر الصديق على تنظيم هذه الفعالية الثقافية الرائدة والراقية، وفقّنا الله على الدوام الى ما يحبّه ويرضاه وفيه خيرٌ لطرابلس ولوطننا الحبيب لبنان والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته".

MISS 3