جاد حداد

The Wages of Fear... عامل التشويق مفقود

8 أيار 2024

02 : 00

يقدّم فيلم The Wages of Fear (أجرة الخوف) نسخة متجددة من عمل كلاسيكي صدر في العام 1953 وحمل العنوان نفسه. تتمحور قصته حول مجموعة أشخاص تقضي مهمّتهم بإنقاذ مخيّم للاجئين. هم مضطرون لنقل 200 كيلوغرام من النتروغليسرين إلى بئر نفط بالقرب من ذلك المخيّم، لكنها عملية بالغة الخطورة لأن مادة النتروغليسرين قابلة للانفجار. إذا كنت من محبّي الفيلم الأصلي، لا مفر من أن تشعر بخيبة أمل كبيرة عند مشاهدة هذه النسخة الجديدة. كان يُفترض أن يبذل المخرج جوليان لوكليرك جهوداً مضاعفة لتكريم الفيلم الكلاسيكي السابق.

قد لا يكون الفيلم الجديد ممتازاً بشكل عام، لكنه يتميّز بعدد من مشاهد الحركة اللافتة، ما يزيد متعة مشاهدته. يُعرَض واحد من تلك المشاهد في إطار لقطة من الماضي بين «فريد» و»أليكس»، ويظهر مشهد آخر من هذا النوع خلال لقطة قتالية مباشرة مع «أليكس» في السجن. تبدو هذه المشاهد متقنة رغم ضعف القصة العامة، فترفع مستوى الحماس بدرجة معيّنة.

لكن يتخبط الفيلم في طريقة استعماله للمواقع. تدور الأحداث في المغرب، لكن لا تُستعمل مساحات البلد بالشكل المناسب. يعني غياب التضاريس الوعرة تراجع المخاطر التي تطرحها مادة النتروغليسرين. كان يمكن استعمال هذه المادة لتصوير لحظات أكثر تشويقاً. لا يُستعمل ذلك الموقع فعلياً إلا مع اقتراب نهاية الفيلم، مع أن صانعي العمل كانوا يستطيعون الاستفادة منه على مر الأحداث لتقديم مشاهد أكثر متعة.

على صعيد آخر، تفتقر معظم الشخصيات إلى العمق بشكل عام. سنتعرّف مثلاً على شخصية «كلارا» بصفتها طبيبة لطيفة تدير منظمة غير ربحية لصالح مخيّم اللاجئين. لكنها تبدو يائسة منذ البداية. هي توافق على المهمّة التي تكلّفها بها شركة النفط لإنقاذ حياة اللاجئين. على مر الفيلم، تتأثر «كلارا» بموت أصدقائها. قد نتوقع منها أن تصبح أقوى عاطفياً وأكثر شجاعة مما كانت عليه مع تقدّم الأحداث، لا سيما في بعض مشاهد الحركة، لكن لا تتطور شخصيتها بوتيرة كافية للأسف، وسرعان ما نشعر بأن وجودها لا يخدم الحبكة الأصلية.

في غضون ذلك، تبدو شخصيتا «فريد» و»أليكس» سطحيتَين بالقدر نفسه. يشعر «فريد» بالذنب ويُحرّكه الجشع منذ البداية حتى النهاية، وتستمر هذه الصفات لديه في ذروة الأحداث أيضاً. في المقابل، يبدو «أليكس» غاضباً بكل بساطة في معظم الأوقات، وهو يُركّز على مشاكله مع شقيقه «فريد» وعلى علاقاته العاطفية. هما يحلّان خلافاتهما في منتصف الأحداث تقريباً، لكنّ اجتماعهما لا يترك أثراً قوياً.

يُفترض أن يدخل الفيلم في خانة الحركة والتشويق، لكنه يفتقر إلى عامل الحماس. لا تُستعمل المخاطر التي تطرحها مادة النتروغليسرين بالشكل المناسب مثلاً، وتبدو المساحات التي يمرّ بها أبطال القصة صخرية وجبلية من بعيد، لكنها تخلو من المطبّات، أو الحُفَر، أو الصخور، خلال الرحلة. كذلك، يتعرّض الفريق لإطلاق النار من وقتٍ لآخر، لكن لا يصيب الرصاص حمولة النتروغليسرين مطلقاً، فهي تنجو دوماً في اللحظات الأخيرة. بعبارة أخرى، يفوّت صانعو العمل فرصة كبيرة، فلا يستغلون هذا الجانب من الحبكة أو مواقع التصوير لزيادة مستوى التشويق والمتعة.

أخيراً، يحاول الفيلم تقديم نسخة حديثة من عمل كلاسيكي صدر في العام 1953، لكنه لا يصيب الهدف. قد يكون الأداء التمثيلي مقبولاً، لكن لا يبذل كتّاب السيناريو جهوداً كافية لتقديم قصة مشوّقة. يفتقر الفيلم عموماً إلى لحظات مثيرة، ويصعب أن نتعلّق بأيّ من الشخصيات. باختصار، قد لا يستحق هذا الفيلم المشاهدة، لا سيما إذا كنت من محبّي العمل الأصلي.

MISS 3