لفتتني مقابلة على تلفزيون الجديد للدكتور سلامة إبراهيم الغويل، وهو وزير ليبي سابق للشؤون الاقتصادية وتم تعيينه رئيساً لمجلس المنافسة ومنع الاحتكار مؤخراً.
نعم ليبيا، أنشأت مجلساً للمنافسة ومنع الاحتكار بعدما ادركت خطورة الاحتكار على البيئة الاقتصادية السليمة، وهو التفكير السليم باتجاه اقتصاد منتج وخلق فرص عمل.
وتابعت بحسرة عمل المجلس الذي اعلن عن إطلاق الموقع الإلكتروني الجديد، الذي يهدف إلى تعزيز المنافسة العادلة ومكافحة الاحتكار وحماية المستهلك في الاقتصاد الليبي. وهو منصة شاملة تهدف إلى تعزيز الوعي وفهم قوانين حماية المنافسة ومكافحة الاحتكار. حيث يتيح الموقع للمستخدمين تقديم الشكاوى والبلاغات المتعلقة بالأعمال والممارسات المخلة بالمنافسة. كما ادخال مفاهيم المنافسة ومنع الاحتكار في المناهج الدراسية لخلق جيل واعٍ يعرف حقوقه كمستهلك ويعرف اسس بناء إقتصاد منتج.
هنيئاً للحكومة والشعب الليبيين بهذا الإجراء الاقتصادي المتقدم !!! أما حسرتي فتأتي حزناً على الفرص التي اهدرناها ! وما زال مسؤولونا متمسكين بمفاهيم قديمة غير عابئين بتأثير البيروقراطية الادارية على تنافسيتنا واستقطاب الاعمال، وما يسببه الاحتكار من اضرار على بيئتنا التنافسية. بل ذهبنا ابعد من ذلك لنهلل للمحتكرين الذين يحققون ارباحاً من خلال احتكارات منحت لهم.
وبالرغم من مطالباتنا المتكررة لم يهتز جفن المسؤولين، ففي العام 2008 قدمت كرئيس جمعية الصناعيين اقتراحاً باسم جمعية الصناعيين خلال انعقاد الجلسة الثانية من الطاولة الاقتصادية المستديرة، وهذا الاقتراح سبق وورد في مقررات باريس 3 ويقضي بإنشاء «المجلس الأعلى للتنافسية» ودوره الأساسي والحصري النظر في الأمور الإدارية (المايكرو) والإجراءات التي تشمل كل المعاملات في البلد، داعياً إلى التعجيل في إنشائه لتمكين الشباب اللبناني العائد من تأسيس شركات في إطار إجراءات سليمة تجعلهم قادرين على التنافسية.
وكوزير للسياحة قدمت في العام 2010 اقتراحات لتطوير مشروع موازنة وفيها اهمية انشاء مجلس اعلى للتنافسية يهدف الى إعادة صياغة كل الإجراءات الإدارية والمراسيم التطبيقية بالتعاون مع أهل الاختصاص والمجتمع المدني والهيئات الاقتصادية والإكاديمية، للخروج بآليات جديدة لكل المعاملات لترشيقها وتبسيطها ومنع التعقيدات المهندسة، خصيصاً لفتح باب الفساد والإفساد والرشى. وتعزيز مفاهيم المنافسة. كما انشاء مجلس لمنع الاحتكار الخاص والرسمي منفصلاً عن كل الوزارات «Anti - Monopolies Commission» وإنشاء محاكم خاصة ومستقلة وسريعة، متخصّصة بحقوق المستهلك ومنع الاحتكار.
واعددنا اقتراحات قوانين ووزعناها على النواب، وضغطنا باتجاه تطبيقها ولكن كانت حماية الاحتكارات دائماً اهم من وضع البلد على السكة الصحيحة.
ولم نتمكن اليوم من كسر عقلية الاحتكار والتي تعتبر انّ هذا الاحتكار هو الطريقة الاسرع لتحقيق الارباح، علماً ان هذه النظرية تُعتبر سرقة في كل دول العالم. لا أترك فرصة تمرّ إلاّ وأرفع الصوت عالياً: «الاحتكار شرّ مطلق».
إنّ تكاتف الاحتكارات تبقى السمة الأساسية لهذه السوق وللنظام الاقتصادي اللبناني. فقد تشكلّت الاحتكارات الكبيرة على مرّ السنين في ظل «جمهورية التجار». ويساعد ضيق السوق الاقتصادية اللبنانية في تشكّل الاحتكارات. وربما كان لبنان الدولة الوحيدة في العالم التي وضعت تشريعات تحمي الوكالات الحصرية فيها، من خلال تدخّل الاجهزة الجمركية لمنع غير الوكيل من استيراد السلعة الممثلة بوكيل. فالدول الصناعية تمنع إعطاء وكالات حصرية. وربما كان لبنان هو الدولة الوحيدة في العالم التي تسمح وتشرّع قيام سوق مالية احتكارية.
والنتيجة وصلنا الى اغلى اسعار خدمات والخطورة اليوم اننا نتخطى دبي ولندن بغلاء اسعار السلع حتى، ونحن على مشارف انفجار اجتماعي، فيما مسؤولونا يصرون على دفن الرؤوس بالرمال بانتظار الفرج !!!!