ريتا ابراهيم فريد

الطفل جبران نحلة: نحو مزيد من الروابط مع الثقافات الأخرى

28 أيار 2024

02 : 05

جبران مع أسرته

«أمنيتي أن يكون هناك المزيد من الروابط مع الحياة الأخرى ومع الثقافات الأخرى»، هكذا عبّر الطفل جبران نحلة عن رؤيته للسنوات الـ25 المقبلة، وترجمها في لوحة رسمها بنفسه ضمن مسابقة سنوية للرسم من تنظيم شركة «غوغل» بعنوان Doodle for Google. جبران ابن السنوات التسع، فاز بالجائزة الأولى عن ولاية Utah الأميركية بين أكثر من 20 ألف طفل مشارك، من أعمار تتراوح بين الـ6 والـ15 سنة. كما اختير ليكون من ضمن الأطفال الخمسة الأوائل الذين تأهّلوا الى نهائيات المسابقة على صعيد كل الولايات الأميركية، حيث سيحصل الفائز على منحة تعليمية جامعية إذا نال أعلى نسبة من التصويت.

وسيلة للتنفّس


الطفل جبران هو حفيد الرسّام الراحل وجيه نحلة، ونجل الفنان التشكيلي مروان نحلة الذي يعبّر عن فخره الشديد بالفوز الذي حقّقه ابنه، ويشير في اتصال مع «نداء الوطن» الى أنّ جبران لطالما كان يلجأ الى الرسم كوسيلةٍ للتنفّس والتعبير عمّا يشعر به، في ظلّ صعوبة الغربة والسفر المستمرّ والتنقّل مع أسرته من مكان الى آخر. وحيث إنّ الأسرة انتقلت من لبنان الى أميركا مع اندلاع الحرب في غزّة، كان الأمر صعباً في البداية على الطفل الذي اضطرّ الى تغيير مدرسته مرّتين، قبل أن يستقرّ أخيراً.

جبران يكمل المسيرة


لا شكّ إذاً في أنّ الأجواء الفنية داخل الأسرة أدّت دوراً أساسياً في تنمية موهبة جبران وميله نحو الفنّ. فقبل أن يبلغ السنتين من عمره، كان يرافق جدّه الفنّان الكبير وجيه نحلة الى المرسم، حيث يناوله الفرشاة والألوان ويرسم الى جانبه. بالتالي تنطبق عليه مقولة «فرخ البطّ عوّام»، يؤكّد الوالد مروان، ولا يخفي سعادته بأن يكمل ابنه المسيرة الفنية.

وبالفعل، جبران الذي نشأ ضمن هذه الأجواء، حظي بأساسٍ فنّي متين ومميّز لينطلق منه. وبدعمٍ وتشجيع من والده، عمل على تنمية موهبته مستعيناً بكلّ الفرص التي أتيحت له. فالأسرة عاشت فترة في إيطاليا وفرنسا ولبنان، وانتقلت اليوم الى أميركا، ما أتاح له أن يعاين منذ صغره ثقافات وحضارات مختلفة.

وكون والده مروان متعدّد المواهب الفنية، بين الرسم والنحت والكتابة والموسيقى، شجّع ابنه بالتأكيد، لكنّه لم يحاول إجباره أبداً. وكان يصطحبه معه الى المعارض الفنية والمهرجانات الموسيقية التي يقيمها مع فرقته.



الطفل جبران مع اللوحة التي رسمها



لم يكن يتوقّع الفوز


وعن اللحظة التي كُرّم فيها جبران في مدرسته وأعلن فوزه أمام أساتذته وبين زملائه في الصف، «لم يكن الطفل على علمٍ بأيّ من هذا، حتى أنّه لم يكن يتوقّع الفوز. ونحن تركنا له الأمر مفاجأة»، يصرّح الوالد. وحين وصل الى مدرسته كان الصف مزيّناً، والجميع بانتظاره. ثم دخل المدير وأعلن مع المعلمة عن فوز جبران وقدّموا له حاسوباً محمولاً كهدية من المدرسة تكريماً له على النجاح الذي حقّقه. فيما ظهر على وجه الطفل مزيج من الصدمة والسعادة، وبكى الوالدان فرحاً.

تمسّكوا بقناعاتكم

يواصل أطفال لبنان تميّزهم في الوطن وفي بلدان الاغتراب على حدّ سواء. وكأنّهم يدركون بفطرتهم وبراءتهم أنّ الأمل الفعليّ لتغييرٍ ما حاضر بين أيديهم. وأنّ المراحل الصعبة التي تمرّ فيها البلاد على مختلف الصعد لا بدّ من أن تصل يوماً الى خواتيم سعيدة بإصرارهم وجهدهم.

وانطلاقاً من الفوز الذي حقّقه ابنه جبران، يوجّه مروان نحلة رسالة لأطفال لبنان متمنّياً عليهم ألّا يتخلّوا عن تفاؤلهم وعمّا يحبّون. وختم بالقول: «لطالما برهن الشعب اللبناني عن قوّته وصموده رغم كلّ التحديات التي مرّ فيها. من هُنا أطلب من أطفال لبنان أن يثابروا ويتمسّكوا بشغفهم وقناعاتهم. فالشمس لا بدّ أن تشرق من جديد، والمهمّ ألّا يستسلموا أبداً».