إنعكس الجو التوافقي السائد على المستوى السياسي في معالجة ملف «الوجود السوري غير الشرعي» على الأراضي اللبنانية، على لجنة المال والموازنة التي انعقدت أمس برئاسة النائب ابراهيم كنعان وبحضور وزير المهجرين عصام شرف الدين، والشؤون الإجتماعية هيكتور حجار، إلى جانب ممثلين عن وزارتي الخارجية والعدل، وعن الأمن العام اللبناني. فصوتت اللجنة بمادة واحدة على اقتراح قانون «تنظيم الواقع القانوني للنازحين» الذي أقرته لجنة الإدارة والعدل منذ 30 كانون الثاني 2024، بعدما أثير جدل في بداية الإجتماع، حول اختصاص اللجنة لمتابعة هذا الموضوع، خصوصاً أنه أشبِع درساً على مدى 13 جلسة بحضور ممثلين عن مختلف الوزارات المعنية، قبل إقراره في لجنة الإدارة والعدل.
وكانت لجنة الإدارة والعدل قد دمجت مختلف اقتراحات القوانين التي قدمت إلى اللجان منذ العام 2022 متضمنة إقتراحاً قدمه تكتل «لبنان القوي»، واقتراح «تنظيم الإقامة الموقتة للنازحين». إلا أنّ الإقتراح الأخير ورد من أمانة المجلس إلى لجنة المال والموازنة بشكل منفصل، كونه لا يزال قيد بحث في لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين. وبحسب المعلومات، فإنّ اللجنة قررت التصويت على الإقتراح الذي درس في لجنة الإدارة والعدل، «تداركاً لهدر مزيد من الوقت على صدور قانون ينظم واقع الوجود السوري». وقد وُضع أعضاء اللجنة ورئيسها في بداية الجلسة أمام خيارين: إمّا ردّ الإقتراح إلى الأمانة العامة لعدم إختصاص اللجنة، وإمّا التصويت عليه بمادة واحدة. وكان رأي رئيس اللجنة إبراهيم كنعان بأن رد الإقتراح قد يؤدي إلى تأخير البت به، لأنّ الرئاسة قد تلح على طلبها بدرس الإقتراح في لجنة المال والموازنة، ولذلك تم التوافق بين الحاضرين على إقراره كما هو، مع تعديل أعلن عنه كنعان في نهاية الجلسة على المادة السادسة، حيث قال إنّه «إستبدلنا عبارة «يحق للمديرية العامة للأمن العام أن تصدر التعليمات اللازمة لمفوضية اللاجئين» بـ»على المديرية العامة للأمن العام»، ما يعني أنّ المسألة ملزمة وغير مرتبطة بخيار».
لم يتوسع النقاش في المقابل إلى اقتراح قانون «تنظيم الإقامة الموقتة للنازحين»، وهو اقتراح قدمه النواب الياس جراده، ميشال ضاهر، جميل السيد، وسجيع عطية، منذ ايلول العام 2023، ونوقش لأول مرة في لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في 10 كانون الثاني من العام 2024. ومن أبرز بنوده:
أولاً: إلزام مفوضية اللاجئين بتوطين المواطنين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية بصفة غير شرعية، في بلد ثالث لهم خلال سنة من إقرار القانون، والا تعتبر إقاماتهم الموقتة المعطاة لهم بموجب شهادة تسجيل صالحة صادرة عن المفوضية، منتهية الصلاحية، وبالتالي يستوجب إعادة حامليها إلى بلادهم.
ثانياً: يعتبر مقيماً غير شرعي أي سوري نازح دخل خلسة إلى لبنان وغير حائز على إقامة شرعية، او انتهت مدة إقامته ولم يجددها حسب الأصول، وتطبق إجراءات التوقيف والترحيل وفقا للأنظمة، على أن يُستثنى من القانون من يقيمون بصورة شرعية، أو المولودون من أمهات لبنانيات، أو الحالات الفردية الخاصة التي يتم عرضها على المديرية العامة للأمن العام.
إعتبرت بنود هذا الإقتراح جزءاً من الإقتراح الذي أقرّ في لجنة الإدارة والعدل، بعد توسيع نطاقه ليشمل طالبي اللجوء واللاجئين من مختلف الجنسيات. وعليه أكد كنعان في مؤتمر صحافي أعقب إجتماع اللجنة أنّ «لجنتَي المال والموازنة والادارة والعدل على الموجة نفسها والصيغة نفسها من القانون. ومن الطبيعي، أن يذهب اقتراح القانون إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، طالما أنّه ليس هناك تناقضات بين اللجنتين. والقرار بالطبع لرئيس مجلس النواب». وإذ أمل كنعان أن يكون هناك تجاوب مع جلسة تشريعية ضرورية لبت هذه القوانين، وسواها من الاقتراحات التي يتم انجازها في اللجان، لفت في المقابل إلى أن هذا القانون في حال أقر «سيرحل كل نازح مخالف بعد اعطائه فرصة الأشهر المحددة بالقانون لتسوية أوضاعه».
أمّا أبرز ما ورد في الإقتراح الذي يفترض أن يناقش في جلسة للجان المشتركة أو يحال مباشرة إلى الهيئة العامة، فتلخص في ما أورده كنعان بمؤتمره الصحافي على الشكل التالي:
1- تحديد مهلة زمنية تتراوح بين 3 إلى 9 أشهر، لترتيب أوضاع من دخل بطريقة غير شرعية، على أن يعود للأمن العام قرار قبول الطلبات أو رفضها.
2- في حال عدم وجود تحفظات مبدئية من قبل الأمن العام يعطى طالب اللجوء تصريح تجوّل موقتاً لمدة ثلاثة أشهر إلى حين البت بطلبه من قبل مكتب المفوضية. ويعاقب من يخالف شروط التصريح بالحبس من أسبوع حتى ثلاثة أشهر، وبغرامة تتراوح بين 3 مرات الحد الأدنى الرسمي للأجور و10 أضعاف.
3- تعطى المهلة القصوى (أي تسعة أشهر) لترتيب أوضاع من طلبوا اللجوء لبلد ثالث، وعلى مفوضية شؤون اللاجئين العمل مع الحكومة والأمن العام من ضمن الاتفاقية الدولية للتنفيذ.
4- لا يحق لأي شخص دخل بطريقة غير شرعية أن يتقدّم بطلب لجوء لدى مكتب المفوضية، بعد انقضاء مهلة الشهرين التي ينص عليها القانون.
5- على مكتب المفوضية بشكل أسبوعي إيداع طلبات طالبي اللجوء مع المستندات الأصلية إلى المديرية العامة للأمن العام (دائرة الفئات الخاصة)، تحت طائلة عدم سريان وضعه القانوني كطالب لجوء تجاه السلطات اللبنانية.