"المنتدى الاقتصادي والاجتماعي": فضيحة "اوبتيموم" وشبهات هدر بمليارات الدولارات... فهل يضطلع القضاء بدوره أم يتخاذل؟

23 : 20

عقد "المنتدى الإقتصادي والإجتماعي" جلسته الاسبوعية واصدر على اثرها البيان التالي: "لما كان الدستور اللبناني قد نص على أن : "القضاة مستقلون في إجراء وظيفتهم، وفي إصدار احكامهم باسم الشعب اللبناني"،

ولما كانت المادة الأولى من قانون أصول المحاكمات المدنية قد نصت صراحة على أن "القضاء سلطة مستقلة تجاه السلطات الأخرى في تحقيق الدعاوى والحكم فيها، لا يحد من استقلالها أي قيد لا ينص عليه الدستور"،


وحيث أن المادة ٤ من القانون ذاته قد نصت على أنه "لا يجوز للقاضي، تحت طائلة اعتباره مستنكفا عن احقاق الحق، أن يمتنع عن الحكم بحجة غموض النص أو انتفائه، وأن يتأخر بغير سبب عن اصدار الحكم"، وحيث أن المادة ٤ المذكورة نصت أيضا على أنه: "عند غموض النص يفسره القاضي بالمعنى الذي يحدث معه أثرا يكون متوافقاً مع الغرض منه ومؤمنا التناسق بينه وبين النصوص الأخرى، وحيث انه عند انتقاء النص يعتمد القاضي المبادئ العامة والعرف والأنصاف"،



وإستناداً الى النصوص الدستورية والقانونية المبينة أعلاه، ومتابعة لسير عمل القضاء ولا سيما في السنوات الخمس الماضية، فإن "المجلس الاقتصادي الاجتماعي" يرى بأن القضاء في لبنان لم يعد سلطة مستقلة تجاه السلطات الأخرى، بل يرى فيه جهازاً تابعاً للسلطة الإجرائية، سلطة مجلس الوزراء أي سلطة المنظومة السياسية المالية الحاكمة.



ذلك ان القضاء اللبناني لم يصدر لغاية تاريخه الأحكام الخاصة بالدعاوى المقدمة اليه، والمتعلقة بالشأن المالي ، سواء في ما يتعلق منها بسرقة المال العام أو اهداره، أو بسرقة المال الخاص والعبث به ولا سيما أموال المودعين في المصارف التجارية. ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:



- الدعاوى المرفوعة على حاكم مصرف لبنان السابق سواء لدى القضاء اللبناني أو القضاء الأجنبي.

- ⁠الدعاوى المرفوعة على بعض المصارف التجارية التي سطت على أموال المودعين لديها، وامتنعت عن سابق اصرار وتصميم عن اعادة الأموال الى أصحابها.

- ⁠البت بتقارير ديوان المحاسبة التي تضمنت إدانات لبعض الوزراء والمدراء فيما يتعلق بقطاع الاتصالات، ولقاحات كورونا، وسلف الخزينة وغيرها من المواضيع.

- التحقيق مع المستفيدين من دعم الدولار ومن منصة صيرفة بالاستناد لقانون الإثراء غير المشروع .

- ⁠تقرير شركة "الفاريز اند مارسال" المكلفة بالتدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي.

- ⁠العمولات المدفوعة لشركة اوبتيموم optimum) ) من المصرف المركزي والتي قدّرها خبراء واقتصاديون بمستوى ٨ مليار دولار.


فبعد ان كشف القضاء الاوروبي وحتى الآن عن عمولات بقيمة ٣٣٠ مليون دولار تقاضتها شركة "فوري" لصاحبها رجا سلامة شقيق الحاكم السابق للبنك المركزي جرى تبييضها في عدة دول اوروبية.



فبعد ان كشفت شركة "آلفاريز اند مارسال" بتقريرها الصادر في آب الماضي؛ والذي جرى تشتيته وتوزيعه على ثلاثة مراجع قضائية بدل ان يكون في عهدة مرجع قضائي واحد حتى لا يحصل تضارب وتقاذف بالمسؤوليات؛ كشفت عن راس جبل الجليد في عمليتين اجراهما البنك المركزي مع شركة "اوبتيموم" المالية حيث تبين ان مصرف لبنان، بحسب شركة "كرول " البريطانية ، فتح خطوط ائتمان لشركة"اوبتيموم" من اجل شراء سندات خزينة وشهادات إيداع ليعود ليشتريها منها لاحقا بأسعار مختلفة. وقد بلغ عدد هذه العمليات ٤٥ عملية وتراوحت نسبة العمولات عليها ما بين ٢٥ و٢٣٩ بالمئة مع متوسط بلغ ١٠٠ بالمئة. وبلغ إجمالي خطوط الائتمان التي منحت لشركة "اوبتيموم" ١٣ تريليون ليرة لبنانية أي نحو ٨،٦ مليار دولار بعمولات بلغت ١٢ ترليون ليرة لبنانية او ٨ مليار دولار. وقد استند مصرف لبنان بذلك الى المادة ١٠٢ من قانون النقد والتسليف التي تنص على انه" يمكن لمصرف لبنان ان يمنح قروضا للمصارف والمؤسسات المالية قابلة للتجديد في حالات الضرورة لمرة واحدة على ان تكون مكفولة بسندات تجارية لا تتجاوز مدة استحقاقها السنة".



كما تبين بالتحقيق وجود شبهات حول عمليات وهمية اجرتها "اوبتيموم" مع مصارف لبنانية هدفها التضليل المحاسبي لإخفاء خسائر مصرف لبنان وتجميل ميزانيته.

وكان مصرف لبنان قد كف يد هيئة الاسواق المالية عن التدقيق في عملياته مع شركة "اوبتيموم" ومنعها من ان تمارس واجباتها.

وتجدر الإشارة هنا الى ان حاكم المركزي يرأس ايضا هذه الهيئة التي رفض مجلس الشورى مؤخرا تصفيتها وتسريح موظفيها إلا القليل منهم.



من جهة ثانية؛ عندما استلمت القاضية غادة عون ملف شركة "اوبتيموم" وتوسعت بتحقيقاتها جرى تسريع محاولة الإطاحة بها وفصلها من الجسم القضائي.



بناء على ما تقدم فإننا في "المنتدى الإقتصادي والإجتماعي" نتساءل:

اين هي المصلحة العامة في إقراض مصرف لبنان لشركة "اوبتيموم" كي تشتري سندات خزينة وشهادات إيداع، خاصة ان المصرف المركزي ليس مجبرا ولا ملزما منح قروض للمصارف والمؤسسات المالية وإنما يقوم بذلك على قدر ما يرى ان مساعدته تخدم المصلحة العامة؟ ثم نسأل لماذا جرى تكرار عمليات الإقراض من دون إثبات الضرورة خلافا للقانون؟



إننا في المنتدى الاقتصادي الاجتماعي نطالب مصرف لبنان بالادعاء على رياض سلامة وتزويد القضاء الاوروبي بالمعلومات التي يطلبها عنه، فرياض سلامة (للتذكير فقط) مطلوب دوليا بجرائم اختلاس وتزوير وتبييض أموال، وقد صدرت بحقة مذكرة حمراء من الانتربول مما يقتضي من القضاء اللبناني وقوى الامن اللبنانية توقيفه وجلبه امام قوس العدالة.



و لأن النيابه العامة لديها صلاحية وواجب حق الادعاء في الأحوال التي عينها القانون أو الحالات المتعلقة بالمصلحة العامة والمال العام عند حدوث وقائع أو أفعال من شأنها المساس بها، لذلك كان يتوجب على القضاء أن يبادر فورا الى الإدعاء على المسؤولين عن الانهيار المالي والنقدي وتبديد احتياطات لبنان من العملات الأجنبية وعلى الأقل منذ العام 2019. وبالمحصلة إذا لم يبادر القضاء الى حسم أمره والتحقيق الجدي مع الفاسدين فإنه سيكون موضع تساؤل كبير قد يصل الى مستوى الإتهام. اما البنك المركزي فعليه ان ينفض عنه تهم الفساد بتنقية صورته واعتماد الشفافية في اعلان ارقامه وحساباته وقراراته ليستعيد صدقيته وثقة الشعب واسواق المال به.