حللت دراسة أميركية جديدة شارك فيها أشخاص من خلفيات عرقية متنوعة تجربة الأبوة وتأثيرها على صحة القلب والأوعية الدموية، فاستنتجت أن صحة قلوب الآباء تتدهور في مراحل متقدمة من الحياة مقارنةً بمن لم ينجبوا أي أولاد. رغم اختلاف مواصفات المشاركين على مستوى عمر الإنجاب والخلفية العرقية، يبدو أن الضغوط النفسية ومسؤوليات التربية تزيد صعوبة الحفاظ على عادات تفيد القلب.
برأي الباحثين الأميركيين، تسلّط هذه الدراسة الضوء على المجالات التي تسمح للآباء بتلقي أفضل أشكال الدعم من مجتمعاتهم وخبراء الصحة.
يقول المشرف الأول على الدراسة، جون جيمس باركر، خبير في الطب الباطني وطب الأطفال من جامعة «نورث وسترن»: «تكشف التغيرات التي رصدناها على مستوى صحة القلب أن مسؤوليات الرعاية بالأطفال والضغوط التي ترافق المرحلة الانتقالية نحو الأبوة قد تُصعّب الحفاظ على أسلوب حياة إيجابي، لا سيما الحمية الصحية والتمارين الجسدية المنتظمة».
حلل الباحثون بيانات جمعوها من 2814 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 45 و84 عاماً، وقد خضعوا جميعاً للمراقبة لفترة تصل إلى 18 سنة.
قيّم العلماء صحة قلوب المشاركين عبر خليط من المعلومات الذاتية عن الحمية الغذائية، والتمارين الجسدية، والكولسترول، ومستويات غلوكوز الدم.
بالإضافة إلى تدهور صحة القلب لدى الآباء مقارنةً بمن لم يختبروا تجربة الأبوة يوماً، تدهور وضع الرجل الذي أصبح أباً في عمر الخامسة والعشرين أو أقل، لا سيما وسط فئة الرجال السود واللاتينيين، وسجّلت هذه المجموعة من المشاركين معدلات وفاة أعلى من غيرها أيضاً.
برأي المشرفين على الدراسة الجديدة، تتعدد العوامل التي تؤثر على هذه الأرقام على الأرجح. قد يفتقر الآباء الأصغر سناً إلى الاستقرار المادي مثلاً، أو يعجزون عن أخذ إجازة من العمل عند الحاجة.
يوضح باركر: «نحن نُركّز في أوقات كثيرة على صحة الأمهات والأولاد ولا نفكر بالآباء، لكنّ صحتهم تؤثر بشدة على وضع العائلة ككل. لتحسين صحة العائلات، يجب أن نفكّر بالعلاقة متعددة الاتجاهات بين الأمهات، والآباء، وجميع مقدّمي الرعاية الآخرين، والأولاد».
لا تثبت البيانات الجديدة وجود علاقة سببية مباشرة بين هذه العوامل، ولم تكن الاختلافات الصحية بين المجموعات كبيرة، مع أنها تحمل أهمية معيّنة من الناحية الإحصائية. لكن يستحق هذا الرابط الاستكشاف لأن أمراض القلب تبقى من أبرز أسباب وفاة الرجال. عند أخذ جميع الأسباب المحتملة بالاعتبار، كان لافتاً أن تتراجع معدلات وفيات الآباء مقارنةً بمن لم ينجبوا الأولاد.
وبعد تقييم النتائج بناءً على أعمار المشاركين، لوحظ أن الرجال السود شكّلوا المجموعة الفرعية العرقية الوحيدة التي سجّلت مستوىً منخفضاً من حالات الوفاة وسط الآباء، ما يعني أن تجربة الأبوة قد تحمي الرجال السود عبر تشجيعهم على تبنّي أسلوب حياة صحي.
يظن الباحثون إذاً أن صحة الآباء لا تؤثر على الرجال وحدهم، بل تنعكس على العائلات المحيطة بهم أيضاً. قد يكون جزء من التغيرات التي ترافق تجربة الأبوة حتمياً، لكن يبقى بعضها قابلاً للتعديل.
في النهاية، يستنتج باركر: «يجب أن ندرس وضع الآباء باعتبارهم جماعة سكانية فريدة من نوعها، فنراقب وضع الرجال الصحي بعد إنجاب الأولاد. تُعتبر صحة القلب والأوعية الدموية مهمة على نحو خاص لأن جميع السلوكيات والعوامل الصحية تبقى قابلة للتغيير».