يعيش سمك العفطي الأفريقي الفيروزي في منطقة شبه قاحلة، وقد طوّر حيلة بيولوجية مفيدة لتحمّل الجفاف الذي يجتاح بِرَكه الموحلة سنوياً.
تتوقف أجنّة هذه الأسماك التي يقتصر طولها على حجم الإبهام عن النمو بكل بساطة، بعد فترة غير طويلة على بدء نمو الدماغ والقلب. هي تدخل في حالة من «الحركة المُعلّقة» طوال أشهر، فتنتظر انتهاء موجات الجفاف الطويلة.
إكتشف العلماء الآن كيف ينجح سمك العفطي في تطبيق هذه الحيلة لتحدّي آثار الجفاف: يبدو أنه يستعين بجينات قديمة ومدفونة داخل جينومه، وهي ظهرت في الأصل منذ أكثر من 473 مليون سنة.
توصّل فريق من الباحثين الأميركيين والألمان إلى هذا الاكتشاف الذي يُعتبر مفاجئاً لأن هذا النوع من الأسماك لم يطوّر قدرته على تشغيل حالة «الحركة المُعلّقة» إلا منذ 18 مليون سنة، تزامناً مع انتقاله إلى بِرَك عابرة.
إنطلاقاً من تحليل الجينات التي ينتجها الجسم حين يدخل في تلك الحالة، يبدو أن اكتساب هذه المهارة الحديثة نسبياً ينجم عن استعانة سمك العفطي بمعدات قديمة جداً.
توضح خبيرة علم الأحياء الجزيئي، آن برونيت، من جامعة «ستانفورد»: «تطورت حالة «الحركة المُعلّقة» منذ فترة قصيرة نسبياً، لكن تُعتبر الجينات التي تظهر في هذه الحالة متخصصة وقديمة. اكتشفنا أن معظم هذه الجينات التي يحملها سمك العفطي تكررت لدى سلف مشترك لجميع الفقاريات».
تنشأ هذه الأزواج من الجينات عند نسخ ولصق جينة واحدة داخل الجينوم، فتقع على الكروموسوم نفسه أو على كروموسوم منفصل. باستثناء الطفرات العشوائية، يُعتبر هذا النسخ الجيني جزءاً من أدوات أساسية تسمح بإنتاج جينات جديدة أو اكتساب وظائف مختلفة.
يُعتبر سمك العفطي النوع الوحيد من الفقاريات المعروفة بقدرتها على الدخول في حالة «الحركة المُعلّقة» في مرحلة متأخرة من النمو. يحمل هذا السمك دماغاً في طور النمو وقلباً يتوقف عن الخفقان عندما يدخل في تلك الحالة قبل أن يتجدد خفقانه لاحقاً.
يظن الباحثون الآن أن اكتشاف تكتيك الصمود لدى سمك العفطي يفتح المجال أمام تطوير استراتيجيات تسمح بالحفاظ على الأنسجة لفترة طويلة والتصدي للأمراض المرتبطة بالسن.