جورج بوعبدو

قاديشا (KDSHA) في حصرون... "فيلا شمعون" تحتفي بالفنّ والتراث

نادراً ما يجتمع جمال موقع بروعة ما يكتنزه من جواهر كما هي الحال في «فيلا شمعون» الواقعة في وادي قاديشا المدرج على قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو. أبى صاحب الفيلا روني زيبارا الذي ورثها عن اجداده ان يتحوّل هذا الصرح الى مجرّد موقع عاديّ تستفيد منه العائلات الممتلكة وحدها. أراد لها وظيفة أسمى فأشركها في عملية تحريك عجلة الفنّ في لبنان بحدثٍ سنوي وضعها على خارطة الثقافة المحلية ووجه لها الانظار من مختلف البقاع في البلاد. وهكذا أنشأ زيبارا حدث «قاديشا» داخل الفيلا المتحوّلة الى بيت ضيافة معاصرة في حصرون بشمال لبنان.


وزيبارا سعيد بدور «قاديشا» في تحريك النقاش حول دور الفن المعاصر في الفضاء اللبناني خصوصاً في هذه الرقعة من لبنان التي تحتضن إرث جبران خليل جبران بمتحف رائعٍ مخصص له وفي ربوع مشاهد طبيعية خلابة.



روني زيبارا، دانيال راي، غسان زرد، رانيا طبّارة، هادي سي وسمر مغربل



واختار معرض «قاديشا» صيف هذه السنة إقامة معرض حمل عنوان «مشاوير» فانتشر في أرجاء «الفيلا» 17 عملاً لثلاثة فنانين لبنانيين متميزين هم غسان زرد، سمر مغربل، وهادي سي بالاضافة الى فنان فنزويلي هو دانيال راي.



وكما في كل عام كُشف النقاب عن العمل الفني الذي يزيّن أرضية مسبح الفيلا بلوحةٍ لراي حملت عنوان «التدفّق الكيميائي» Alchemical Splash. وراي، المقيم في لندن، فنانٌ صاعد اختيرت أعماله للمشاركة في معرض Bloomberg New Contemporaries للعام 2023 وحصد جائزة The Earth Award 2023.



ويشير راي- الذي حضر خصيصاً الى لبنان لحضور افتتاح نسخة «قاديشا» لهذا الصيف - الى ان عمله دعوة لجمهور لبنان للمضي في رحلةِ أحلامٍ غامضة تحثه على التفكير بمواضيع مختلفة كالهروب من الواقع وعلاقته بالبيئة فيتجاوز المسبح دوره التقليدي كمساحةٍ ترفيهيّة أو رياضيّة ليصبح ملاذاً وبوابةً للهروب من الأوقات الصاخبة والمتقلّبة.



تعلّق رانيا طبّارة - القيّمة على المناسبة - شارحةً بأنّ المعرض مناسبة لتزيين حدائق الفيلا بروائع فنانين لبنانيين وعالميين ذائعي الصيت فتمنح الزائرين فرصة التمتع بأعمالهم الفريدة والمميزة.



هادي سي أمام اعماله




دانيال راي






سمر مغربل




ويعرض غسان زرد عمله الفني «السلاحف المتجولة» Wandering Turtles وهي عبارة عن ثلاث سلاحف رحّالة من مجموعة سبعين سلحفاة أخرى يعرضها بمعرضه المتنقل في جميع أنحاء لبنان. وها هي سلاحفه اليوم تجد نفسها في صفاء وادي قاديشا وقد أشاد جبران خليل جبران ذات مرّة بالسلحفاة فمدحَ الثروة المعرفية التي تكتسبها عندما تتبنى وتيرة حياة أبطأ على عكس وتيرة الأرانب البريّة السريعة.


ويستعرض زرد كذلك في عمله «أصداء الطبيعة» Echoes of Nature، منحوتاتٍ على شكل جذوع أشجار حوّلها بأنامله ورؤيته الساحرة الى تحفة فنية كأن ترى فطراً على الأغصان أو أزهاراً تنبثق منها.


أما سمر مغربل فمزجت بين الطين والجاذبية في أعمالها الفنيّة الثلاثة «منحوتات لا تحتمل خفّتها» The Unbearable Lightness of Sculptures وتغوص في صلة الوصل بينها مجسّدةً رقصة مقاومة واستسلام، خطوات تَشَكُّل وتشكيل.


بدوره يقرّب الفنان هادي سي المسافة بين الإنسانيّة والأرقام بفنّه. فالأرقام التي جرّدتنا من انسانيتنا وحوّلتنا الى مجرد أعداد بيانيّة، من رقم البطاقة، الى رقم غرفة المستشفى، الى رقم الضحايا، الى الارقام الاخرى التي باتت تُعرّف عنا وتؤطّر هويتنا اكتسبت بفعل فنّه لمسة انسانية. وتشدّك أعمال سي ومنحوتاته الفولاذية بأشكالها المبهرة في لعبة أرقام «Numbers Game» فريدة هو المشهور بأرقامه التي تعكس جماليةً فائقة الوصف.


نبذة عن «فيلا شمعون»

تقع «فيلا شمعون» في وادي قاديشا وهي بيت ضيافة لبناني ينبض بسحر الستينات ويطلّ على مناظر خلابة بالقرب من أرز لبنان الشامخ. تم بناؤه كمنزلٍ عائلي في العام 1965، ثمّ رُمّم تكريماً لماضيه الحافل بالروايات. ويجمع مشروع الفيلا حرفيي حصرون المذهلين بمصممين لبنانيين مشهورين لتحريك عجلة الاقتصــــــاد في البلـــــــــــدة وتكريم عادات الحصرونيين ومهاراتهم.



غسان زرد