مع زيادة سخونة المناخ وذوبان الأنهار والطبقات الجليدية في القارة القطبية الجنوبية، قد يؤدي ارتفاع مستوى البحار الناجم عن هذه التطورات إلى تهجير مئات ملايين الناس حول العالم بحلول نهاية هذا القرن.
تتوقف سرعة ومستويات ارتفاع البحار على احتمال أن تخسر أجزاء من الطبقة الجليدية الغربية في القطب الجنوبي استقرارها. تنطبق هذه المواصفات على ساحل «سايبل» في غرب القارة القطبية الجنوبية، حيث تتدفق أنهار من الجليد إلى خارج القارة وتصبّ في المحيط.
يتباطأ هذا التدفق بسبب «جرف روس الجليدي»: تساوي هذه الكتلة العائمة من الجليد حجم إسبانيا تقريباً، وهي تحبس الجليد الأرضي. مقارنةً بالجروف الجليدية الأخرى في غرب القارة القطبية الجنوبية، يتراجع مستوى الذوبان في قاعدة «جرف روس الجليدي» لأن المحيط تحته يبقى بارداً جداً.
حافظت هذه المنطقة على استقرارها خلال العقود القليلة الماضية، لكن يكشف بحث جديد أن الوضع لم يكن كذلك دوماً. استناداً إلى تأريخ رواسب من أسفل الغطاء الجليدي بالكربون المُشِعّ، يبدو أن تلك المنطقة تراجعت بمئات الكيلومترات منذ 7 آلاف سنة، ثم تقدّمت مجدداً إلى موقعها الراهن في آخر ألفَي سنة.
شملت تجارب المحاكاة المتطابقة مع السجلات الجيولوجية وشاحاً أكثر لزوجة ومحيطاً أكثر سخونة تزامناً مع تراجع الغطاء الجليدي. خلال تلك التجارب، تسارعت وتيرة تراجع الغطاء الجليدي تزامناً مع زيادة سخونة المحيط. وعندما استرجع المحيط برودته، تقدّم الغطاء الجليدي مجدداً إلى موقعه الراهن، ما يعني أن التغيرات الحاصلة في درجة حرارة المحيط تفسّر سلوك الغطاء الجليدي في الماضي، لكن يؤثر مستوى ارتفاع القشرة الأرضية على حساسية الغطاء الجليدي تجاه المحيط أيضاً.
نظراً إلى النتائج التي يتوصل إليها هذا النوع من الدراسات، تتوقف النقاشات المرتبطة بأفضل السياسات المعتمدة على اختيار أهم الجهود التي يتطلبها الوضع الراهن: هل يجب التركيز على التكيّف مع ارتفاع مستوى البحار أم تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة؟ وإذا بدأ الغطاء الجليدي يذوب أصلاً، هل يعني ذلك أن الأوان فات على تخفيف هذا الأثر؟ تستنتج الدراسة الأخيرة أن التخلي عن هذه الجهود لا يزال مبكراً.