لم يكن إختيار الكابتن إيلي مشتنف، في مسك ختام لقاءاتنا مع شخصيات مؤثرة، عن عبث. هو بطل. وهو رياضي. فكيف يكون الإختيار عبثياً ونحن مدركون أن الميداليات الذهبية لا تصنع من الذهب بل تصنع من العرق؟ لا، ليس إختيارنا عبثياً فالإرادة الأهم تكون في القدرة على المواجهة والإستمرار. ونحن من رواد: القضية مستمرة.
لهذا، نلتقي من حقّق إنتصارات في أحلك الظلمات رافعاً الكؤوس والألقاب وهو من رفعت على نيته، ونيّة فريقه الأخضر، الشموع. معه، مع الكابتن، نسترجع في روزنامة آخر عدد من نداء الوطن، نداء القضية، همسات قلب أنطوان الشويري وصدى كلماته: شعبنا يعاني من خيبات العمر فلنعطه شعاعاً. كرة السلة كانت الشعاع وتستمرّ. الرياضة قضية أيضا. الرياضة جعلت لبنانيين مخطوفين في دولتهم- ومنها- ينتفضون، مستعيدين قرار تعلّم قواعد اللعبة والصبر والفوز.
فازت الحكمة ببطولات أبعد من حدود الملعب ومرمى الطابة... محققة أهدافاً في قضية شعب هلّلت لها النسوة والأطفال والرجال. لهذا، في آخر مقابلة في آخر عدد من صحيفتنا نداء الوطن يحلّ إيلي مشتنف ضيفاً لنعلن معه أن القضايا الحقّة لا تموت. فلنقتحم معه عوالم قضية كرة السلة التي كانت كلما حلّقت حلقنا وكلما أصابت هللنا وكلّما رفعت كأساً تنفسنا الصعداء، تمسكنا بالبقاء، واستفقنا بعد سبات:
لم تتمكن خطوط العمر البسيطة التي حفرت خطوطاً على وجنتي إيلي مشنتف من حجب الطفل الذي فيه. هو صاحب القلب الأبيض، الذي يتكلم بعفوية ويتصرف بعفوية، ولا يفعل شيئاً، اي شيء، قبل أن يقول: يا سيدة حريصا. هو ابن عبرا (ورئيس بلديتها) وابن رفيق وسامية (والدته بيروتية من المزرعة) وهو الصبي الأصغر، أتى بعد ثلاثة صبيان وقبل صبيّة. إخوته الثلاثة ولدوا في العراق وولد هو وأخته في لبنان. عاش فترة من طفولته في مسقط ثم في الشارقة وانتقل أهله نهائياً الى لبنان عام 1979 وكان قد أصبح بعمر التاسعة.
عاش الحرب في لبنان: "أتذكر يوم دخل الفلسطينيون الى عبرا ثم الإسرائيليون ثم حصل التهجير. عشنا الخطر والخوف وويلات الحرب. وضيعتنا سُرقت، فُجرت، وجُرفت. النعرات الطائفية أكبر عدو لنا. لذة لبنان في تنوعه. لدينا "بلد بيجنن" لكننا لا نعرف كيف نتصرف معه".
يتكلم عن ذلك بحرقة. وحين يتذكر والديه وإخوته يبتسم: "جميعنا طوال القامة. أختي طولها متر وثمانون سنتمتراً. وأخي إحسان متر و87 سنتمتراً. وأخي الآخر متر وتسعون. أما أخي غسان الذي توفي في حادث سيارة كان طوله بعمر السابعة عشرة متراً و97 سنتمتراً". لم ينس ذاك اليوم الذي توفي فيه غسان: "كان عمري 11 عاماً. كان غسان رياضياً. حاز على المرتبة الثالثة في الإمتحانات الرسمية عن الجنوب وطلب من والدي هدية: سيارة ترانس أم. وكان له ما اراد. حين رأتها والدتي "في شي كمشها بصدرا" فطلبت من والدي بيعها لكن موت غسان سبق أي شيء آخر. وقع حادث سير وتوفي مع صديقه. في تلك السنة، عام 1981، تدمرت عائلتنا. اصيب والدي بشلل نصفي ودخلت والدتي المستشفى مراراً".
الحب النقي
حين يتكلم عن والدته تلمع عيناه: "أمي كانت بمثابة كل الدنيا لي. حنانها لا يوصف. كنت أجلس معها ربع ساعة فتمنحني حناناً يكفيني أشهراً. كنت حين أستريح في حضنها أنسى هموم الدنيا. هو الحب النقي pure love. حين خسرتها خسرته. والحياة بعد وفاتها لم تعد كما قبل وفاتها. أصبحت شخصاً آخر. قلبي "قسي". لم أشبع منها. كنت حين أنزل الى الملعب تضيء لي الشموع. وكنت أشبهها. كانت شخصيتي مثل شخصيتها. لن أنساها ما حييت".
كيف اقتحم إيلي مشنتف عالم رياضة كرة السلة؟ هل طوله هو ما دفعه الى ذلك أم شغفه؟ يجيب بابتسامة: "لدينا في عبرا فريق كرة الطائرة (volleyball) . فريق قوي. وكنت أحبّ اللعبة وأحببت كابتن الفريق الذي أصبح مثالي الأعلى لأنه رياضي وجميل وكل البنات مغرمات به. لم تخطر في بالي كرة السلة بتاتاً. ويوم هجّرنا من عبرا وانتقلنا الى مجمع الرابيه مارينا كان قد أصبح طولي بعمر السادسة عشرة متراً و87 سنتمترا. واحتاجت مجموعة من الشباب يلعبون كرة السلة الى لاعب إضافي فقالوا لي: بشرفك شاركنا اللعبة. قلت لهم لم يسبق أن لعبت. ألحوا. لعبت فقالوا لي: هل كنت تضحك علينا؟ لم يصدقوا أنها كانت المرة الأولى. صدقاً، في ذاك اليوم سرقت اللعبة قلبي. حصل ذلك على ما أتذكر في شهر آب عام 1986. إنتسبت الى نادي أدونيس وأصبحت في غضون ثلاثة أشهر اللاعب الأفضل في الفريق. سافرنا بعد سنة واحدة الى بلجيكا مع رئيس النادي عزيز شبير. وهناك تلقيت عرضاً من نادٍ بلجيكي. رفضته. جاءني عرض آخر من ناد في قبرص لعبت فيه ثلاث سنوات". ينظر حوله وكأنه يبحث عن تعبير ما ثم يقول: "كل إنسان يستحقّ في هذه الحياة أن يعطى فرصة. أنا دخلت الى اللعبة بالصدفة، من خلال فرصة، وتقدمت بشكل سريع مخيف. كلنا نحتاج الى فرصة".
ناديان إنضم إليهما مشنتف قبل الإنتقال الى النادي الأحب إليه، نادي عمره، الحكمة هما: أدونيس والعمل بكفيا. ويقول: "بعد عودتي من بكفيا إلتقيت أنطوان الشويري. لم يكن يعرف إيلي مشنتف ولا رياضة كرة السلة. لكن، كان يحلم بوجود فريق رياضي كبير. روى ذلك الى هنري أسمر (الأب الروحي لنادي الحكمة). ويومها كان الفريق قد تراجع الى الدرجة الثانية لكن جمهوره ظلّ يغني: يقولوا شو ما يقولوا حبينا الحكمة وبس. كانت أيام شرقية وغربية. تأثر أنطوان الشويري بهتاف الحكماويين وقرر منذ تلك اللحظة أن يحلق به فوق الريح. غسان سركيس كان مدرب فريق العمل بكفيا وجورج بركات (دينامو كرة السلة في الثمانينات) كان له الفضل الكبير عليّ. إجتمعنا مع الشويري وكان اللقاء ممتازاً. أخبرني عن أحلامه وبطولة آسيا والعرب. كان العرض المالي أقل مما كنت أتقاضاه في قبرص لكن، سبحان الله، إرتحت له وقررت أن انضوي في فريق الحكمة. نحن، أنطوان الشويري وأنا، نتمتع بنفس الشخصية والصفات والفكر. أنا مثله لا أتراجع عن قرار إتخذته وأنشد دائما الكمال. كنت أتمرن ست أو سبع ساعات يومياً لأني أريد أن أكون الأفضل. وهو يريد أيضا أن نربح. كنت أضع في ذاك الوقت أربعين أو خمسين نقطة. ربحنا كأس لبنان وبدأ حلمنا يكبر".
الحلم الكبير
إنضم إيلي مشنتف الى فريق الحكمة في العام 1992-1993 ويومها تقاضى أول أجر تراوحت قيمته بين 1500 و2000 دولار أميركي. ويوم وقّع الإتفاقية تلقى مكافأة 6000 دولار.
لم يكن حلم أنطوان الشويري عادياً، شخصياً، ومرحلياً ويقول مشنتف: "قال لي إن دور هذا الفريق كبير وإنني سأكون يده اليمنى على ارض الملعب، وان امامنا مسيرة طويلة، وكل مستقبلي سيكون في الحكمة. قال لي بالحرف: لا أريد منك أن تفكر إلا في كرة السلّة. ومع الوقت فهمت ما كان يقصده. فهمت أن هذا الفريق كان نفس المسيحيين ومتنفساً لهم في ذلك الوقت. كانت القيادات المسيحية في السجن أو في المنفى والناس في خيبة. وكان كل "السترس" يرمى في الملعب. بدأنا نربح وبدأت معنويات الناس ترتفع بفضل فريق الحكمة".
سرعان ما فهم إيلي مشنتف سرّ قوّة فريق الحكمة: "فهمت أنه ممنوع علينا أن نتخاذل. وكان يقول لي "البريزيدان": هناك مسؤولية في رقبتك. هناك جماعة تنتظر ما ستفعله. لا تتراجع. لا تتخاذل. ولن ترحل. لذلك لم أترك فريق الحكمة يوماً. في العام 1996 تلقيت عرضاً من ناد في الولايات المتحدة الأميركية رفضته. تلقيت عروضات بأرقامٍ خيالية لكنني لم أغادر الفريق الاخضر. آمنت بأنطوان الشويري وبمشروع هذا الإنسان الذي يحبه كل من يتعرف اليه لأنه صادق وشفاف ولم يكن يقفل بابه في وجه أحد".
يتلقى مشنتف رسالة على هاتف. إنها من ابنته فيعتذر ليُجيبها: حياتي بابي... وأنا اشتقتلك
I miss you... حياة قلبو لبيّك... يغلق هاتفه ويتابع مجدداً الإعتذار. اللقاء في ناديه M13. فما حكاية اللاعب رقم 13 مع الرقم 13؟ يجيب: "هذا رقم حظي. سيارتي رقمها 1313 وهاتفي 1313... يعني لي الرقم الكثير. والآن، إبني (11 عاماً) يلعب بقميص الرقم 13". لديه ثلاثة أولاد. بنتان وصبي: أليشا وكيرا وإيلاي. والصغير قريب جداً مني. شخصيته مثل شخصيتي. لديه فائض من الثقة بالنفس. وبات مدركاً ان لعبتنا فيها كثير من السترس. في كل حال، انا لا "أجوهر" إلا تحت الضغط أما في المباراة العادية، الضعيفة، فأملّ بسرعة. لا احبها. لا جلد لي في اللعب في مباراة غير حماسية".
تخطي عقدة الإتحاد الإسكندري
فريق الحكمة كان ضرورياً زمن الإحباط المسيحي. لكن، ماذا عن رسم شارة الصليب على صدر إيلي مشنتف؟ هل جارى إرادة أنطوان الشويري أم أتت حركة عفوية؟ يجيب: "في ذاك النهار الذي رسمت فيه إشارة الصليب كنا ضدّ الإتحاد الإسكندري في بطولة العرب النهائية. وأتذكر أنني صعدت مع أنطوان نهاراً الى سيدة حريصا. صلينا فوق. لم نكن مطمئنين. الإتحاد الإسكندري غلبنا في كل مرة واجهناه فيها. كانت هناك عقدة منه. لكن إيماننا كان- وحياة الله- مثل الصخر. وكنت كلما رددت الأبانا والسلام أشعر بالفرق وتتحسن نفسيتي. يومها، صليت ورسمت شارة الصليب وربحنا".
ماذا عن تلك الصفعة الشهيرة التي رمى بها أحد اللاعبين؟ ماذا عن قدرة إيلي مشنتف على السيطرة على أعصابه؟ يجيب: "صحيح. صفعت احدهم. كان اللاعب حسين توبة في النادي الرياضي. شتم شقيقتي فلم احتمل. وبعدها أصبحنا صديقين. يومها، حصلت مشادة في الملعب فأتى من بعيد ودفعني فقلت له: شو خصك؟ أجاب بشتيمة: "... أختك. صفعته. كانت الإهانة مباشرة. بعدها سافرنا كمنتخب وحين انتهينا خلعت حذائي ووقعته وأهديته إياه. أتذكر أنه كان حذاء أبيض وأحمر (أديداس) أخذ كثيراً من العزّ وقتها".
تلقى إيلي مشنتف رسالة خليوية للتو من وليد دمياطي. وفادي الخطيب كان مدللاً لديه ويحبه: "هو مثل أخي ونتصل ببعضنا دائماً ولا شيء تغيّر. ويستطرد: أجمل شيء في الحياة هو نشر الحبّ. المسامحة موجودة في الإنجيل. وأنا أسامح لكني لا أنسى. كثيرون أذوني سامحتهم لكني لم ولن انسى ما فعلوه. جاسم قانصو صديقي. وياسر الحاج أيضا..."نقاطعه بسؤال: من يسمعك يشعر أنك تعرضت الى أذى كبير من شخصيات قريبة؟ يجيب: "أوووووف. كثيراً كثيراً. ودائما هناك من يسألني: ما هي مميزاتك فأجيب: طيبة قلبي. وثقتُ بأشخاص ونحرت بسكاكين وتعلمت دروساً كثيرة. هناك شيء ينكسر ولا تعود العلاقات نفسها بعد الطعن في الظهر كما قبل ذلك".
هل في عالم كرة السلة التنافسية صداقات حقيقية؟ يجيب: هناك دائماً في العلاقات "صعود وهبوط" لكن المحبة تستمر. بنيتُ صداقات مع لاعبين في فريق الرياضي والمواجهة في الملعب لم تنهها. صحيح، هناك أشخاص لا أحبهم وألعب ضدهم بشكلٍ قاس".
بدر مكي صديقه أيضا: "لم نبتعد يوماً عن بعضنا. ومثل الدكتور إبراهيم دنيا (طبيب العيون). أول مباراة خضتها في العمل بكفيا كنا معاً".
أعوام القمة
سبعة أعوام في القمّة عاشها إيلي مشنتف - وعشناها - مع فريق الحكمة: "كنت مثل طير يحلق. كنت أرى أحلامي تتحقق أمامي. أتذكر أننا لعبنا عام 1990 في بطولة حلب وخسرنا أمام الجميع واتبهدلنا وتشرشحنا. كنا في القعر. لكن، في سبع سنوات نجحنا في تحقيق كثير كثير من الالقاب. كانت الناس تعرف أن إيلي مشنتف حين يمسك الطابة في آخر ثوان فمعناه أن الربح أكيد".
لم ينتم إيلي مشنتف - الذي تشارك مع أنطوان الشويري في تخفيف خيبة المسيحيين في تسعينات القرن الماضي - الى أي حزب لكنه يعترف: "أحببتُ دائماً القوات. كنت أعيش في مجتمع أشعر فيه أن القوات هي من تحمينا. كنت أحب سمير جعجع وما زلت. كان بإمكانه ركوب أي طائرة والسفر مثل غيره لكنه أبى ذلك وضحى، علما أنه ليس وحده من صنع الحرب وشارك فيها. هو دفع ثمن قضيته وسأظل أحبّه طوال حياتي. أما حياتيا، فأنا إبن كل لبنان. ولدت في الجنوب وعشت في عبرا وكبرت مع أصدقاء مسلمين ودرست في مدرسة صيدون. القوات اللبنانية هي الأكثر قرباً من تفكيري وقلبي لكني لا أكره أحداً. احب الشيخ سامي الجميل وقائد الجيش وأحب سليمان فرنجية وأرى في حسن نصرالله كاريزما. هو تنوع قد يراه البعض تناقضاً لكني منفتح على الجميع".
هو اليوم رئيس بلدية عبرا. والمسافة بين ناديه أم13 في أنطلياس والبلدية نحو ساعة. هاتفه لا يهدأ. وهو لا يقفل هاتفه في وجه أحد. ماذا عن إيلي مشنتف السياسي؟ هل يرى نفسه نائباً أو وزيراً؟ يجيب: "إقتُرح إسمي كوزير شباب ورياضة. وانا أؤمن أن الرياضة قادرة أن تأخذ البلد الى مكان آمن". وماذا عن أول قرار قد يتخذه إذا أصبح في يوم ما وزيراً؟ يقول: "أستبدل الطاقم بأشخاص يفهمون في الرياضة وأضع آلية وأهدافاً".
إيمان بالحكمة
هل يخاف إيلي مشنتف من العمر؟ يجيب: "الحياة مراحل وأستمتع في كل واحدة منها. عشتُ الطيش في مراهقتي وخرجت مع أجمل البنات وأصبحت مشهوراً. تزوجت وأصبحت أبا. والآن، دعيني أخبرك شيئاً. أنا أعيش من أجل أولادي ومن أجلي أنا أيضاً. ولا أدّعي أبداً- كما يفعل الآخرون- أنني اعيش من أجل عائلتي فقط، ما زلت أمارس التمارين الرياضية يومياً وأعمل "مثل الوحش" وطاقتي نفسها وطموحي نفسه وأحلامي كبرت. ولن أتوقف عن كل ذلك إلا حين اموت. يومها ينتهي كل شيء".
ماذا عن حلم يلحّ عليه هذين اليومين؟ يجيب: "أحلم اليوم أن يعود فريق الحكمة الى المراكز الأولى. إيماني كبير بهذا الفريق. صحيح أنا انتقدت الحكمة كثيراً يوم غادرته، من محبتي، لكني اليوم مؤمن أن هذا الفريق اصبح قادراً أن يُنجز. هذه المجموعة الحالية من لاعبين وإداريين مميزة جداً. وأعتقد أن أهم ما علينا فعله هو أن نضع أيدينا في أيدي بعضنا البعض ويكون هدفنا واحداً ولا بُدّ أن يعود الفريق ويحلّ على منصات التتويج. هذه المجموعة التي تُشكل الفريق مع المدرب الجديد الياس زوروس قادرة أن تعيد أمجاد النادي. ونحن سنواكبها ونقدم لها كل ما تحتاج إليه. إقتربنا كثيراً من اهدافنا ولا بُدّ ان نصل. أطمئن جمهور الحكمة لأول مرة منذ وقت طويل: يعيش نادي الحكمة إستقراراً والإستقرار يولد النجاحات".
يتحدث مشنتف عن مشاريع وأحلام وتوقعات: "قريبا سننقل النادي أم 13 الى ارض قريبة، مساحتها 3000 متر، وستكون هناك ثلاثة ملاعب مقفلة. هذا المكان لم يعد يستوعب عدد طلاب الأكاديمية". بارعٌ هو أيضا في البيزنس ويقول: "تلقيت "ضروبي" كثيرة وسقطت ووقفت مجدداً وعدت وسقطت ووقفت والآن هناك بعض الإستقرار في العمل وفي حياتي الخاصة". هو يعيش حاليا علاقة حبّ بعد انفصاله عن زوجته.
أول أجر تقاضاه تراوح بين 1500 و2000 دولار. ماذا عن آخر أجر تقاضاه من نادي الحكمة؟ يجيب: "15 ألفاً. ولم يكن هناك أي لاعب آخر يقترب من هذا الأجر. فأنا كنت حاملاً 28 لقباً في جيبي والعروضات كانت كثيرة".
هناك لعبة أخرى إقتحمت قلبه غير كرة السلة: "التنس لعبتي المفضلة" ويستطرد: "أنا في الرياضة هجومي. لا أتنازل بسهولة. أقاتل من أجل كل طابة وأعشق التحديات".
أحبّ الألقاب الى قلبه هو الأول: البطولة العربية: "في تلك اللحظة "عبطت" الكأس، شديته الى صدري، وشعرت أن أحلامي تتحقق أمام عيني". هل كانت "عبطة" الكأس بحجم عبطة طفلته الأولى أليشا؟ يجيب: "صدقيني شعرت أننا حققنا المستحيل. شعرت أنني أمسكت العالم بين يدي. لم أكن أصدق ما وصلنا إليه. وكرّت السبحة".
نجح إيلي مشنتف ورفاقه ذات يوم، بإرادة انطوان الشويري وحلمه، بأن يعيدوا الى طائفة مسيحية عاشت القهر والسجن والإبعاد، الأمل بأن الحياة تستمر وممكنة هنا. ألا يُقال أنه لولا الأمل لما عاش المظلوم الى اليوم؟ نجاح فريق نادي الحكمة في تسعينات القرن الماضي، زمن الإحباط المسيحي، كان لا بُدّ منه، ليكون كما نور شمعة في زمن حالك السواد. حلقت الحكمة آنذاك. ونور الشمعة يُفترض ألّا ينطفئ.