أدوية ضغط الدم تُحسّن فرص النجاة من كورونا؟

02 : 00

يكشف بحث جديد أن أخذ بعض أدوية ضغط الدم قد يُخفّض احتمال الإصابة بحالة حادة من فيروس "كوفيد - 19" أو الوفاة بسببه.

في بداية انتشار فيروس كورونا، سادت مخاوف كبرى من احتمال أن تتفاقم العدوى بسبب نوعَين من الأدوية المستعملة لمعالجة ارتفاع ضغط الدم، وتحديداً مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين.

يعطي نوعا الأدوية مفعولهما عبر التفاعل مع مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 (تقع هذه المستقبلات على سطح الخلايا المرتبطة بتنظيم ضغط الدم، وتُعتبر شائعة في خلايا القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي).

يستعمل فيروس كورونا الجديد تلك المثبطات للدخول إلى الخلايا المضيفة في جسم الإنسان. افترض بعض العلماء سابقاً أن أخذ مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين يزيد عدد تلك المستقبلات، ما يؤدي إلى تفاقم العدوى.

لكن في أيار 2020، نشرت مجلة "ميديكل نيوز توداي" دراسة صغيرة نسبياً لم ترصد أي رابط بين أخذ تلك الأدوية ومخاطر الإصابة بفيروس "كوفيد - 19".جمع الباحثون في بريطانيـــــا حديثاً بيانات من 19 دراسة لطرح أكبر تحليل تجميعي حتى الآن حول هذه المسألة. يقدم بحثهم تطمينات إضافية مفادها أن الأدوية لا تزيد خطر الإصابة بحالات حادة من فيروس كورونا أو الوفاة بسببه. كذلك، تذكر الدراسة أن استعمال تلك الأدوية على المدى الطويل (يأخذها أيضاً المصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية) قد يُخفف حدة العدوى ويُحسّن فرص النجاة.

نُشرت النتائج في أحدث عدد من مجلة "تقرير تصلب الشرايين الحالي". تعاون الباحثون في جامعة "إيست إنغليا" في "نورويتش"، بريطانيا، مع "مستشفى جامعة نورفولك ونورويتش" لتحليل بيانات 28872 مصاباً بفيروس "كوفيد - 19". فركزوا على المرضى في وحدة العناية المُركّزة حيث كانت الحالات "حرجة" لدرجة أن تتطلب استعمال أجهزة تنفس اصطناعية.

كان ثلث المرضى مصابين بارتفاع ضغط الدم وأخذ ربعهم نوعاً من مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين.

يقول المشرف الرئيس على الدراسة، فاسيليوس فاسيليو، من كلية "نورويتش" الطبية: "تشتق هذه النسبة المرتفعة من المرضى على الأرجح من زيادة احتمال التعرّض لحالات حادة من "كوفيد - 19" لدى المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم والسكري. لكننا أثبتنا هذه المرة غياب أي أدلة على تفاقم العدوى أو زيادة خطر الوفاة بسببها نتيجة أخذ تلك الأدوية. حتى أننا رصدنا تراجعاً في احتمال الوفاة والمضاعفات الخطيرة، ما يعني أن الأدوية قد تعطي أثراً واقياً، لا سيما لدى المصابين بارتفاع الضغط".

في المجموعة التي تأخذ الأدوية بسبب إصابتها بارتفاع ضغط الدم، تراجع احتمال المضاعفات الخطيرة أو الوفاة بنسبة 33% مقارنةً بمن لم يأخذوا تلك الأدوية.

تكشف النتائج أيضاً أن نسبة الخطر قد تتراجع لدى جميع من يأخذون الأدوية، بما في ذلك الفئة التي تستعمل الدواء لمعالجة أمراض قلبية ووعائية أخرى. لكن لم تكن هذه النتيجة مهمة من الناحية الإحصائية.

يوضح فاسيليو: "فيما يستعد العالم لمواجهة موجة ثانية من العدوى، من الضروري أن نفهم أثر هذه الأدوية على المصابين بفيروس "كوفيد - 19". يطرح بحثنا أدلة مهمة على ضرورة متابعة استعمال تلك الأدوية إذا كان المريض يأخذها أصلاً. لكن لم تُحلل الدراسة مدى قدرة الأدوية على تحسين الحالة عند إعطائها إلى مصابين آخرين بالعدوى. بعبارة أخرى، لا نعرف بعد مفعول مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين على المريض الذي لا يأخذ تلك الأدوية أصلاً".

يذكر الباحثون أن البعض توقف عن أخذ نوعَي الأدوية بعد قراءة تقارير عن مخاطرهما المحتملة في بداية الوباء، مع أن الأطباء أوصوا المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية حينها بمتابعة أخذ تلك الأدوية: "قد تنذر الأمراض القلبية والوعائية تزامناً مع التقاط فيروس "كوفيد - 19" بزيادة المضاعفات الخطيرة المرتقبة أو ارتفاع خطر الوفاة، لكنّ هذه الأدوية ليست مسؤولة عن الضرر على الأرجح".

أخيراً، يعترف العلماء بحدود بحثهم لأنه حلل بيانات مشتقة من دراسات مبنية على المراقبة. لاستخلاص استنتاجات جازمة، لا بد من إجراء تجارب عيادية تقارن بين مرضى يأخذون الأدوية عشوائياً أو يشكلون مجموعة مرجعية.

كذلك يؤكد ستيفن إيفانز، أستاذ في علم الأوبئة والصيدلة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، على أن التجارب العيادية وحدها قد تطرح أدلة حاسمة حول آثار الأدوية على المصابين بفيروس "كوفيد - 19".


MISS 3