معالجة فيروس كورونا تزيد مقاومة المضادات الحيوية؟

02 : 00

قد يؤدي استعمال المضادات الحيوية لدى المصابين بفيروس "كوفيد - 19" إلى ترسيخ ظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات. في هذه الحالة، تصبح الجراثيم مقاوِمة للمضادات الحيوية. قد تظهر تداعيات هذه العملية لدى عامة الناس وتترافق مع عواقب سامة في البيئة. إنه الاستنتاج الأساسي الذي توصّل إليه بحث جديد أجراه علماء من جامعة"بليموث" و"صندوق مستشفيات رويال كورنوال" في بريطانيا. نُشرت النتائج في "مجلة العلاج الكيماوي المضاد للميكروبات".

طرح فيروس كورونا المستجد مشاكل كبرى على مستوى الأنظمة الاجتماعية والرعاية الصحية حول العالم وقد يكون انتشار ظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات جزءاً من العواقب المحتملة.



بيانات من مستشفيات طوارئ بريطانية


لإجراء تقييم شامل للسلامة البيئية ومعالجة المخاطر المحتملة على الأسماك والشبكات الغذائية المرتبطة بها، افترض الباحثون أن كميات المضادات الحيوية التي تُستعمل في عمليات معالجة مياه الصرف الصحي تعطي أثراً كبيراً في هذا المجال. يشمل هذا التقييم تحليل أعداد المرضى في مستشفيات الطوارئ التي نشأت موقتاً في أنحاء بريطانيا ومراعاة قدرات العلاجات المنتقاة وعمليات تخفيف مياه النهر لاستخدامها في المستشفيات والبلدات المحيطة.

استعمل الباحثون بيانات عن الأثر البيئي استناداً إلى أبحاث سابقة وأدوات طوّرها قطاع صناعة المياه في بريطانيا. لأغراض توضيحية، ركّز العلماء على مستشفى طوارئ واحد في بريطانيا، وهو مستشفى "هاروغيت" الذي يَسَع 500 سرير.

توصي توجيهات "المعهد الوطني للتميّز في الرعاية الصحية" حول فيروس "كوفيد - 19" بأن يتلقى المصابون بالعدوى مضادات حيوية من نوع الدوكسيسيكلين أو الأموكسيسيلين أو خليطاً من أدوية أخرى إذا اشتبه الأطباء بوجود عدوى جرثومية. لكن تنصح تلك التوجيهات أيضاً بعدم إعطاء المضادات الحيوية أو التوقف عن أخذها في حال غياب تلك العدوى.

انطلاقاً من هذه الأفكار، توقّع الباحثون الآثار المحتملة لسيناريوات مختلفة تشمل استعمال المضادات الحيوية خلال أزمة فيروس كورونا، تزامناً مع انشغال جميع أسرّة المستشفى وتلقي 70 إلى 95% من المرضى دواء الدوكسيسيكلين أو الأموكسيسيلين.

تجدر الإشارة إلى أن دواء الأموكسيسيلين يُستعمل لمعالجة مجموعة واسعة من الالتهابات الجرثومية، بما في ذلك التهابات الرئة والحلق والجلد والأذن.


مخاوف بيئية من الأموكسيسيلين ومقاومة مضادات الميكروبات؟


يقول المشرف الرئيس على الدراسة، توماس هاتشينسون، أستاذ في البيئة والصحة في جامعة "بليموث": "تكشف البيانات المرتبطة بالأموكسيسيلين تراجع احتمال أن تتأثر أنواع الأسماك وحيوانات برية أخرى بهذا الدواء مباشرةً، لكن تبرز مخاوف بيئية محتملة من ظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات إذا بلغت قدراتها أعلى المستويات".

يضيف شون كومبير، أستاذ في الكيمياء البيئية في الجامعة نفسها وأحد المشاركين في الإشراف على الدراسة: "استناداً إلى أبحاثنا السابقة، نعرف أن كميات كبيرة من الأدوية شائعة الاستعمال تمرّ بعمليات معالجة وتصل إلى قنوات المياه التي نستخدمها. من خلال فهم آثارها على نطاق واسع، قد نتمكن من توجيه أي قرارات مستقبلية حول اختيار العلاجات المناسبة في زمن الأوبئة، فضلاً عن تحديد مواقع مستشفيات الطوارئ وطريقة التحكم بالأدوية والمخلفات".

أما ماثيو أبتون، أستاذ في كلية العلوم الطبية الحيوية في جامعة "بليموث" وأحد المشرفين على الدراسة، فيستنتج في النهاية ما يلي: "ترتكز جميع جوانب الطب الحديث على المضادات الحيوية، لكن تطرح مقاومة مضادات الميكروبات مشكلة قد تؤثر على حياة ملايين الناس خلال العقود المقبلة. في الوقت الراهن، يُسبّب فيروس "كوفيد - 19" معاناة هائلة ويترافق مع خسائر بشرية في أنحاء العالم، لكن لطالما كانت مقاومة مضادات الميكروبات من أكبر التهديدات المطروحة على صحة البشر ولا تزال كذلك. لقد أجرينا هذه الدراسة كي نبدأ بتوسيع فهمنا لتداعيات الأوبئة العالمية على الصحة البشرية. أخيراً، من الواضح أن وصف المضادات الحيوية بطريقة جماعية سيؤدي إلى زيادة مستوياتها في البيئة، ونعرف أصلاً أن هذه العملية تُمهّد لانتقاء جراثيم مقاوِمة للعلاجات. يُعتبر هذا النوع من الدراسات أساسياً كي نُخطط لتوجيه طريقة إعطاء المضادات الحيوية للمرضى في زمن الأوبئة مستقبلاً".


MISS 3