بعدما ارتبط اسمه بالابتكارات الثورية في مجالات الفضاء والتكنولوجيا وأذهل العالم بمركباته الفضائية وصواريخه القابلة لإعادة الاستخدام، يخطو إيلون ماسك خطوة جريئة نحو تغيير وجه التعليم، بانياً مدرسة "إيد استرا" (Ad Astra)، في تكساس، الهادفة إلى إعادة تعريف التعليم وتجهيز الأجيال المقبلة لمواجهة تحديات المستقبل. وبالفعل أغلق قبول الطلبات في المدرسة في الأول من أيلول لخريف العام الدراسي 2024-2025، بحسب ما يظهره موقعها الرسمي.
استُوحي اسم المدرسة من اللاتنينية وتعني "إلى النجوم"، ما يعكس رؤية مؤسسها الطموحة والثورية. وكانت "إيد أسترا" قد تأسست في لوس أنجلويس العام 2014 لخدمة أطفال ماسك نفسه وأطفال عدد قليل من الموظفين من شركاته مثل SpaceX. لكنها أقفلت أبوابها في 2020 أثناء جائحة "كوفيد"، وستستأنف عملها للعام الدراسي الحالي في باستروب - تكساس، على أن يتم قبول 18 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات (يُطلق عليهم المستوى الابتدائي) و30 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و9 سنوات (يُطلق عليهم المستوى الابتدائي الأدنى) للعام الدراسي الحالي. وكان ماسك قد قال في وقت سابق "إنني أجعل جميع الأطفال يذهبون إلى نفس الصف في نفس الوقت، مثل خط التجميع. ومن المنطقي أكثر أن نوفر التعليم بما يتناسب مع استعداداتهم وقدراتهم". وليس واضحاً بعد سبب جعل الأطفال في سن 3 سنوات و9 سنوات يحاولون تعلم المادة ذاتها في الوقت نفسه، ولكن بالطبع لماسك وجهة نظره الخاصة.
منهج ثوري
يختلف منهج "إيد استرا" بشكل جذري عن المناهج التقليدية. فهو يركز على التعلم العملي من خلال التجربة والاكتشاف، بدلاً من الحفظ والتلقين، التعاون والعمل الجماعي لتشجيع الطلاب على العمل معاً في فرق لحل المشكلات وتطوير الأفكار، التكنولوجيا الحديثة من خلال استخدام أحدث التقنيات في التعليم، مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وتخصيص برامج تعليمية تناسب احتياجات وقدرات كل طالب على حدة. أمّا أهداف المدرسة فححدت على أنها تعزز الابداع والتفكير النقدي بشكل مستقل وحل المشكلات بطرق مبتكرة، وتركز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، لتزويد الطلاب بالمهارات اللازمة لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، وتشجيعهم على تطوير أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع واقعية، وتعليم الطلاب كيفية التعلم بشكل مستقل وفعال، وتزويدهم بالأدوات اللازمة لمواصلة التعلم طوال حياتهم.
تحدّيات تحت المجهر
اذاً، تشكل مدرسة ماسك رؤية طموحة لمستقبل التعليم، ولكنها قد تواجه الكثير من التحديات مثل التكلفة التي لم تحدد بعد، ومن المتوقع أن تكون مرتفعة جداً، مما يجعلها غير متاحة للجميع. كما أنّ التركيز على تطوير مهارات النخب يوسع الفجوة التعليمية، ناهيك بالاعتماد الكبير على التكنولوجيا وما ينتج عنها من تقليل التفاعل الاجتماعي بين الطلاب والمعلمين.
في النهاية، لا شكّ أنّ "إيد أسترا" مشروع مثير للاهتمام، رغم أنه لا يزال في مراحله الأولى. ومن المبكر الحكم على نجاحه أو فشله، ولكن من المهم متابعة هذه المبادرة من كثب ومناقشة آثارها المحتملة على مستقبل التعليم.