روي أبو زيد

فنانو لبنان ومثقّفوه ينعون سمير حنا

سلّم على صباح وليلى كرم والكلّ وقل لهم إنّ لبنان ما زال مقبرة الفنان!

7 أيلول 2020

02 : 00

شيعت بلدة كرخا الجنوبية عصر أمس "عنتر الغناء" الفنان سمير حنا. وترأس صلاة الجنازة في كنيسة مار يوحنا الحبيب في البلدة، راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران إيلي حداد وعاونه لفيف من الكهنة، في حضور سامر عون ممثلاً رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، رئيس رابطة مخاتير منطقة جزين أنطوان عون، رجال دين، رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات سياسية وحزبية وفنية وحشد من أبناء البلدة والجوار وأصدقاء الراحل.

وقد رثاه أمير شعراء العرب الشاعر ميشال جحا وووري بعدها في مدافن العائلة. ويتقبل أهالي الفقيد التعزية على هواتفهم، بسبب التعبئة العامة.

وكان حنا توفي السبت عن 74 عاماً بعد صراع مع مرض السرطان الذي اختار أن يبدأ من حنجرة قدمت المئات من الاغاني قبل أن ينتشر في جسد صاحب اللون الجبلي اللبناني الأصيل.

وقد نعته نقابتا "محترفي الموسيقى والغناء في لبنان" و"الفنانـــين المحترفــين في لبنـــــان"، ووصفته الثانية بأنـــــه "رمز من رمــــــوز الفن الجميل".





وكتبت مديرة أعماله نورما عبدالكريم على تويتر: "رحيل الفنان الكبير سمير حنا. ألف رحمة على روحه. عز علي نشر هذا الخبر. أكتب كلمة وأتوقف لدقائق. أنا مديرة أعماله نورما عبد الكريم. آلمني رحيله كثيراً، وقلبي يبكي دماً على هذا الأب والاخ والصديق".

وأضافت: "سمير حنا كان يتعالج بسبب هذا المرض الخبيث منذ بضعة أشهر، لكنني لم أنشر الخبر بيوم من الأيام. ولأن سمير لا يحب أن يحمّل أحباءه ومعجبيه هموماً فوق همّ لبنان والأوضاع المعيشية وكورونا، ولأن كل إنسان همه يفوق الخيال. سمير حنا ماذا عساي أن أقول لك أو عنك وأنت الرجل المحترم الذي لم ينس الله يوماً والكنيسة تشهد لك. رحمك الله يا آدمي".

عُرِف سمير حنا بإيمانه الكبير وبعيشه أصول الحياة المسيحية على أوجّها، فهو كان مشاركاً دوماً في كنيسة سيدة الانتقال للروم الملكيين الكاثوليك في الاشرفية، حيث كان يرنّم على مذابحها كلّ أحد، وخصوصاً ترنيمة "اليوم علّق على خشبة" صادحاً من خلالها صوته في الكنيسة.

ولد الفنان الراحل العام 1946 في قرية كرخا- قضاء جزين، تزوج من الفنانة هلا عون وانجبا ابنة تدعى ماريا، ثم انفصلا.

بدأ مشواره مغنياً في الرحلات وجوقة الكنيسة في عين الرمانة، ثم في سهرة اكتشفه فيها صاحب "دار الصياد" الراحل سعيد فريحة، فعرّفه إلى النجمة صباح التي اصطحبته معها إلى إفريقيا.

في أرشيفه الفني مئات الأغاني منها: "معليش الله يسامحك" للموسيقار الياس الرحباني الذي قدم له حوالى 18 لحناً، "خصرك لما مال" للفنان الكبير إيلي شويري، "يا منديلها الطاير"، "الليلة يا ويلي شو بدو يصير"، "يا قمر لو رحت بعيد"، "يللي مش عارف اسمك"، "قالولي عنك دلوعة"، "قالولي كتبوا كتابا"، "لبسنا شراويل جدودنا". لكن ما الذي يقوله زملاؤه عن حنا ومحبته؟ «نداء الوطن» التقت بعضاً منهم للوقوف عند آرائهم؟

يشــير نقيب الممثليـن اللبنانيين الساـبق جان قسيس الى أنّ «فناني الزمن الجميل يغادروننا واحداً تلو الآخر، بمفارقة أنهم كانوا يجتمعون على الألفة والمحبة والأخلاق، بعكس فناني اليوم».ويضيف قسيس: «تعرّفتُ على سمير حنا منذ سبعينات القرن الفائت بواسطة شقيقه نبيل إذ كانت تجمعنا علاقة وطيدة».

ويشدد على أنّ «حنا فنان رافقنا في مراهقتنا، وأغانيه أحدثت نقلة نوعية بواسطة بساطتها وجمالها والرومانسية التي تحملها»، مردفاً أنه «تميّز مثل طوني حنا بشاربيهما علماً أنّ لا علاقة قرابة تجمعهما، فسمير من الجنوب وأما طوني فمن منطقة جبيل».





ويعتبر قسيس أنّ «فن سمير حنا جعلنا نتذوّق نكهة جديدة من الأغاني الشبابية المعاصرة. فمن كان يتوقّع أن «صاحب الشنبات» الذي يجب أن يغني اللون الجبلي قدّم أغاني رومانسية؟»

وإذ يشدد على أنّ «حضور حنا كان قريباً جداً الى القلب»، يعتبر قسيس أنّ «أعماله ممزوجة بطيبة الضيعة ورقي الرومانسية». ويختم قسيس بحزن: «ضيعانو سمير حنا... بكّر»، مضيفاً بعتب: «للأسف نتذكّر فنانينا العظماء حين يفارقوننا».

وتلفت الاعلامية دانييل قزح الى أنه «خلال دردشة معه بالإذاعة قلت له: ما موقفك إن طُلب منك إزالة شاربيك؟ فيجيبها حنا بانتفاض: «باطل! ليش شو بيسوى الرجال بلا شواربو ولما يفتل فيهم؟ ليضيف: حين ألتقط شاربيّ أقول الحقيقة».

وتؤكد قزح على أنه «كان عاتباً أنّ لا أحد يسأل عنه وعن عمالقة الزمن الجميل والأصيل»، مضيفة: «رايحين بزمن الفوفاش». وتختم بحزن: «اشتقنا لعودة زمن الرجال الحقيقيين وليس لذكور اليوم، فالرجل موقف وحضور وقيمة إنسانية وللأسف نفقد هذه القيم اليوم مع غياب كلّ رجل حقيقي» وتتساءل: «عن أي فن سنتحدث بعد عقــــود من الزمن؟»

من جهته، يعرب الملحن طارق أبو جوده عن حزنه لغياب حنا، ويقول بحرقة: «رحمك الله يا حبيب قلبي وصديقي وأخي الكبير».ويضيف: «لا يمكنني نسيان اي لحظة كنا نمضيها سوياً، ولا يمكنني التغاضي عن تشجيعك لي إذ قمت بغناء اللحن الأوّل الذي لحّنته في حياتي».ويختم أبو جوده: «كان من الضروري رؤيتك قبل أن تودّعنا».

من ناحيتها، توجهت الإعلامية غابي لطيف الى حنا بصوت تملؤه الغصّة، لتقول له: «كم كنا نلتقي يا سمير خلال الحرب اللعينة. رحلت وما زالت بيروت حزينة ومنكوبة. سمير صاحب القلب الصافي والصوت الهادر. أودعك من بعيد كما أودع قطعة من ذكرياتي. وهي ذكريات وطن».

ويعتبر الإعلامي زاهي وهبه أنّ «الأغنية اللبنانية خسرت شخصاً جديداً ممن طبعوها بمزيج من العنفوان الجبلي السخي والبساطة الريفية الآسرة وقصص العشق والفتوّة الناعمة».

ويختم وهبه: «وداعاً سمير حنا وأحرّ العزاء لأسرته ومحبيه».

بدوره، يعرب الممثل وسام حنا عن حزنه الشديد بوفاة «قريبه وابن منطقته»، ويقول بأسف: «معليش... لا تحزن يا ابن منطقتي، إذ اعتدنا جميعنا كشعب وإعلام ونقابات ودولة أن نذكر كبارنا بمنشور على «السوشيل ميديا»حين يموتون». ويضيف حنا: «كنت صاحب طرفة، لكنّ الغصّة تملأ قلبك فضلاً عن لومك لكلّ الظلم الموجود حولنا». ويختم حنا: «لا تحزن يا صديقي، هذا هو قدر الفنان في بلدنا. سلّم على صباح وليلى كرم والكلّ. قل لهم إنّ لبنان ما زال مقبرة الفنان!»

من جهته، يعتبر الإعلامي والممثل شادي ريشا أنّ «سمير حنا‬ قمة في الحرفية، الاحترام، الاخلاق والاصالة»، معرباً عن اسفه «لما آل اليه وضع الفنان اليوم في لبنان». ويختم ريشا بحزن: «لروحه الراحة والسلام».


MISS 3