جورج بوعبدو

الشاعر سمير نخلة: حاسة السمع تغيّرت ونعيش حالةً من الشذوذ الفني

9 أيلول 2023

02 : 06

أحبّ الشعر منذ نعومة أظفاره فهو متحدر من عائلة مجبولة بالشعر وحب الوطن، فالشاعر رشيد نخلة الذي كتب النشيد الوطني اللبناني هو سلفه، إذن هو كاتب بالفطرة. أتقن الكتابة في سن مبكّرة وكان شغفه بالفن كبيراً لدرجة أنه قرر تعلّم آلة البيانو ولكنه لم يتمكن من ذلك لعدّة أسباب. شغفه بالكتابة والأدب جعله قارئاً نهماً فكان يستفيد من كل كتاب أو مرجع أو شعر يقرأه، متّخذاً من جبران خليل جبران مثالاً ومن السيد المسيح مرشداً. بدأ مسيرته الشعرية مع فنانين كثر قبل أن يذيع صيته. أوّل أغنية ناجحة ألفها كانت من نصيب الفنان جوزيف نمنم وهي «أهلك ما بدن ياني» التي تناقلتها الأجيال. تعاون مع الملحن سيتراك في أغنية «أسمر يا حلو» للفنانة القديرة سميرة توفيق فاحتلت الأغنية عنوان الألبوم وقلوب الناس محققةً نجاحاً منقطع النظير. نافس شعراء من الطراز الرفيع ولم يكن قد تجاوز التاسعة عشرة، فانهالت عليه العروض ليحتوي أرشيفه مئات الأعمال لفناني الصفّ الأول من وديع الصافي وسميرة توفيق وجوزيف نمنم إلى عاصي الحلاني ووائل كفوري ونانسي عجرم ونجوى كرم وملحم زين ومايا دياب وغيرهم. ما زال مستمراً في العطاء حتى الساعة ويطمح الى تحقيق المزيد. «نداء الوطن» التقت شاعر الأغنية المخضرم سمير نخلة فدار حوار مشوّق حول الفنّ وقضاياه.


مع شادي جميل



من يسمع باسمك يعرف أنك فنان مخضرم. كيف استطعت مواكبة الأجيال والبقاء موجوداً مع مرور الزمن؟

من أغنية «أهلك ما بدّن ياني» و»أسمر يا حلو»، وصولاً إلى أغنية بدنا نولّع الجو لنانسي عجرم، تغيرات كثيرة طرأت على صناعة الأغنية، فالفن تغيّر وبات كل شيء مرتبطاً بالتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي. لذلك كان عليّ كشاعر مواكبة العصر والبحث عن مواضيع ملائمة للفنانين تحاكي الجيل الجديد. كان كذلك ضرورياً أن أعمل مع ملحنين وموزعين موسيقيّين عملوا على تطوير أنفسهم. لو لم اتبع هذا الاسلوب كان انتهى دوري وتوقّف بي الزمن كما هي حال كثر من أبناء جيلي. ولا شك في أن هذا الأمر يتطلّب جهداً كبيراً لأنني ابحث عن الكلمة الراقية في زمن تغيّرت معالمه وناسه وليست تلك مهمّة بسيطة.

لماذا برأيك ما زالت الأعمال القديمة صامدة رغم طغيان الحداثة على صناعة الأغنية؟

صُنعت الأغاني التي قُدّمت في زمن العمالقة بإتقانٍ كبير وبكمية وافرة من المواهب. كانت هذه الاغاني بالتالي شاملة لكافة المواضيع والحالات الاجتماعية، لذلك صمدت وما زالت راسخة في أذهاننا. ولكن هذا لا ينفي وجود أغانٍ ضاربة في عصرنا هذا، لنأخذ مثلاً أغنية نانسي عجرم «ما فيي عيش إلا معك». من منّا لا يتذكرها أو يرددها؟ بعد خبرة طويلة في المجال الفني تطوّر الحدس لدي وبعد النظر فبات بإمكاني توقّع الأغنية الناجحة، وأنا لا أتساهل في تركيبة الأغنية وأتعاطى بالمباشر مع الملحن والموزّع وأكون متيقظاً لإتمام العمل بنجاح كي يصل إلى الجمهور بالشكل المطلوب.

كيف تصف تجربتك مع وائل كفوري ونانسي عجرم؟

تربطني علاقة وطيدة بجميع من كتبت لهم، وتعدّ تجربتي مع وائل كفوري بالناجحة فأنا أول من أدخل الأغنية الرومنسية إلى نمط كفوري، من أغنية «يا حبيبي قرّب ليي»، و»يا هوى روح وقلّو»، و»جنّ الهوى ورماني»، وأنا قلبي مشتاق»، و»إنت علمتيني اعشق»، و»ما صدقت عيوني»ّ وغيرها... ثم كرّت السّبحة من بعدي ولحقني الجميع.

كذلك كانت تجربتي جميلة مع الفنانة نانسي عجرم في أغنية «لون عيونك»، و»نام بقلبي»، وأخيراً «بدنا نولّع الجو»، وكلها أغان ضاربة حققت عجرم من خلالها نجاحات منقطعة النظير، ونحن اليوم على تواصلٍ مستمر وفي صدد إطلاق أغنية جديدة ستبصر النور قريباً.



مع وديع الصافي



هل أنت مستعد لكتابة أغنية لفنانٍ يشقّ طريقه أم تحصر تعاونك بأعلام الفن ونجومه؟

أنا مستعد دائماً للعطاء، فأنا في حالة تطوير ذاتيّ دائم لأتماشى مع الجيل الجديد ومتطلباته، خصوصاً أني لست بعيداً عن الشباب وأواكب تطلعاتهم وما يستسيغون بحيث أكون سنداً للفنان المبتدئ الموهوب فأشقّ له طريقاً نحو النجومية لأنّ الأغنية هي الأساس. أما من ناحية التعاطي فإن النجم يعلم ماذا يريد وما ينقصه، فيكمل بذلك وجهة نظر الكاتب فيسعيان لإنجاح العمل. يحتاج الفنان الجديد الى دعم مادي كبير وتنقصه الخبرة في التسويق وإدارة الأعمال في أغلب الوقت، لذلك فإنّ طريقه تكون شاقّة ولكنها ليست مستحيلة خصوصاً في حال كان يملك صوتاً جميلاً وكان مستعداً لتحمّل الضغوط لدخول غمار الفن.

إلى أي مدى تحنّ إلى الوسائل القديمة في صناعة الأغنية؟

أحن كثيراً إلى الأغنية القديمة وطريقة العمل في الأيام الغابرة ولكنني أحنّ أكثر إلى الفنانين والملحنين القدامى وطريقة التعاطي الشفافة. طالما تمنيت لو ولدتُ في عصر العمالقة على غرار أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الاطرش ووديع الصافي وفيروز وصباح، لكنت أغنيت المكتبة الفنية أكثر. من جهةٍ أخرى لا أظن أن العمل بوسائل قديمة يجدي نفعاً اليوم، فكلّ شيء تغيّر، حتىّ حاسة السمع تغيّرت وهناك حالة من الشذوذ الفني وبات الناس يستمعون بأرجلهم.

هل أنت ناقم على الفن اليوم؟

لا أبداً، وحبذا لو نرتقي بالفن أكثر، فأنا ماضٍ في مسيرتي ولن أغيّر نمطي من أجل التجارة أو أيّة أسباب أخرى، وعلى الجميع الرجوع إلى ضمائرهم لمنع الانحدار الحاصل.




مع هنري زغيب



كيف تفسّر إجتياح الأغنية المصرية السوق الفني؟

بعد النجاح الذي حققته الأغنيات المصرية تبيّن أن صناعة الأغنية في مصر في تطوّرٍ مستمر ودائماً ما نتفاجأ بأفكارٍ جديدة من حيث الكلام واللحن والتوزيع وهذا دليل عافية، وأظن أن هذا طبيعيّ في بلد يبلغ عدد سكانه 105 ملايين نسمة.

أنا أحب اللهجة المصرية ولذا كتبت أغاني كثيرة بها منها لرامي عياش. أفتش دائماً عن الأغنية الناجحة من أي بلد أو لهجة كانت، لأن لهجة الأغنية ليست معياراً لنجاحها.

ما الفائدة المادية التي تعود عليك من الأغنيات التي تذاع أو تغنّى؟

أتقاضى مبالغ مادية من الـ Sacem ولكن هذا ليس كافياً، لأن هذه الأخيرة لا تعمل في لبنان في الشكل المطلوب، ولتصويب المسار عليها إقامة المؤتمرات والندوات وإنشاء برامج وورش عمل تعرّف بواسطتها على دورها الفعال في حماية حقوق الملكية الفكرية للأغنية وكيفية الاستفادة منها. وأتمنى أن يتحقق هذا الأمر ليعود الحق إلى أصحابه، لأن الفنان اليوم يحصد النجاح كاملاً من أغان لا يملكها وهي ملك الكاتب والملحن في الأساس.



هل من أعمال جديدة لك قريباً؟

أنا في طور التحضير لأعمال جديدة لنجوم عرب ولبنانيين، من أبرزهم حسين الجسمي ونانسي عجرم، وأسعى إلى تعاون مع محمد عبدو. فلينتظرني الجميع في أعمال جميلة ترضي كافة الأذواق.

كلمة أخيرة من منبرنا؟

أشكر «نداء الوطن» على اهتمامها الدائم بالثقافة والفن، فأنا أتصفحها يومياً وأتابع كافة أخبارها لأنها شفافة وصادقة، وما زلت متعلقاً بالورق حتى اليوم لأن في قراءتي للجريدة متعة ونكهة فريدة لا توفرها الأجهزة اللّوحية.



مع الياس الرحباني



مع سيمون أسمر ووائل كفوري



مع ملحم زين



مع جورج خبّاز



مع طارق أبو جودة


MISS 3