في خضم الأزمات المتلاحقة، لم تكن كرة القدم بمنأى عن تأثيرات الوضع الأمني المتدهور. حيث أُجبر الاتحاد اللبناني لكرة القدم على تعليق كافة الأنشطة الرياضية بداية من تشرين الأول 2024 وحتى نهاية تشرين الثاني من نفس العام، نتيجة الحرب على لبنان. القرار الذي اتخذته الجهات المعنية جاء حفاظاً على اللاعبين والجماهير، وحرصاً على السلامة العامة في ظل الأوضاع غير المستقرة. ورغم هذا التوقف القسري، يظل الشغف بكرة القدم مستمراً، إذ لا تزال الأعين تتوجه نحو المنتخب الوطني، الذي يعتبر الأمل الوحيد في المشهد الرياضي اللبناني في هذه الفترة العصيبة.
المنتخب اللبناني، الذي يستعد لخوض تصفيات كأس آسيا 2024 في آذار المقبل، هو المتضرر الأكبر من هذا التوقف. كان من المفترض أن يواصل المنتخب تحضيراته المكثفة استعداداً للمباريات. إلا أن الواقع الأمني يفرض نفسه، ليترك المنتخب في حالة من التوقف القسري، فلا تمارين منظمة، ولا تجمعات منتظمة للاعبين، وهو ما يهدد بوجود فجوة فنية وبدنية قد تكون مؤثرة على أدائه في التصفيات.
بدوره يواجه الاتحاد اللبناني لكرة القدم اليوم تحديات غير مسبوقة، يسعى جاهداً للتغلب عليها للحفاظ على استمرارية اللعبة وسط أجواء أمنية متوترة تهدد مستقبل كرة القدم في لبنان. في خطوة جريئة، قرر الاتحاد إقامة معسكر تحضيري في قطر لخمسة أيام استعداداً لمواجهتي المنتخب الوطني ضد تايلند في 14 تشرين الثاني وميانمار في 19 من الشهر عينه.
وائل شهيب، عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد، تحدث لصحيفة نداء الوطن بصراحة قائلاً:" إن كرة القدم اللبنانية تمر بمرحلة حرجة، خاصة بعد الأحداث الأمنية على عدة مناطق والتي تشكل ركيزة أساسية للعبة، مثل البقاع والجنوب، حيث تتعرض هذه الأندية لضغوط تعيق قدرتها على التماسك واستئناف أنشطتها الرياضية بسرعة، فور انتهاء الحرب".
آمال كبيرة رغم التحديات الأمنية
وأضاف:" في ضوء هذه الأوضاع، يدرس الاتحاد تمديد قرار تجميد عقود اللاعبين، مع الحرص على أن تتلقى الأندية تعليمات واضحة لدفع مستحقات اللاعبين عن شهر أيلول على الأقل كاملة، قبل أن تتفاقم الأزمة. وفي مبادرة لعدم الوصول إلى ما وصفه شهيب بـ"السيناريو الأسوأ"، يُبقي الاتحاد الباب مفتوحاً أمام الأندية لاتخاذ قراراتها بشأن المستحقات خلال فترة التوقف.
وإضافة إلى المعسكر القطري، تلقى الاتحاد اللبناني دعوة من نظيره الكويتي لخوض مباراة ودية أمام منتخب الكويت في 12 من كانون الأول، وهي خطوة تُدرس بعناية لضمان جهوزية اللاعبين. كما يعمل الاتحاد على تأمين ملاعب آمنة لتدريبات المنتخب، مع الاستمرار في طلب دعم مالي من الاتحاد الآسيوي و"الفيفا" عبر "صندوق الأزمة الإنسانية"، لإيجاد طوق نجاة للأندية اللبنانية. إذ تتجه الأنظار الآن إلى الاتحاد اللبناني، الذي يُسابق الزمن للحفاظ على مستوى لاعبيه والاستعداد للمرحلة المقبلة في ظل هذه التحديات.
المنتخب اللبناني يبقى في قلب العاصفة، وبينما يعاني الجميع من تداعيات الحرب والدمار، تبقى كرة القدم على الرغم من كل شيء حلماً يسعى اللبنانيون لتحقيقه، وأملًا لا ينطفئ في قلوبهم مهما كانت التحديات. فلبنان لن ينهزم، حتى وإن كانت الملاعب خاوية، لأن الأمل دائماً ما يولد في قلب كل تحدٍ وكل صعوبة.