راشيل علوان

"الشبح" الصينيّة في مواجهة نظيرتها الأميركيّة

بكين تتحدّى الهيمنة الجوية لواشنطن

خلال استعراض جوّي صيني في زوهاي الأسبوع الماضي (رويترز)

لم تعد الصين "القوة الصاعدة"، وهي صفة لازمتها لسنوات طويلة، ويبدو أن الولايات المتحدة قد تواجه تحدّياً في الاحتفاظ بتفوقها العسكري في العالم عموماً، وفي منطقة المحيطَين الهندي والهادئ خصوصاً، إذ إنّ الصين "صعدت" بالفعل، وباتت تملك ترسانة عسكرية مهمّة تحاول من خلالها منافسة الترسانة الأميركية.


فمقابل مقاتلتي الشبح الأميركيّتين "أف 35" و"أف 22"، مقاتلتا شبح صينيّتان جديدتان ظهرتا للمرّة الأولى في معرض الصين الدولي للطيران والفضاء هذا الشهر، هما "جي 35 ايه" و"جيه 20 أس".


تعدّ "جيه 20 أس" (نسخة من "جيه 20"، أوّل طائرة مقاتلة شبحية صينية)، النموذج الأوّل والوحيد لطائرة قتالية شبحية ذات مقعدَين في العالم، مجهّزة لمهام قتالية وتجسّسية، وتعمل على توسيع أسطول المقاتلات وحماية الطيارين البشريين بكلفة أقلّ من المقاتلات الحالية. كما هي قادرة على توجيه الطائرات بلا طيّار لتوجيه الضربات والعمل كمنصّة إنذار مبكر في الجو.


أمّا "جي 35 ايه"، فقد صُمّمت لتكون أكثر قدرة على المناورة، ويُمكنها أداء مجموعة واسعة من المهام، بداية من الهيمنة الجوية وصولاً إلى تنفيذ الضربات الدقيقة والسريعة. كما يُمكنها تنفيذ الإقلاع القصير والهبوط العمودي، إضافة إلى تمتعها بقدرات تخفّ معززة، ومعلوماتية تمكّنها من التكامل مع الشبكات والاستخبارات.


ومع هذين النموذجَين الجديدين، تصبح الصين الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة التي تمتلك مقاتلتين شبحيتين من الجيل الخامس. فهل تغيّر هذه القدرات الجوّية الصينية قواعد اللعبة في مجال الطيران الحربي؟


الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية العميد المتقاعد خليل الحلو ينفي لـ "نداء الوطن" تغيير القدرات الصينية هذه لقواعد اللعبة، مؤكداً أن مقارنة القوة العسكرية لا تكون فقط بالسلاح مقابل السلاح. فسلاح الجوّ الأميركي، إضافة إلى "أف 35" و"أف 22"، يملك "أف 15"، وهي أفضل مقاتلة في العالم بمقوّمات لا تُضاهى.


وقوّة الطيران الحربي لا تقاس فقط وفق التقنيات والتكنولوجيا التي تتمتع بها الطائرة، بل تقاس أيضاً بحجم المطارات الجوية وحاملات الطائرات التي تملكها أي دولة. فبكين لا تملك حاملات طائرات نووية متحرّكة كواشنطن، مزوّدة بأنظمة متطوّرة للحماية، حيث تكون المقاتلة قادرة على اجتياز مسافات طويلة. وتركز الصين قواعدها الجوية المحدودة الإمكانات على عدّة جزر تحتلّها في المحيط الهادئ، وهي ثابتة غير متحرّكة، ما يجعلها أكثر عرضة للمخاطر.


ويؤكد الحلو احتفاظ واشنطن بتفوقها العسكري، أقلّه في السنوات العشرين المقبلة حتى تمتلك الصين ثقافة بحرية كأميركا. فقوة الولايات المتحدة وسيطرتها على محيطات العالم تكمن في بحريتها البالغة نحو 140 سنة. أمّا البحرية الصينية، فغير قادرة على الذهاب نحو المياه العميقة، وقوتها البحرية الوحيدة تكمن في الغواصات ذات الدفع النووي التي تملكها.


من هنا يُشير الحلو إلى تحسّب الولايات المتحدة للقوة العسكرية الصينية المتنامية، لكنها لا تزال بعيدة من موازنة وتهديد قوة الولايات المتحدة، خصوصاً أن النمو العسكري الصيني الذي يتماشى مع نموها الاقتصادي، يُمكن أن يواجه عوائق مالية عديدة قد يبطئ عملية بناء القوتين البحرية والجوية الصينيّتين.


إذاً، السباق سيبقى محموماً بين الصين والولايات المتحدة في السنوات المقبلة، وعلى ما يبدو سيُشكّل الذكاء الاصطناعي العسكري مستقبل الحروب، فمَن يسبق مَن في هذا المجال، بكين أم واشنطن؟