محمد دهشة

تتطلع المدينة إلى أعياد هذا الشهر لاستعادة النشاط التجاري

غادر النازحون صيدا فعاد الركود إلى أسواقها

في خضمِّ الحرب الإسرائيلية الضروس على لبنان، وبخلافِ الكثير من المناطق اللبنانية، شهدت مدينةُ صيدا خلال الـ 66 يوماً نشاطاً ملحوظاً في أسواقها ودورتها التجارية، إذ شكَّلت ملاذاً آمناً للنازحين من مختلفِ مناطق الجنوب، وأصبحت مركزاً لحركةٍ اقتصاديةٍ استثنائية.



وهكذا، شهدت صيدا ومنطقتها، التي احتضنت عشرات الآلاف من النازحين في مراكز إيواءٍ ومنازل أبنائها، حركةَ بيعٍ كثيفةً .لكن هذه الحركة اقتصرت على السلع الشعبية والخدمات الضرورية واحتياجات الحياة اليومية من طعام وشراب وملابس وغيرها، ما أنعش الأسواق، وبخاصةً البسطات منها، ودفع عجلةَ الاقتصاد المحلّي إلى الأمام.



وأعاد وقف إطلاق النار وعودة النازحين إلى بلداتهم، الأسواق في صيدا إلى حالتها الطبيعية التي تتسمُ بالركود النسبي. وبدا واضحاً  التراجعُ في الإقبالِ على الشراء. وانخفضت الحركة التجارية إلى مستويات ما قبل الحرب لأنها كانت نشاطاً موقّتاً، كما يقول التجار أنفسهم.



ويؤكد رئيس "جمعية تجار صيدا وضواحيها"، علي الشريف، لـ "نداء الوطن"، أن الانتعاش كان في الأسواق الشعبية عموماً، وتحديداً البسطات والعربات الجوَّالة وكلّ ما يتعلقُ باحتياجات الناس من طعام وشراب، وخاصةً للأطفال وكبار السن، ولم يصل هذا الانتعاش إلى المحالِّ التجاريةِ العامة التي بقيت تعاني الركودَ حتى اليوم.



ويضيفُ الشريف: "إن الانتعاشَ لم يشمل أيّاً من الكماليات. وبقيَ ما بين 80 - 90% من هذه الكماليات على حالها من الجمود، بينما شهدت البسطات الشعبية حركةَ بيعٍ ملحوظة لأن الناس كانت تسعى إلى تدبير نفسها بأقلِّ الكلفة الممكنة، وهي بحاجة إلى كلِّ شيء بعدما نزحت من منازلها وقراها دون أيِّ شيء".



ويوضح الشريف أن الحربَ أثَّرت على كلِّ القطاعات العاملة التي تعطلت أو تعثرت، ومن ضمنها القطاعُ التجاريُّ في المدينة، الذي كان يشهدُ حالةً من الركودِ حتى قبلَ بدءِ الحرب، فانتقل خلالها إلى حالةٍ من الشللِ شبه الكليِّ ولا يزال، فاقمها تزايدُ التعديات والمخالفات في شوارع السوق التجاري من بسطاتٍ وعرباتٍ وفوضى ركن السيارات بداخله، إلى جانب مشكلة تراكم النفايات فيه، ما استدعى تحرُّكاً مشتركاً من قبلِ البلدية وجمعية التجار وبالتنسيق مع فاعليات المدينة والقوى الأمنية لإعادة تنظيم أوضاع السوق على هذه الصعد.



لم يفقدْ بعضُ التجارِ الأمل بأن يُشكِّل النصف الثاني من شهر كانون الأول الجاري، أي مع اقتراب موسم الأعياد الميلادية ورأس السنة، فرصة للتعويضِ عليهم من بعضِ الخسائرِ التي تكبَّدوها خلال الأعوامِ السابقة، حيث أقفل بعضُ المتاجر وأُصيب البعضُ الآخرُ بالإفلاس.



بيدَ أنَّ الشريف يؤكد أن شهر كانون الأول من كلِّ عامٍ لم يعُد يشكلُ رافعةً لتعويضِ الخسائر. فمنذ بدء الأزمة الاقتصادية في العام 2019 مروراً بجائحة كورونا والخلاف السياسي، تراجع إقبال الزبائن نتيجة ترتيب الأولويات واحتجاز الأموال في المصارف. ولم ينف الشريف أن السوقَ يتحركُ نسبياً بسبب دخول فصل الشتاء واضطرار الكثيرين لشراء احتياجاتهم من الثياب.



وأملَ الشريف أن ينجحَ لبنان باجتياز أزماته في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية، ويتمّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة قادرة على وضعه مجدداً على سكة الإنقاذ المنشود، لأن الاستقرار السياسيَّ والأمنيَّ يُساهمان في الازدهار الاقتصاديِّ والنهوض المرتجى.