جواد الصايغ

هل يُنهي ترامب خطورتهم؟

خيارات واشنطن "الجراحيّة" في مواجهة الحوثيين

الحوثيون يُجاهرون بعدائهم لأميركا (رويترز)

عندما يتسلّم الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب مهامه رسميّاً في 20 كانون الثاني المقبل، سيكون على موعد مع ملف مهمّ في الشرق الأوسط لم يكن موجوداً على طاولته بالزخم الحالي في المكتب البيضوي خلال ولايته الأولى. أصبح الملف اليمني واعتراض الحوثيين السفن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، من الملفات الأساسية في المنطقة، لا يقلّ أهمية عن ملفات غزة أو سوريا بمعاركها الحالية، أو لبنان عبر اتفاق وقف إطلاق النار.



احتجاز الحوثيين السفن التجارية في البحر الأحمر أمر يُنظر إليه من قِبل دول العالم على أنه من أعمال القراصنة، ولطالما بذل مجلس الأمن جهوداً كبيرة في مكافحة القرصنة في البحر الأحمر، حيث أصدر عدّة قرارات تستهدف القرصنة الصومالية على وجه التحديد بين كانون الأوّل 2010 وآذار 2022، بعدما كلّف خطرهم الاقتصاد العالمي حوالى 18 مليار دولار بشكل سنوي، وفق البنك الدولي.



والملاحظ أن الحوثيين الذين أعلنوا أن احتجازهم السفن هو نصرة لقطاع غزة و"حماس" باعتبارها جزءاً من محور "وحدة الساحات"، باتوا يعتمدون على خطابَين، واحد رسمي يصدر عن مسؤوليهم، وثان غير رسمي يتداوله مقرّبون ومحلّلون وكتاب محسوبون عليهم.


الخطاب الرسمي يتناول دائماً العمليات التي يقومون بها ضمن العناوين العريضة التي تركّز على الإضاءة على استهداف السفن المتوجّهة إلى ميناء إيلات للضغط على إسرائيل وخلفها أميركا وبريطانيا من أجل وقف المعارك في غزة. أمّا الخطاب غير الرسمي، فيتناول تهديدات بفرض حصار بحري على سفن أميركية وبريطانية وألمانية وصولاً حتى إلى تهديد تركيا التي تعدّ حليفاً لـ "حماس"، والتلويح دوماً باستهداف الدول العربية المجاورة.



في ولايته الأولى، لم يصطدم ترامب بالحوثيين بشكل مباشر، وذلك حتى اليوم الأخير له في واشنطن عندما أدرج الجماعة على لوائح الإرهاب، ولكن إدارة خلفه جو بايدن سارعت فور تسلّمها الحكم إلى حذفها من لائحة الإرهاب، ثمّ عادت وأدرجتها قبل أشهر، ما عكس تضعضعاً في طريقة تعاطي أميركا مع الحوثيين.



أمّا اليوم، فالممرّات المائية لم تعُد آمنة، والقواعد الأميركية في المنطقة تواجه تهديداً حوثيّاً كلاميّاً بشكل يومي، فهل تترك الإدارة الجديدة الجماعة تصول وتجول مع التأثيرات السلبية الناجمة عن عمليات اختطاف السفن، أم أن ترامب سيعمد إلى شلّ حركتها وإنهاء خطورتها ودفعها مجدّداً إلى التلهي في الداخل اليمني؟



كما صرّح مراراً وتكراراً، لا يُريد الرئيس الأميركي القادم الدخول في حروب جديدة وإرسال الجيش الأميركي للتدخل مباشرة، ولكن الحالة اليمنية الخاصة قد تدفع ترامب إلى اعتماد "خيارات جراحية" في التعاطي معها، تبدأ من تشكيل تحالف عريض ولا تنتهي باستهداف كبار القادة الحوثيين المسؤولين عن خطف واحتجاز السفن، على غرار ما جرى بداية عام 2020 عندما استهدف الأميركيون سليماني والمهندس عقب محاولة جماعات عراقية اقتحام السفارة الأميركية.



كما أن وضع الحوثيين كتشكيل عسكري في اليمن يختلف مثلاً عن وضع حليفهم "حزب الله" في لبنان، فالأخير يواجه معارضة سياسية في الداخل اللبناني لا تمتلك أي كيان عسكري. أمّا في اليمن، فالأمور مختلفة، فهناك مجلس القيادة الرئاسي، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وجماعة طارق صالح. كلّ هذه القوى لديها تشكيلات عسكرية وتسيطر على مناطق ومحافظات يمنية عديدة، ولا يتواجد أي منها على لوائح الإرهاب، ما قد يُسهّل التواصل الأميركي معها في حال أرادت واشنطن دعمها واحتضانها من أجل وضع حدّ لاعتداءات الحوثيين في اليمن والبحر الأحمر.