ميريام داموري

عندما تتحدث الأرقام…

مبابي يهمس بأسرار الأساطير

في ليلة أضاءت فيها موهبة كيليان مبابي سماء دوري أبطال أوروبا، عاد النجم الفرنسي ليضع بصمته الذهبية، محققاً إنجازاً جديداً في رحلته نحو الخلود الكروي. أمام أتالانتا، لم يكن مجرد هدف أحرزه، كان إعلاناً صريحاً بأن الأساطير لا تُصنع بالكلمات، بل بالأرقام التي تُرعب الخصوم وتُبهج الجماهير.



50 هدفاً… ومبابي يكتب روايته الأوروبية

في الدقيقة العاشرة من مباراة أتالانتا، كان كيليان مبابي على موعد مع التاريخ. تمريرة سحرية من براهيم دياز، استلمها النجم الفرنسي وكأنها كانت تنتظره وحده، مهّد الكرة بلمسة من ذهب، وأطلق قذيفة أرضية عانقت الشباك دون أن تمنح الحارس فرصة للتفكير. بهذا الهدف، وصل مبابي إلى الهدف رقم 50 في دوري أبطال أوروبا، ليعادل رقم مواطنه تييري هنري، ويصبح ثامن أفضل هداف في تاريخ المسابقة.


لكن ليلة الأرقام لم تكتمل كما أرادها مبابي. في الدقيقة 37، سقط أرضاً، يئن من إصابة مفاجئة، واضطر لمغادرة الملعب وسط قلق جماهير ريال مدريد وصمت أنصار اللعبة. خرج، لكنه ترك إرثاً صغيراً في تلك الدقائق، إرثاً يحمل وعداً بمستقبل أكثر إبهاراً.



الأرقام لا تكذب

50 هدفاً في 79 مباراة فقط، هذا هو كيليان مبابي، ثاني أصغر لاعب يصل إلى هذا الرقم التاريخي بعمر 25 عاماً و356 يوماً. ورغم هذا الرقم المُبهر، يظل ليونيل ميسي متربعاً على عرش الشباب، بعدما حقق هذا الإنجاز في عمر 24 عاماً و284 يوماً خلال عام 2012.


مبابي لم يكتفِ بالدخول إلى قائمة العظماء، بل بدأ بتضييق المسافة بينهم. هو الآن خلف كريم بنزيما (90 هدفاً) في قائمة أفضل الهدافين الفرنسيين، ولكنه يضع عينيه على قمة الهرم التي يحتلها كريستيانو رونالدو بـ 140 هدفاً، ويطارده ميسي بـ 129 هدفاً.



حلم يتحقق بسرعة الضوء

عندما تنظر إلى مسيرة مبابي، ترى أكثر من مجرد أهداف، ترى شاباً يحمل أعباء التوقعات بشجاعة القادة. في كل مرة يدخل الملعب، يبدو كأنه يحارب الزمن ليحفر اسمه بين أساطير اللعبة. أرقامه تقول الكثير، لكنها لا تعكس كل شيء. إنها مجرد البداية، وإمكاناته تجعله مرشحاً لكتابة تاريخ جديد، ربما لم نشهده من قبل.



 هل بدأ العدّ التنازلي لزمن جديد؟

ما يميز مبابي ليس فقط سرعة أقدامه ولا حدّة تسديداته، بل عقليته التي لا تقبل إلا بالمزيد. في عمره، كان ميسي ورونالدو يبنيان أسطورتيهما، واليوم، مبابي يسير على نفس الخطى، وربما بوتيرة أسرع. لا أحد يعلم إن كان سيحطم أرقامهما، لكن المؤكد أن التحدي بدأ، وأن الزمن سيحكم بين هذه الأجيال.



أسطورة تتشكل أمام أعيننا

في كرة القدم، نادراً ما تشهد لاعباً يصنع التاريخ وهو بالكاد في منتصف مسيرته. كيليان مبابي هو هذا الاستثناء النادر. كل هدف يسجله، كل إنجاز يحققه، يقترب به خطوة نحو المجد. ومع كل صافرة نهاية، يترك خلفه أثراً، وكأنه يهمس في آذان عشاق اللعبة: "أنا هنا، وأنا قادم".


مستقبل مبابي ليس مجرد قصة تُروى، بل هو كتاب مفتوح يُكتب الآن. فهل يستطيع هذا الشاب الفرنسي أن يصعد يوماً إلى قمة العالم، ويزيح الأسماء الكبيرة من عروشها؟ ما نعلمه اليوم أن كيليان مبابي هو الحاضر الذي يسرق من المستقبل، ويُعيد كتابة تاريخ دوري الأبطال بأقدام لا تعرف التوقف.