حسن إبراهيم عبد العال عبد الرحيم

الرياضة في خدمة الدول المتقدّمة

15 أيلول 2020

02 : 00

في وقتٍ أصبحت الرياضة من أولى أولويات الأنظمة العالمية لما تشكّل من واجهة حضارية للبلاد وتعكس صورة مشرقة عن شعوبها، يعيشُ لبنان إنحداراً رياضياً مخيفاً، إذ إنّ الرياضة في لبنان هي ثانوية ولا تشكل أيّة أولوية للدولة، وهذا ينعكسُ على الميزانيات الضئيلة المرصودة لوزارة الشباب والرياضة التي تعمل من دون أيّ تصوّر أو رؤية إستراتيجية مستقبلية واضحة. الرياضة اللبنانية أصبحت مفلسة في جميع مضامينها، بدءاً من الوزارة المعنية، وصولاً إلى الاتحادات والأندية. بُنى تحتية مهترئة ومهجورة، إتحادات تعيّنها السياسة وتتحكّم بها الحصص الطائفية من دون أيّ معيار أو كفاءة، أندية تشبه الدكاكين وتُدار من خلال أشخاص، بطولات معلّبة، إعلام رياضي هاوٍ ومفكك، وجمعيات عمومية وهمية لمعظم الأندية تنتجُ إفلاساً محتماً. الرياضة اليوم عبارة عن إقتصاد، صناعة، إستثمار، صحّة عامة، ثقافة، تعليم، حالة مزاجية شعبية، كما لديها لغات عدة، أهمّها لغة الأرقام التي تحتلّ أهمية بارزة في هذا المجال، ولذلك تعتمد الدول المتقدّمة على إستراتيجيات واضحة لبناء أجيال مستقبلية لديها الحثّ البدني، الصحّي وحتى العسكري. لقد تحوّلت الرياضة في الثمانينات إلى إقتصاد عنيف يؤثر إيجاباً بمسار الدول، ويفكّك عُقد الإفلاس ويحوّلها من دول معدمة إلى أخرى منتجة، وذلك من خلال إنشاء مدن صناعية رياضية التي تمثل في الوقت الراهن نحو 40% من اقتصاد الدول المتقدّمة، بدءاً من الملابس والأدوات الرياضية، مروراً بتنظيم البطولات والمهرجانات وتبادل الخبرات، وإنتهاءً بالاستثمارات الضخمة التي تدرّ ربحاً وفيراً. تدخلُ الرياضة شريكاً فاعلاً في تعزيز وتدعيم إقتصاد الدول من خلال استضافة المسابقات الكبرى، بحيث يتحرك المؤشّر الاقتصادي بشكل كبير في كافة القطاعات، من تذاكر الطيران، حجز الفنادق، تنشيط القطاع السياحي والإعلاني وحركة المبيعات اللافتة، وعندما ترتفع واردات الدولة نعرف أنّ الرياضة في البلاد تعمل بشكل جيّد وسليم. وعلى سبيل المثال فإنّ البرازيل في وقت من الأوقات كانت تعاني من الإفلاس الحقيقي، وبعد تنظيمها لكأس العالم 2014 بدأت تتخطّى حافة الإفلاس وتحرّكت وفق ملفّ إقتصادي كبير جداً أعادها إلى الخريطة من جديد.


MISS 3